يجمع المراقبون للحرب التي تشنها القوات الصهيونية على قطاع غزة، بأن المشاهد المصورة التي تبثها كتائب القسام وسرايا القدس مذهلة، وهي وان كانت تعطي الشعب الفلسطيني والشعوب المناصرة للقضية الفلسطينية الامل والروح المعنوية في ظل مشاهد القتل والدمار اليومية التي ينفذها الجيش الصهيوني بحق الأطفال والسكان، إلا أنها كذلك تعكس حقائق الميدان، وطبيعة الحرب، ومستوى القتال. هي تعكس كذلك صورة واضحة لا لبس فيها عن ثبات المقاومة رغم كل التدمير والقصف، وقدرتها على التحكم والسيطرة، وتماسك القيادات وغرف العمليات. أمس الأول بثت القسام مشاهد لاعداد صواريخ "ال ام 90 " ذات المدى 90 كيلو مترا، قبل اطلاقها بكثافة نحو مطار "بن غوريون" الصهيوني. المشاهد كانت مهيبة وشاهدها العالم، مقاتلون بلباس الميدان الكامل، ومساحة كبيرة محصنة تملؤها منصات اطلاق الصواريخ، تنظيم وثقة ودقة في التصوير. مشاهد يومية لاحراق دبابات وعربات الجند، تصوير لعساكر الاحتلال داخل خيمة أو أمام فتحة نفق أو متحصنين في منزل مجتمعين، قبل ان يتم نسف التجمع بالعبوات. الجيش الصهيوني بالمقابل بث صورا خلال اليومين الماضيين، صورة لمنزل السنوار فارغ، أثار سخرية العالم حتى داخل الكيان نفسه، ونشرت صحيفة صهيونية كاريكاتيرا ساخرا يظهر فيه عسكري مدجج بالسلاح يطرق الباب، ويسأل امرأة من داخل المنزل "هل السنوار موجود" والمرأة ترد لا انه غير موجود في الشغل". المفارقة ان رئيس الحكومة " بنيامين نتنياهو " تباهي بهذا الإنجاز أي وصول جيشه إلى منزل السنوار. وفي الوقت الذي كانت فيه سلطات الاحتلال توهم جمهورها انها باتت قريبة من القبض على السنوار، كانت الاخبار تنقل مقتل نجل عضو مجلس الحرب الحالي ورئيس الأركان السابق "، ثم قتل ابن شقيقته لاحقا مساء امس، وبدلا من ان يتقبل نتانياهو التهاني بالظفر بالسنوار، تلقى جيشه العزاء. ومن المشاهد التي بثها الجيش الصهيوني خلال اليومين الماضيين صور لعدد كبير من الرجال المدنيين وقد جردهم من ملابسهم واجلسهم على الأرض شمال قطاع غزة، اعتقلوا من داخل مدرسة، لكن قادة الاحتلال قالوا ان هؤلاء جميعهم من حماس تم اعتقالهم، الصورة غايتها اظهار السيطرة وايهام الرأي العام في الكيان والعالم العربي ان مقاتلي حماس باتوا في قبضة الجيش الصهيوني، لكن ما كشفته الصور ان بعض ممكن جردوا من ملابسهم كانوا صحفيين يعملون في وسائل اعلام معروفة، واخرين موظفين لدى "الاونروا" ولا علاقة لهم بحماس، وعندما احرجت تلك الصور دولة الاحتلال، خرج المتحدث الصهيوني ليقول لقناة سي ان ان، هؤلاء مشتبه بهم واذا كان هناك اشخاص ليسوا من حماس فسيتم اطلاق سراحهم. في حرب المشاهد والصور وبالمعاينة بين ما يبثه الطرفين، يمكن الاستنتاج ان دولة متطورة عسكريا وتكنولوجيا تفشل فشلا ذريعا أمام حركة مقاومة محدودة الإمكانات، ويظل السؤال محيرا لدى المراقبين عن أسباب هذا الفشل الذريع للكيان الصهيوني ليس عسكريا فقط من خلال عدم القدرة بعد اكثر من شهرين على تحقيق الأهداف، انما أيضا في الأداء وتسويق الرواية للرأي العام. أما أكثر المشاهد إثارة للدهشة والسخرية بحسب معلقين، كانت مشاهد بثها الجيش الصهيوني لاشتباك عساكره مع حائط مدرسة، حيث فتحوا النار على الجدران داخل مدرسة فارغة، ولم يظهر في الشريط المصور أي طرف آخر مهاجم أو مدافع.