لحبه لوطنه وشعبه، والانتماء الصادق للقضية، إختار الشاب ضرغام حسني سليمان شواهنة، طريق النضال والمقاومة، ولم يتأخر عن حمل الراية رغم مسؤولياته كرب أسرة لديه ثلاثة أطفال، فتقدم الصفوف لمواجهة الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى، تمرد ورفض تسليم نفسه رغم الكمائن والتهديدات، ف«حبه للوطن وعشقه لفلسطين"، كما تقول والدته الستينية أم فارس "شكل هدفه الأول والأخير، تمتع بروح وطنية ونضالية عالية، ولم يتأخر يوماُ عن تأدية واجبه، تميز بالشجاعة والاقدام دون خوف رغم الاحتلال خلال مطاردته"، وتضيف "كل لحظة نفتقده ونتحسر على فراقه خاصة بعدما كبر أطفاله الثلاثة وهو خلف القضبان، حرمهم الاحتلال حضنه، لكنه صابر وصامد، وما زال رغم الحكم القاسي بطلاً يواصل مع اخوانه معركة الحرية.. ونسأل رب العالمين، أن يكرمه وكل الأسيرات والأسرى بالحرية واجتماع الشمل قريبة.. عائلة مناضلة.. من عائلة مناضلة ينحدر الأسير ضرغام، فخاله سامي سليمان ابراهيم جرادات يعتبر من قادة سرايا القدس ويقضي خلف القضبان، حكماً بالسجن المؤبد 35 مرة إضافة ل35 عاماً، وخاله الثاني، صالح قائد سرايا القدس، استشهد في عملية خاصة في 12 6 2003، وابنة خاله الشهيدة هنادي جرادات، ولم يسلم غالبية افراد العائلة من الاستهداف الصهيوني.. فكان منها الشهداء والجرحى والأسرى وبينهم ضرعام الذي يحظى بتقدير ومكانة كبيرة بين أهالي بلدته وعشيرته والأسرى، وتقول والدته في ريعان الشباب انتمى لحركة "فتح"، وشارك في كافة النشاطات الوطنية، كرس حياته لوطنه وشعبه وعندما كنا نسأله ما هو طموحك ؟، كان يقول بقوة وعزيمة "رؤية فلسطين حرة"، وتضيف "دوما تقدم المسيرات والمواجهات والمهرجانات التي تتخصص بالشهداء والأسرى، كما كان حريص على زيارة ومساعدة عوائلهم". محطات من حياته.. في بلدة السيلة الحارثية غرب جنين، أبصر ضرعام النور في 24 7 1978، ليكون الثاني في العائلة المكونة من 9 أنفار، وتقول والدته "تمتع بروح الطيبة والحنان وبر لوالدين، امتلك قلباً وسمات العطف والرقة ومحبة العائلة والناس، علاقتي معه كانت وطيدة، وكان شيئاً ما يجذبني إليه دوناُ عن إخوانه الاخرين، وتضيف "تعلم في مدارس السيلة، وتميز بنشاطه الطلابي والوطني وقيادته للمسيرات والفعاليات الوطنية، لكنه لم يكمل دراسته بعد الصف الحادي عشر، واختار طريق النضال والمقاومة". انتفاضة الأقصى.. فور اندلاع انتفاضة الأقصى، ورغم زواجه ومسؤولياته الأسرية، إنتسب ضرغام بشكل سري لكتائب شهداء الأقصى، وتقول والدته "لم نكن نعلم بنشاطه ودوره البارز في التصدي ومقاومة الاحتلال حتى اقتحموا منزلنا، فتشوه وكسروا محتوياته وعندما لم يجدوه هددونا بتصفيته، لكنه رفض الاستسلام"، وتضيف "اشتدت ملاحقته، وبسبب الكمائن اصبح يتنقل في كل ساحات وميادين المواجهة في كافة محافظات