ذوو الاحتياجات الخاصة والمرأة والطفولة والمسنين عصب الاهتمامات بثبات وعزيمة راسخة، أكّدت 2023 أنّها حلقة جديدة تكمل حلقات مسار البناء والتشييد لجزائر جديدة تبنّت التغيير والإصلاحات منذ 2019 للمحافظة على ثوابت الأمة، والمضي إلى غد يعطي الجزائر المكانة التي تستحقها بين الدول، ويعطي الفرد الأولوية في كل مخططاتها الاستراتيجية، لذلك كانت الفئات الهشة من المجتمع كذوي الاحتياجات الخاصة، المرأة والطفولة والمسنين عصب اهتمامات رئيس الجمهورية منذ توليه سدّة الحكم. أولت القيادة العليا في البلاد ممثلة في السيد رئيس الجمهورية عناية خاصة بهذه الفئات التي تحتل مكانة خاصة في المجتمع، فكان دستور 2020 أول خطوة لترسيخ حقوقها من خلال مواد صريحة، المادة 40 أحدها، والتي تنص على حماية الدولة للمرأة من كل أشكال العنف في كل الأماكن والظروف، في الفضاء العمومي وفي المجالين المهني والخاص، ويضمن القانون استفادة الضحايا من هياكل الاستقبال ومن أنظمة التكفل، ومن مساعدة قضائية. أما المادة 71 فتنص على "تحظى الأسرة بحماية الدولة، حقوق الطفل محمية من طرف الدولة والأسرة مع مراعاة المصلحة العليا للطفل، تحمي وتكفل الدولة الأطفال المتخلى عنهم أو مجهولي النسب، تحت طائلة المتابعات الجزائية، يلزم الأولياء بضمان تربية أبنائهم، تحت طائلة المتابعات الجزائية، يلزم الأبناء بواجب القيام بالإحسان إلى أوليائهم ومساعدتهم. ويعاقب القانون كل أشكال العنف ضد الأطفال واستغلالهم والتخلي عنهم، كما تسعى الدولة إلى ضمان المساعدة والحماية للمسنين". وتنص المادة 72 "تعمل الدولة على ضمان إدماج الفئات المحرومة ذات الاحتياجات الخاصة في الحياة الاجتماعية، حيث يحدد القانون شروط وكيفيات تطبيق هذا الحكم". وضع دستور 2020 نصوصا صريحة لحماية الفئات الهشة من المجتمع، وتعزيز آليات التضامن الوطني من خلال دعم التكفل بالفئات الاجتماعية ذات الاحتياجات الخاصة، وتمكين المرأة وتحسين وضعها وتعزيز حقوقها، بإنشاء آليات لتعزيز نشاط المرأة والمبادرة النسوية خاصة في المناطق الريفية، مع وضع تدابير عملية لتسهيل توفيق المرأة بين مسؤولياتها الأسرية والمهنية، وتنفيذ استراتيجية وطنية لمكافحة العنف ضد المرأة وتعزيز آليات الحماية والدعم والمرافقة. ليكن خطوة أولى تبعتها خطوات متواصلة سنة بعد سنة رسخت مبدأ رفض التمييز والتهميش (الاجتماعي والنفسي) ضدها. ذوو الهمم.."القوّة الفاعلة" وضعت الجزائر منذ 2019 فئة ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن أولوياتها لدمجهم في المجتمع، وجعلهم جزءاً مهمّا في عجلة التغيير، دورهم مهم على اعتبار أنّهم - كما قال رئيس الجمهورية - "إنّ ذوي الاحتياجات الخاصة قوة فاعلة، ومهمة للتغيير الذي تتطلّبه معالم بناء مؤسّسات الجمهورية الجديدة". وصف صريح واضح يرفض حرمان هذه الفئة من دورهم في عجلة التغيير وبناء الجزائر الجديدة، لذلك تسهر آليات التضامن الوطني على ضمان التكفل بالفئات الاجتماعية ذات الاحتياجات الخاصة، لاسيما في مجال التربية والتعليم والتكوين والادماج المهني، وكذا الخدمات الاجتماعية. مجهودات تعكس اهتمام الدولة الجزائرية