القهر، الظلم التعسّف، الإكراه، صفات يمكن إطلاقها على ما يعيشه المقدسيون في مدينة القدس وضواحيها، وتحديداً منذ أن قامت دولة الاحتلال الإرهابية الفاشية باحتلال مدينة القدس عام 1967م، وهي تعمل جاهدة للسيطرة عليها وتغيير معالمها بهدف تهويدها وإنهاء الوجود العربي فيها، وقد استخدمت لأجل ذلك الكثير من الوسائل وقامت بالعديد من الإجراءات ضد المدينة وسكانها، حيث كان الاستيطان في المدينة المقدسة أولوية لكافة حكومات الاحتلال، وقد تم طرد ما يقارب ألف مواطن من المنازل، وأنشئت ساحة حائط البراق، وصودرت مساحة 17.700 دونم من الأراضي، طبقاً للسياسة الصهيونية الهادفة للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأرض مع أقل عدد ممكن من السكان... وبالأمس، طردت عائلة فلسطينية من منزلها في القدس، الثلاثاء، وسمحت لمستوطنين إرهابيين فاشيين بالاستيلاء عليه، في واقعة أثارت تنديدا دوليا. قوات الاحتلال في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، البلدة القديمة في القدسالمحتلة، حاصرت منزل المسنين نورا صب لبن (68 عاما) ومصطفى صب لبن (72 عاما) في حي عقبة الخالدية، على بعد أمتار من المسجد الأقصى، وطردت العائلة منه وأخلته وسلمته للمستوطنين الإرهابيين النازيين الفاشيين، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل منعت المتضامين مع العائلة من الوصول إلى المنزل، واعتقلت 5 منهم وفقا للوكالة، بينما اعتدى مستوطنون على العائلة الفلسطينية المطرودة. هذه الجريمة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الصهيوني بإخلاء المنزل من العائلة التي تقيم فيه منذ عام 1953، تأتي في إطار سياسة التهجير القسري والتطهير العرقي التي تنتهجها حكومة الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني، بما في ذلك إرغامها لهم على هدم منازلهم ومنشآتهم بحجة عدم وجود ترخيص لإفراغ القدسالمحتلة من أبنائها، كما يحدث بشتى الأساليب خاصة في البلدة القديمة وسلوان والشيخ جراح، مدينة القدس وأقصاها وقيامتها تعيش أسوأ حقبة منذ احتلالها عام 1967، بفعل تولّي اليمين المتطرف مقاليد الحكم في دولة الكيان الغاصب، وما تلا ذلك من إجراءات تصعيدية على أرض الواقع تهدف إلى ترسيخ السيطرة اليهودية في القدس الشرقية، في سياق سياسة التهجير القسري وإخلاء المدينة من سكانها الأصليين. وفي الحقيقة: تخضع مدينة القدس إلى سياسة تهويدية ممنهجة وشاملة، من خلال بناء جدار الفصل العنصري، وهدم البيوت والمنشآت، وقتل السكّان، وأسرهم، وإبعادهم، وسحب إقاماتهم، وتنفيذ المشاريع الاستيطانية المختلفة، وتدنيس أماكن العبادة الإسلامية والمسيحية، والقيام بحفريات تحت المسجد الأقصى المبارك، وفرض قوانين عنصرية، وغيرها من الإجراءات التعسفية بحق القدس ومقدساتها وأهلها. وفي ظل استمرار الصمت الدولي يواصل كيان الإرهاب الصهيوني قتل الإنسان وتدمير الحجر والشجر، والأيام القادمة ستشهد المزيد من الممارسات الاجرامية الإرهابية الفاشية حتماً مزيداً من التصعيد، مستثمراً انشغال العالم بأزماته الدولية المتشعبة ومنها الأزمة الأوكرانية، ويأتي التصعيد الصهيوني الإرهابي غير المسبوق من قبل الحكومة المتطرّفة التي تسعى إلى جرّ المنطقة إلى حرب دينية، ستصل ألسنة لهبها إلى مسافات بعيدة. ما يتطلّب حراكاً بالمستوى المطلوب من الشارع العربي والإسلامي وحتى الدولي، باعتبار قضية القدس مسؤولية مشتركة بين كافة المسيحيين والمسلمين في هذا العالم. طرد عائلة صب لبن تطور خطير يندرج فى إطار سياسة إفراغ المدينة المقدسة من المقدسيين وكذلك لترسيخ التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك، لكن شعبنا لن يرفع الرآية البيضاء وسيقاوم كل السياسات الصهيونية الإرهابية مهما كانت التضحيات الجسام وستبقى مدينة القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين وستظل تنزف ألماً ووجعاً وحزناً طالما بقى الإحتلال الصهيوني الارهابي النازي الفاشي جاثماً عليها