الوطن، فانقطعت اخباره ولم نعد نراه، فالاحتلال لم يكن يترك منزلنا وسط العقوبات بالتدمير والتخريب، فكان رد ضرغام بمواصلة مسيرته الكفاحية". الكمين والتحقيق.. أدرج اسم ضرغام على رأس قائمة المطلوبين، لكنه تمسّك بحقه المشروع في المقاومة كما تقول والدته "لم يكن يخاف أو يخشى تهديدات الاحتلال الذي طارده من منطقة لأخرى حتى حوصر واعتقل بكمين ببلدة عانين في تاريخ 31 5 2006، لتبدأ رحلة الخوف والقلق على مصيره وحياته في ظل انقطاع اخباره"، وتضيف "على مدار 100 يوم، عانى خلال فترة احتجازه في زنازين سجن الجلمة وسط التعذيب والعزل والضغوط النفسية والجسدية حتى نقل لسجن مجدو وتمكنا من زيارته والاطمئنان عليه بعد محطة العقاب القاسية والطويلة". الحكم والمرض.. تروي أم فارس، أن ضرغام وقف بشموخ وتحدي في قاعة محكمة الاحتلال العسكرية في جلسته الأخيرة، وعندما نطق القضاة بالحكم القاضي بسجنه 38 عاماً، سخر منهم ورفض ابداء الندم والتراجع عن موقفه، وبقي صامداً وثابتاً وقوي الإرادة، معبراً عن فخره واعتزازه بدوره النضالي ومقاومته في سبيل تحرير وطنه وشعبه، وتضيف "عاقبنا الاحتلال بنقل ضرغام بين السجون واحتجازه في ظروف صعبة اثرت على صحته وأصبح يعاني من تقرحات في معدته وأسنانه التي تعرضت للتكسير خلال التحقيق، ورفض الاحتلال علاجه حتى اليوم". الحرمان والطفولة.. عندما اعتقل ضرغام، ترك 3 أطفال كبروا في غيابه، ياقوت 19عاماً، عرين 18 عاماً وصالح 17 عاماً، وتقول جدتهم "كبر أحفادي على بوابات سجون الاحتلال الذي حرمهم والدهم، عانوا مثلنا الكثير بغيابه خاصة في المناسبات والأعياد، وما زالت حفيدتي ياقوت تبكي على والدها الذي لم يشاركها فرحة نجاحها في الثانوية العامة"، وتضيف «انتسبت لجامعة القدس المفتوحة بدعم وتشجيع والدها، أما عرين وصالح، فدوماً يشعران بحزن لأنهم بحاجة ماسة لوالدهم الذي لا يعوضهم عنه أحد"، وتكمل "أحفادي.. يتمنون أن يشاركهم فرحة الأعياد ليعشوا بكنفه وأحضانه ورعايته ومحبته التي ما زالوا محرومين منها ويعيشون الألم بعكس كل اطفال العالم". الصبر والأمل.. منذ جائحة "كورونا".. لم تحظى والدته وزوجته وأبناءه بزيارته التي كانت تخفف معاناتهم، فمنذ اعتقال ضرغام، لم تفرح والدته بكافة المناسبات بما فيها زواج بعض الأبناء والبنات، وتقول "معنوياتنا عالية ونعتز بصمود ابني، لكن من أين يأتي الفرح ونحن نفتقد ضرغام كل لحظة وجلسة وفي المناسبات التي تحوّلت لألم وحزن"، وتضيف "المؤلم أنه حتى قبل كورونا، عاقب الاحتلال حتى أحفادي، فضرعام أصبح عماً وخالاً ل30 حفيدا لا يسمح لهم بزيارته ولا يعرفهم إلا عن طريق الصورة"، وتكمل "نتابع أخبارهم بخوف وقلق، لكننا فوضناهم لرب العالمين ليحميهم ويستجيب لدعواتي باجتماع شملنا قريباً.. فاحتضنه واقبله حتى ينتهي الألم.. ووجع حياتي الكبير فراقه".