تعمل "إدارة سجون الاحتلال الصهيوني" بشكل مستمر على خلق حالة عدم استقرار بين صفوف الأسرى البواسل (لدواعٍ أمنية)، بهدف إعاقة التنمية الثقافية، والمهام الوطنية، وشل ساعات النهار، عبر مسلسل إرباكات وإجراءات عدائية يومية معقدة، ومستمرة، وغير محددة بوقت. في المقابل يسعى الأسرى إلى إدامة المتغيّر وتثبيته، من خلال إعادة ترتيب الأولويات، والارتكاز على قوة الإرادة، واستثمار القدرة التنظيمية. تعقيدات وإجراءات مغلّفة بدواعٍ أمنية، وقوانين وأنظمة عدائية متغيرة، وخاضعة لعمليات التمويه والتضليل، والهوس الأمني تمارس بحق الأسرى. مواعيد غير مقدسة يتم تأخيرها أو تقديمها رغم أصلها الثابت، وكل ما هو معلوم فقط "السجن" وحدود الظلام. مثلاً يعرف عن العدد الصباحي أنه يأتي عند الساعة السادسة صباحاً، لكن تتعمد "إدارة السجن" تأخيره لساعة أو أكثر، بهدف إعاقة البرنامج الرياضي للأسرى. ينطبق الأمر ذاته على فحص الغرف "الفحص الأمني"، فقد أصبح غير محدد بوقت بهدف جعل الأسير في حالة انتظار، وتعطيله عن القيام بشؤونه الخاصة الطبيعية كالقيلولة، أو الاسترخاء، أو البرامج الثقافية، أو الاستحمام، أو غيرها. إضافة إلى ما سبق، تباغت التفتيشات الفجائية الأسير بعد ساعات منتصف الليل، كالوحش المستتر، فتضرب نومه وتقلق راحته. ينطبق الأمر ذاته على البوسطة التي تقل الأسير إلى المحكمة، أو الفحص الطبي، فالبوسطة حسب البروتوكول لها مواعيد ثابتة، لكنها تتغير وفق ما تقضيه الضرورات الأمنية (حسب اعتقادهم)، لذا قد يوضع الأسير في زنازين انتظار البوسطة لساعات طويلة قد تصل لعشر ساعات. من جهة أخرى، يسعى الأسير الفلسطيني عبر مقارعته "السجان" إلى صنع حالة من الاستقرار، تودي به لقتل الفراغ، وترجمة البرامج التنظيمية، والثقافية، والرياضية، وهذا يستوجب تماهي تلك البرامج مع المواعيد غير الثابتة للإجراءات العدائية التي تفرضها "إدارة السجون"، يضاف إلى ذلك حشد الجهود والطاقات في سبيل تثبيت المتغير، والمحافظة على المقدرات، وزيادة حجم الإنجازات، وتحقيق النشاط الإبداعي للأسرى، وتعزيز الأمل العنيد المقاتل بالعقلية الثورية. إضافة إلى ما سبق، يضع الأسرى لمواجهة المتغيّر خططاً بديلة مدروسة، تقوم على إعادة ترتيب الأولويات، أو تفضيل أولوية على أخرى. قد يخطط أسير مثلاً لممارسة الرياضة بعد عدد الصباح، فتحدث حالة طارئة كاقتحام "السجانين" القسم، فينقل ممارسة الرياضة لوقت آخر، ويمارس هواية القراءة مكانها. قد تقرر اللجنة الثقافية في قسم معيّن عقد جلسة ثقافية في ساعة معيّنة، فيأتي العدد خلال ذلك الموعد، فتضطر لنقل الموعد إلى موعد آخر، وتستبدله ببرنامج آخر داخل غرف الأسرى. قد يقرّر أسير الاستحمام في موعد ما، فيأتي فحص الغرف في الموعد نفسه، فيقرّر مشاهدة التلفاز، ويستحم في الوقت المخصص لمشاهدة التلفاز..وهكذا. يتضح مما سبق نهج "إدارة السجون" في ممارسة إجراءات عدائية لا إنسانية ضد الأسرى، قائمة على تغيير الثابت بهدف كي وعيهم، وضرب استقرارهم، وشل حياتهم. يقابل ذلك بالطبع صمود وتحدٍ بطولي يجسده الأسرى، ويسعون من خلاله إلى تثبيت المتغير، أو التماهي معه بإجراءات وخطط بديلة مدروسة. لقد أصبح الواقع في السجون والمعتقلات يبيّن أنّ "كل شيء متغير، إلا الأسير يبقى ثابتاً".