مقوّمات ضخمة ومنفذ مهم لإفريقيا لم يعد ملف انضمام الجزائر إلى مجموعة "بريكس"، ملفا يعني السلطات العليا في البلاد لوحدها، بقدر ما أصبح مطمحا شعبيا، بعدما ارتفعت أسهم "بريكس" في الآونة الأخيرة إعلاميا، ما جعل اهتمام الجزائريين ينصب حول اجتماع القمة ال15 لهذه الدول الذي سينعقد غدا الاثنين بجوهانسبورغ عاصمة جنوب إفريقيا، وهذا لعدة اعتبارات، منها التموقع الحيوي المعتمد على مؤهّلات في مستوى ما تملك الجزائر، ضف إلى رصيدها البارز من تجارب في حلّ الأزمات وموقعها من خريطة التحوّلات، خصوصا الطاقوية منها. أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة البيض عبد الرحمان مساهل، أن الاجتماع القادم لمجموعة بريكس الاقتصادية، سيخصص لدراسة انضمام بعض الدول التي تقدمت بطلب رسمي، وهي تفوق 20 دولة منها دول عربية وأخرى افريقية، على غرار الجزائر التي تبدو على رأس تلك الدول، المرشحة أو المرشح الأوفر حظا. الجزائر تتمتع بوزن دولي لافت أما عن أهم الأسباب التي تجعل الجزائر الأوفر حظا، فقد لخصّها أستاذ الاقتصاد في عدة نقاط أبرزها أنها قريبة من رؤية مجموعة "بريكس"، وهي ضرورة تأسيس نظام عالمي جديد مبني على تعدد الأقطاب، وكسر النظام المهيمن السابق الذي فرضته الدول الغربية، خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية التي أفرزت عن تكتلات جديدة من شأنها إعادة الخارطة العالمية والقضاء على الهيمنة القطبية الأحادية التي سادت في العالم. السبب الآخر في نظر المتحدث، هو كون الجزائر لم ترضخ للاملاءات الغربية، كما أنها مدعومة بقوة من أعضاء المجموعة الاقتصادية "بريكس"، ومن ضمن نقاط القوة في ملف الجزائر"الثقيل" التي يراها الأكاديمي، "أنها وهي دولة مهادنة ولا تفتعل المشاكل، على أي صعيد كان، كما أن رؤيتها متوازنة تجاه الصراعات والمشاكل الدولية. علما أن الجزائر تعترف دائما بالشرعية الدولية، بل وتدافع عن خيارات الشعوب وضد كل ما من شأنه المساس بسلامة الدول في إطار احترام القوانين والشؤون الداخلية لتلك الدول، وضد البحث عن حلول لهذه الأزمات خارج السبل الدبلوماسية. أما ملف الجزائر من الناحية الاقتصادية، فإن له وزن دولي خاصة في مجال إنتاج الطاقة والمناجم، يقول مساهل- كما يشدد على أنها تحوز على احتياطي هائل من الغاز والنفط وكثير من المعادن، على رأسها الحديد والفوسفات وبعض المعادن الأخرى النادرة التي لم تكتشف ولم تستغل بعد، إضافة إلى شبكات طرقها والبنية التحتية والموقع الجغرافي الممتاز، وإطلالتها على البحر الأبيض المتوسط، كما أنها يمكن أن تكون سوقا جديدة لدول بريكس ومنفذا مهما لإفريقيا. وفي هذا السياق، أكد المتحدث، أن الجزائر كانت قد طلبت رسميا الانضمام إلى البنك التابع لمجموعة "بريكس" كعضو، وبمساهمة أولى قدرها 1،5 مليار دولار، مبرزا أن مساهمة الجزائر الأخيرة في بنك التنمية الدولي الذي أطلقته بريكس، سيعزز من قوة ملفها التفاوضي ويدعم مركزها بين الدول التي تسعى إلى وضع قدم في التكتل الاقتصادي الواعد. أهم المكاسب ضمن "بريكس" ورغم أن موسكو، الصينوجنوب افريقيا، أيدت انضمام الجزائر لبريكس، لكنها ليست البلد العربي الوحيد المرشح للانضمام، حيث توجد مصر والسعودية والإمارات، وضمن هذا المنظور، تحدث مساهل عن حيثيات الأمر بقوله: "الوقت الحالي يحتاج من الدول أن تنظم إلى تكتلات سياسية واقتصادية تحمي مصالحها، لذلك فالفرصة مواتية أمام الجزائر اليوم، خاصة وأن تكتل بريكس يسير وفق الرؤية الجزائرية، وبذلك يمكن للجزائر أن تحصل على العديد من المكاسب". ومن بين هذه المكاسب - يضيف مساهل - تعزيز وجودها وتمركزها الدولي خاصة في مجال إنتاج وتسويق الطاقة باعتبار دول بريكس ومن يريدون الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية، أغلبهم منتجو الطاقة ومنتسبين للمنظمة العالمية التي تضم جميع الدول المصدرة للنفط على مستوى العالم، "أوبك"، إلى جانب تعزيز تعاونها مع الأعضاء في المجال التجاري وفتح الأسواق وتخفيض العوائق التجارية والازدواج الضريبي وغيرها من الإجراءات التجارية ضمن هذا السياق، وفق تفاهمات واتفاقيات في إطار التكتل. فضلا عن ذلك، فإن تعزيز مواقف الجزائر السياسية ورؤيتها للتغيرات الدولية، خاصة وأنها تشترك مع دول بريكس تقريبا في رؤيتها لأغلب الملفات الدولية، ومن ضمن ما ستجنيه الجزائر من انضمامها ل«بريكس"، يلخصها المتحدث في المساهمة بمشاريع تنمية تحتاجها الجزائر، حيث يلعب البنك الدولي للتنمية الذي أطلقته بريكس دورا محوريا في تمويل مثل هذه المشاريع، كما أن دخول الجزائر في هذا التكتل الاقتصادي العالمي، يمكن أن يساهم في تشجيع استقطاب الاستثمارات أكثر. أغلب رؤساء دول بريكس صرحوا بأن التكتل مفتوح للجميع، ولكن بالنسبة للذين تتوفر فيهم شروط الانضمام التي سوف يناقشها الأعضاء في الاجتماع القادم بجنوب إفريقيا، يشرح مساهل الذي يؤكد أن "الجزائر الأوفر حظا رفقة السعودية ونيجيريا ومصر". وخلص محدثنا إلى التأكيد، أن الجزائر لن تخسر أبدا في هذا الملف، وقال: "متفائلون بالاجتماع الذي ربما قد يفاجئ الكثيرين، ونتمنى التوفيق للفريق المفاوض وملف الجزائر الذي يترقب أن يحظى بالموافقة.