يقضي الأطفال حياتهم بفرح وسعادة وممارسة حقوقهم الطبيعية، باستثناء أطفال فلسطين الذين لم يتوقف الاحتلال عن استهداف بكل الطرق والأساليب وبشكل خاص الذين يرتبطون بعلاقة مع الأسيرات والأسرى، فالاحتلال لا يستثنيهم من سياساته الظالمة وفرض المنع الأمني عليهم، كأطفال عائلة الأسير محمد جمال محمد عقل من مدينة جنين الذين حرمهم الاحتلال من زيارة عمهم المعتقل منذ 17 عاماً . بدي أشوف عمي .. وكجدته الخمسينية خديجة عقل، إرتسمت على محيا الطفل جمال أحمد عقل( 7 سنوات ) ، معالم السخط والغضب خلال مشاركته في الاعتصام التضامني مع الأسرى وبينهم عمه الأسير محمد ( 39 عاماً ) القابع في سجن الاحتلال منذ 17 عاماً والذي لم يراه ولا يعرفه إلا من خلال القصص التي ترويها جدته عن بطولاته، أو من خلال الصور التي كان يحمل إحداها وهو يعتمر الكوفية الفلسطينية، وعندما سألته لماذا حضر للاعتصام ؟، أجاب بغضب " بدي أشوف عمي المسجون، عمري ما شفته وأنا حزين كثير لانه ستي دايماً بتعيط عشانه بعيد عنها، احنا بدنا كل المساجين يروحوا "، وببراءة الطفولة أضاف " نفسي يكون عمي عنا في العيد .. كل مرة بظل ستي تعيط وبتعطينا هدايا وعيديات منه، فليش ما يجي عنا عشان نفرح في العيد ؟. عقاب الاطفال كلمات الطفل الصغير، لخصت كل اشكال الوجع التي يفرضها الاحتلال على عائلات الأسرى وفتحت جراح الجدة التي ما زالت تتنقل بين السجون لزيارة أسيرها المحكوم بالسجن المؤبد 14مرة إضافة ل40 عاماً، فضمت حفيدها لصدرها وهي تخفي دموعها، وقالت " حتى الاطفال يشعرون بهذا الوجع والعذاب والظلم، الاحتلال يصادر حياة وحرية أبطالنا الذين يؤلمنا غيابهم، لم يعد بحياتنا فرح وسعادة ولا يمكن أن نشعر بمعنى الفرح مادام السجن يفرق بيننا "، وتضيف " صغبري جمال كباقي أحفادي، يعاقبهم الاحتلال بالمنع الأمني، والاطفال لم يعرفوا عمهم وخالهم ولم يلتقوه، فأي ظلم أكبر من هذا ؟، لكن للاسف العالم لا يسمعنا، ولعل صرخات جمال توصل رسالتنا وصرختنا التي لن تتوقف حتى كسر القضبان وتحطيم القيود. ظلم لا ينتهي .. في سجنه الحالي "جلبوع "، تقول الوالدة الصابرة " يواصل محمد الصمود والتحدي رغم كافة الصعوبات، يتمتع بمعنويات عالية وارادة قوية، بينما ينغص الاحتلال عليه بالعقوبات خاصة العزل، فقد عزله في بئر السبع وريمون، كما يواصل الاحتلال حرمان بعض اخوانه من زيارته "، وتضيف " نناشد كافة المؤسسات الاهتمام بقضايا الاسرى خاصة في ظل انتشار فيروس كورونا الذي اصبح عقاباً جديداً مع الاحتلال الذي يرفض توفير مقومات الرعاية والحماية لهم، أخبارهم مقطوعة ولا يوجد وسيلة للتواصل معهم، فالى متى سنبقى نعاني ظلم الاحتلال الذي لا ينتهي ؟. الأسير في سطور .. تتزين جدران منزل عائلة عقل في جنين، بصور أسيرها محمد و ابن عمه الشهيد القائد ماهر عقل ، وفي كل يوم، تستذكر الوالدة الصابرة" أم علاء"، صوراً من حياة محمد الثاني في عائلتها المكونة من 11 نفر، وتقول " محمد خلوق وطيب وبار بالوالدين، تميز بالحنان والعطاء وحب وطنه وشعبه وعائلته، فاعطى لكل واحد منهم نصيب من حياته بالتضحية والوفاء "، وتضيف " بسبب اوضاعنا الصعبة، تخلى عن دراسته للمساعدة في اعالة العائلة، فوالده يعاني من مرض مزمن منذ سنوات بعيده وحالته الصحية صعبه، فعمل بعدة مهن لكنه لم ينسى واجبه الوطني "، وتكمل " حمل راية النضال على درب ابن عمه البطل ماهر عمر عقل الذي كان من أبرز قادة حركة فتح ومؤسسي مجموعات الفهد الاسود و طورد خلال انتفاضة الحجر حتى اغتالته قوات الاحتلال في ريعان الشباب "، و تتابع " كذلك ابناء عمه عقل شقيق ماهر، ومحمد قاسم عقل وغيرهم من اقاربنا حتى علاء باكورة ابنائي اعتقلوه، ولطالما تجرعنا مرارة المعاناة على بوابات السجون أو بسبب ملاحقة الاحتلال لهم واستهدافهم. انتفاضة الاقصى .. عندما اندلعت شرارة انتفاضة الاقصى، لبى محمد النداء، فشارك بالمواجهات والمسيرات ثم انخرط بالمقاومة بشكل سري، وتقول والدته " لم نكن نعلم ببطولاته، فقد كان يعمل نهاراً ويتسلل ليلاً ليشارك في مقاومة الاحتلال بصمت، حتى كانت معركة نيسان 2002، هاجم الاحتلال جنين ومخيمها وفرض الحصار وحظر التجول، بحثنا عن محمد و لم نجده ولم يعد لمنزلنا "، وتضيف " بعد المجزرة، اكتشفنا ان محمد شارك في المعركة، ونجا من الموت والاعتقال، فقد حوصرمع مجموعة من المقاومين بمنزل في مخيم جنين لمدة 10 ايام دون ماء ولاطعام "، وتكمل " تعرض المنزل للقصف بعدة صواريخ، لكن المشيئة الالهية حمتهم ، وقبل انسحاب الاحتلال تم اعتقال بعض أفراد المجموعة وهو منهم لمدة 18 يوما وافرج عنه لعدم إدانته باي تهمة. استهداف وملاحقة .. بعد فترة، داهم الاحتلال منزل عائلة محمد الذي أصبح مطلوباً، وتقول والدته "تكررت المداهمات وحملات تفتيش وتدمير محتويات المنزل اضافة للتهديد بتصفيته، وبين الكمائن والحصار رفض محمد ان يسلم نفسه، خاصة عندما اشتدت حملة ملاحقة الاحتلال له الذي اتهمه بالضلوع في عدة عمليات فدائية "، وتضيف "عشنا الخوف والقلق على مصيره وحياته بعدما حرمنا من رؤيته بسب الكمائن، لكن الاحتلال استمر بمطاردته حتى حاصره وتمكن من اعتقاله بعملية خاصة في 2/12/2002 وعرت بفرح لانهم فشلوا في اغتياله "، وتكمل " تعرض للتعذيب لمدة 3 شهور، والاشد قساوة انه بعد التحقيق ورغم نقله لسجن عسقلان، منعونا من زيارته وعشنا عام كامل دون سماع أخباره الا عن طريق المحاكم لانه احتجز في الزنازين الانفرادية "، وتتابع " كانت اسعد لحظات حياتي، عندما شاهدته حيا رغم اعتقاله، لكن ادارة السجون نغصت علينا واستمرت باستهدافه وعقابه وخلال ذلك حوكم بالسجن المؤبد 14 مرة إضافة ل40 عاما. المرض والصمود .. صمد محمد ولم ينال الحكم من معنوياته، وشارك مع الأسرى ملاحم البطولة ومعارك الامعاء الخاوية، لكن ظروف التحقيق والسجن أثرت على صحته، وتقول والدته " يعاني من قرحة في معدته، لكنهم يرفضون علاجه، كما يعاني من مشاكل في اسنانه، وعلى الرغم من تقديم عشرات الطلبات لمتابعة وضعه الصحي، الا ان ادارة السجن ترفض "، وتضيف " لا يغيب ذكره أو صورته عن عقلي وقلبي، فمحمد حياتنا جميعا، وعندما تحل المناسبات ا، تتجدد الاحزان ولا نملك سوى الصبر والدعاء لله تعالى ان يثبتنا ويصبرنا حتى تنتهي هذه اللحظات ويجتمع شملنا من قريب "، وتكمل " كأهالي، نطالب بالتحرك وحماية أسرانا من فيروس كورونا، لان ما يمارس بحقهم من اهمال يعتبر عقاب أشد من الاحكام والسجن ، فكل مناضلي الحرية مؤمنين بقدرهم وما قدموه من تضحية، ولن يستجدوا الافراج والحرية من المحتل بل كلهم أمل بشعبهم وقيادتنا والرئيس محمود عباس بان يصروا على كسر معايير الظلم الاسرائيلية وتحريرهم كمناضلين يستحقون الحرية.