في وقت تتصاعد فيه الغارات الصهيونية على مناطق متفرقة من قطاع غزة، وتستهدف منازل ومنشآت سكنية كاملة، وسط استعدادات لهجوم بري محتمل، يشهد الوضع في القطاع كارثة إنسانية غير مسبوقة، مع استمرار نزوح أكثر من مليون و400 ألف فلسطيني، نصفهم موجودون في مراكز الإيواء البالغ عددها 220 مركزاً. يعيش الفلسطينيون الذين نزحوا من منازلهم ومناطقهم في ظروف غير آمنة صحياً داخل مراكز الإيواء غير المؤهلة لعيش الأفراد لأيام طويلة في مناطق متفرقة من قطاع غزة، وخاصة داخل المستشفيات التي هي في الأصل عرضة لنقل الأمراض للنازحين بداخلها، إلى جانب مَن في المدارس التابعة للأونروا، والذين يتكدسون داخل الفصول الضيقة بالعشرات، ويستخدمون مستلزماتهم الشخصية بشكل جماعي، عدا عن تكدّس النفايات بالأطنان داخل هذه المراكز، مع توقف عمال النظافة عن العمل منذ بدء الحرب، الأمر الذي يزيد من فرص نقل الأمراض بين النازحين. ويعيش داخل مراكز الإيواء المنتشرة في قطاع غزة، قرابة المليون نازح في ظروف صعبة. وفي غضون أسبوع واحد من غياب المياه النظيفة، ظهرت حالات إسهال عديدة بين الأطفال وفق وزارة الصحة في غزة، إلى جانب تعرض البعض لأمراض جلدية تستدعي تدخلا علاجيا سريعا. لكن الواقع الصحي المتهالك الذي تعيشه غزة بفعل الحصار والعدوان الصهيوني المتواصل، يحول دون إمكانية توفير علاج كافٍ لأعداد المصابين والذين قد تزداد أعدادهم مع مرور الأيام، جراء تواصل جرائم الاحتلال ا بحق سكان قطاع غزة، واستمرار نزوح المئات من السكان من كافة مناطق القطاع إلى مراكز الإيواء. ومن أبرز مسببات الأمراض حالياً داخل قطاع غزة، لجوء النازحين وحتى المواطنين داخل مناطق سكناهم إلى شرب المياه الجوفية غير المعقمة، نتيجة توقف كامل محطات التحلية عن العمل لعدم توفر الوقود اللازم لتشغيلها، حيث إن اعتماد جميع السكان على شرب هذه المياه يزيد من احتمالية انتشار الأمراض الخطيرة ولا سيما الكوليرا . وتعتبر فئة الأطفال وكبار السن والحوامل ومرضى الضغط والسكري ومرضى الكلى، من أكثر الفئات عرضة للإصابة بالأمراض الخطيرة، حيث إن هناك حالات جفاف ونزلات معوية تصيب عددا من النازحين نتيجة شرب المياه الملوثة، والخطر يكمن في استمرار أمد الحرب ووقوع وباء خطير بين النازحين إذا ما استمر الحال الذي هم عليه. وقالت المتحدثة باسم وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، تمارا الرفاعي، في تصريحات صحافية، إن النقص الحاد في المياه النظيفة في غزة يشكل الكارثة والتحدي الأكبر بالنسبة للأونروا، في حين نخشى من انتشار الأوبئة في المدارس والمراكز التي تستقبل النازحين، بسبب غياب المياه النظيفة والأساسيات التي يحتاجها النازحون. وطالبت بضرورة السماح بتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، تحسباً من الوقوع في مزيد من الكوارث. كما حذرت منظمة الصحة العالمية من خروج الوضع عن السيطرة في قطاع غزة، في ظل تكدس المستشفيات بمئات الجثث، وخطر تفشي الأوبئة والأمراض الخطيرة بين النازحين داخل المراكز الصحية، إلى جانب توجه السكان إلى شرب المياه الملوثة، والتي تهدد بانتشار واسع للأمراض المنقولة عن طريق المياه بين المواطنين. من جهته، يقول مدير وحدة مكافحة العدوى بغزة، إن الواقع الصعب الذي يعيشه المواطنون في كافة مراكز النزوح، يهدد بتفش واسع للعديد من الأمراض الخطيرة والمنقولة عن طريق الشراب والطعام، ويزداد خطر ذلك مع توافد أعداد كبيرة يومياً من النازحين لمراكز الإيواء، وصعوبة الجهات المختصة تقديم الخدمات السليمة الكاملة للنازحين. "الأونروا" تعلق خدماتها في الضفة في الأثناء، كشفت المتحدثة باسم "الأونروا"، تمارا الرفاعي، عن أسباب قرار الوكالة بتعليق خدماتها التعليمية والصحية في الضفة الغربية، وموقف المساعدات الراهنة في قطاع غزة . وقالت "الرفاعي"، إن قرار تعليق الخدمات في الضفة الغربية يأتي بسبب عملية المداهمة والغارات الجوية التي استمرت نحو 28 ساعة بالمخيم، والتي على إثرها باتت "الأونروا" غير قادرة على مواصلة العمل في خدماتها، خاصة مع مواصلة أعمال العنف والتوترات الأمنية. وينطوي الحال ذاته على قطاع غزة، بعد تعليق العمل في المؤسسات التعليمية والخدمات الصحية التابع للوكالة، إذ أضافت المتحدثة باسم الأونروا: "نحن في حرب، وفي الحرب لا نستطيع إبقاء المدارس والخدمات الصحية بنفس الطريقة التي نعمل بها، بالإضافة أن معظم مدارس الوكالة مجهزة لتتحول إلى ملاجئ".—————— ——————