قصف صهيوني مكثف يحاصر غزة، لليوم الثالث على التوالي منذ انتهاء الهدنة، ليعود القطاع المدمر إلى يومياته الحزينة، حيث تدمّر المباني ويسقط الشهداء، وتتكدّس المستشفيات والملاجئ بالنازحين الذين يعيشون وضعا إنسانيا مريعا. عادت غزة إلى إحصاء ضحاياها من الشهداء والجرحى، بعد أن بدّد القصف الصهيوني أسبوعا من الهدوء في القطاع، وأعاد إليه مشاهد الركام والمنازل المدمرة وسيارات الإسعاف التي تهرع لنجدة المصابين ونقل الشهداء الذين يرتقون في كلّ لحظة وحين. مجزرة جديدة في جباليا أفادت وسائل إعلام فلسطينية وعربية بأن أكثر من مائة فلسطيني استشهدوا في مجزرة جديدة للاحتلال الصهيوني في مخيم جباليا وسط قطاع غزة. وقالت المصادر، إن أكثر من 100 شهيد سقطوا في قصف طائرات الاحتلال منزلا يؤوي عائلات ونازحين في مخيم جباليا يعود لعائلة عبيد . و هذه ليست المجزرة الأولى التي يرتكبها الاحتلال بحق الآمنين في منازلهم، والنازحين في مدارس الإيواء، سواء في جباليا، أو في أنحاء متفرقة في محافظات قطاع غزة. وكانت قوات الاحتلال قد ألقت في وقت سابق من يوم امس السبت منشورات في جباليا شمال مدينة غزة تطالب المواطنين الفلسطينيين بالإخلاء والتوجه نحو غرب المدينة. و كانت وسائل الإعلام الفلسطينية نقلت عن السلطات الصحية في غزة، إفادتها بارتفاع عدد الشهداء جراء العدوان الصهيوني في يومه الأوّل ما بعد الهدنة، إلى 240، والجرحى إلى نحو 650، فيما أعلن الجيش الصهيونيي قصف "أكثر من 400 هدف" منذ الجمعة في غزة. وبالتزامن، أفاد إعلام فلسطيني بأن زوارق حربية للاحتلال كثّفت قصفها لساحل خان يونس، كما أشار إلى أن الغارات الصهيونيةاستهدفت شرقي المغازي ودير البلح وسط القطاع. تركيز القصف على خان يونس ورفح ولم يترك الطيران الحربي الصهيوني ولا المدفعية منطقة في قطاع غزة دون قصف، لكن النصيب الأكبر منذ إعلان قوات الاحتلال عودتها لقصف القطاع كان لخان يونس ورفح، محافظتي الجنوب اللتين يطالب الكيان الصهيوني سكانهما - وجلهم نازحون - بالنزوح مجددا. وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية، أمس، إن الطائرات الصهيونية واصلت شن سلسلة غارات وصفتها بالعنيفة على منازل المواطنين في منطقتي الشيخ نصر وبني سهيلا. وأضافت أن الشظايا وصلت إلى مدرسة تابعة لوكالة الأونروا تؤوي مئات النازحين. وبحسب الوكالة، فإن المدفعية الصهيونية قصفت المناطق الزراعية الشرقية لمدينة خان يونس. وأعلن الجيش الصهيوني في بيان أن قواته البرية والجوية والبحرية ضربت أمس أهدافا في شمال قطاع غزةوجنوبه بما في ذلك خان يونس ورفح، كما أشارت وسائل إعلام للاحتلال إلى تفعيل صفارات الإنذار في عدة بلدات صهيونية منها اللد والرملة. هذا، وطالب الجيش الصهيوني سكان شمالي قطاع غزة في جباليا والشجاعية والزيتون والبلدة القديمة بإخلاء منازلهم عبر محورين مركزيين إلى منطقة درج طوبه والمنطقة الغربية بغزة. جنوبا، طالب الجيش بإخلاء مناطق في خربة خزاعة وعبسان وبني سهيلا ومعن والقرارة، والتوجه إلى رفح ومنطقة المواصي الإنسانية. حرب الإبادة ستطول و مع استئناف الجولة الثانية من حرب الابادة، تبدو قوات الاحتلال الصهيوني في غير عجلة من أمرها لإنهاء عدوانها على قطاع غزة، الذي بدأت قصفه من البر والبحر والجو في السابع من أكتوبر الماضي،و استمرّت طيلة 50 يوما تفتك بأهله وتحوّل حياتهم إلى جحيم لهدف واضح، وهو إرغامهم على الهجرة القسرية. وأوقع القصف المكثف على غزة والذي ترافق اعتبارا من 27 أكتوبر مع عمليات برية واسعة داخل القطاع، قرابة 16 ألف شهيد، معظمهم مدنيون، وبينهم أكثر من 6 آلاف طفل، وفق السلطات الصحية في غزة. وبعد 7 أسابيع من سفك الدماء، بدأ الطرفان، حماس والكيان الصهيوني،بوساطة قطرية مصرية أميركية هدنة امتدت لسبعة أيام أفرج خلالها عن أسرى صهاينة في غزة، مقابل مئات المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال . وانهارت الهدنة فجأة صباح الجمعة مثلما بدأت فجأة، وتبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن انهيارها. واتهم رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو حركة حماس ب«خرق الاتفاق" و«إطلاق صواريخ" باتجاه كيانه، وتوعدها بتوجيه "ضربة قاضية". لكن حماس نفت أن تكون قد اخترقت الهدنة، وعرضت أن يتم "تبادل أسرى" ب«مسنين" من بين الرهائن، وأن تُسلّم جثث رهائن صهاينة "قُتلوا في القصف الصهيوني ". وأعلن الاحتلال الجمعة أنه تأكد من وفاة 5 من الرهائن الذين كانوا محتجزين في غزة وأبلغ عائلاتهم، قائلا إنه قد تمت استعادة جثة أحدهم. توترعلى الجبهة الشمالية في الأثناء، وعلى الحدود الشمالية، أكد حزب اللهاستشهاد اثنين من عناصره جراء عمليات قصف صهيوني على جنوبلبنان حيث استشهد مدني أيضا. وأعلن الحزب مسؤوليته عن هجمات ضد الاحتلال. وأعلنت وزارة الدفاع السورية أن الجيش الصهيوني نفذ ضربات فجر أمس السبت في محيط دمشق، من دون الإبلاغ عن وقوع إصابات على الفور.
مصير الأسرى بعد إطلاق سراح ما مجموعه 110 أسير صهيوني منذ بدء العدوان على القطاع، بما في ذلك 105 خلال الهدنة، لا يزال هناك 136 أسيرا لدى حماس ومجموعات مقاومة أخرى وفق السلطات الصهيونية و مازال أقارب وداعمون للأسرى يضغطون على حكومة الحرب الصهيونية للافراح عنهم . وغداة زيارته للكيان، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن الولاياتالمتحدة، حليفة الكيان الصهيوني، ما زالت "تركز" على إطلاق الرهائن. متى سيرانا العالم كبشر؟ ويشهد الوضع الصحي تدهورا، إذ تحدثت منظمة الصحة العالمية عن وجود 111 ألف إصابة بالتهاب الجهاز التنفسي الحاد و36 ألف حالة إسهال لدى أطفال دون الخامسة بين النازحين في غزة. وعبّرت مروة صالح (47 عاما) التي وصلت إلى خان يونس (جنوب) بعد نزوحها من مدينة غزة (شمال) عن يأسها قائلة "ثمة قصف في كل مكان. لا طعام ولا ماء ولا ملابس لدينا. المتاجر فارغة، الجو بارد والمنفذ الحدودي مغلق" مع مصر. وقالت "متى سيرانا العالم كبشر؟ عائلتي وأنا مدنيون، لا علاقة لنا بهذه الحرب". المقاومة تشتبك وتقصف مستوطنات رغم عدم توازن القوة، تواصل المقاومة الفلسطينية المواجهة بإطلاق الصواريخ من مختلف مناطق القطاع، وتدكّ المدن المحتلّة رداً على المجازر الصهيونية، على نحو أدى إلى استنزاف القبة الحديدية. وقد أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، استهدافها حشوداً لآليات الاحتلال الصهيوني شمالي المنطقة الوسطى في قطاع غزّة، مشددةً على أنّ الاستهداف نُفّذ عبر 3 طائرات مسيرة من طراز "الزواري المسيرة". أما من ناحية القصف الصاروخي، فأكّد مراسلون،أن الرشقات الصاروخية لا تزال تنطلق من مختلف مناطق القطاع، في إطار استئناف المقاومة الفلسطينية الرّد على العدوان الغاشم. وأعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أن صواريخها تدكّ المدن المحتلة والمواقع والقواعد العسكرية للاحتلال والمستوطنات برشقات صاروخية مكثفة. ولفتت إلى أنها جدّدت استهدافها مدينة القدس المحتلّة والمدن المحتلّة في العمق الصهيوني ونتيجة تواصل إطلاق الصواريخ، كشفت وسائل إعلام صهيونية أنّ القبة الحديدية استنزفت، خلال يوم الجمعة فقط، ما يقارب 70 مليون دولار. وفي وقت سابق، نشرت سرايا القدس مشاهد عن حطام الطائرة الصهيونية "سكاي لارك"، التي أسقطتها في سماء المنطقة الوسطى في غزة. كما اعترف جيش الاحتلال بوقوع 9 إصابات في صفوفه منذ استئناف المعارك البرّية مع المقاومة الفلسطينية.