بحقوق الاشخاص ذوي الهمم لاسيما الاجتماعية، التابعة من خصوصية توفير سبل العيش الكريم لهم، ووضع نظام خدماتي خاص يتضمن منح واعانات مالية تم تثمينها مؤخرا بموجب قرار السيد رئيس الجمهورية في أفريل2023، بتخصيص منحة 12000 دج لكل معاق بنسبة 100 %. وانطلاقا من مبدأ أن التنمية المستدامة الحقة لذوي الهمم، تتطلّب تركيزا ينصب على احتياجاتهم وحقوقهم ليس فقط كمستفيدين، ولكن كمساهمين ناشطين في جميع مناحي الحياة الاقتصادية والثقافية والسياسية. يشرف قطاع التضامن خلال الموسم الدراسي 2023 - 2024 على تسيير نسيج مؤسساتي يتكون من 293 مؤسسة متخصصة، و17 ملحقة تتكفل بتربية وتعليم الاطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، بعدد يفوق 30 ألف طفل متمدرس من ذوي الهمم فضلا عن ادماجهم في الأوساط المدرسية العادية بواقع 1304 قسم خاص، وبتأطير بيداغوجي يفوق 15 ألف مؤطر. صرح علمي فريد في هذا السّياق، تمّ إنشاء المدرسة العليا لأساتذة الصم والبكم باعتبارها صرحا علميا فريدا بتخصصه، ثريا بمضمونه، هادفا بمغزاه، لكونه سيعزّز قدرات ومؤهلات الاطفال من ذوي الاعاقة السمعي. ويذكر أنّ المدرسة العليا لأساتذة الصم والبكم، تضم حاليا أزيد من 912 أستاذ في طور التكوين، يؤطرهم 46 أستاذا وذلك ضمن 15 تخصصا علميا تمّ إنشاؤها بناء على تعليمات رئيس الجمهورية، علما أن المرسوم التنفيذي الخاص بإنشائها كان قد صدر في 25 ديسمبر 2021. كما يحرص القطاع على دعم الحركة الجمعوية الناشطة في مجال الاعاقة، ويشجّعها على فتح مراكز متخصصة للتكفل بالأطفال ذوي الاعاقة الذهنية، فضلا عن فتح مجال الاستثمار امام الخواص في مجال التكفل بالإعاقة الذهنية، فضلا عن تعزيز التنسيق مع قطاعات الثقافة والرياضة للاستثمار في مواهبهم الابداعية وتطويرها. في ذات السياق، يعمل قطاع التضامن تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية على تشجيع مجال المقاولاتية، وتخصيص مشاريع مكيفة لهم قصد تسهيل اندماجهم الاقتصادي في التنمية الوطنية. وعن آليات توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة في المؤسسات العمومية والهيئات المستخدمة العمومية والخاصة في المطالبة بتخصيص 1 بالمائة على الأقل من مناصب العمل لتلك الفئة، حيث شدّدت المادة 4 على أنه لا يجوز اقصاء أي شخص معاق بسبب إعاقته من مسابقة اختبار مهني أو مقابلة تتيح الالتحاق بمنصب عمل. وتلزم المؤسّسات المعنية بتوظيف المعاقين بإخطار رؤساء المؤسسات ومراكز الامتحان المؤهلة بتنظيم الاختبارات والمسابقات والامتحانات والاختبارات المهنية قصد القيام بالتهيئة والتكييف المنصوص عليها في القانون 10 أيام قبل تاريخ إجراء اختبارات هذه المسابقات والفحوص المهنية، كما تلزمها أيضا بإيداع جدول عروض مناصب العمل في الوظائف الشاغرة المخصصة للأشخاص المعوقين. في ذات السياق، تقوم مصالح الوزارة المكلفة بالتضامن الوطني سنويا بالتنسيق مع مصالح الوزارة المكلفة بالتشغيل والسلطة المكلفة بالوظيفة العمومية بمتابعة مدى تطبيق وتقييم الأحكام والتدابير المنصوص عليها. من جهة أخرى، وضعت وزارة التضامن استراتيجية تم اتخاذها سنة 2020 قصد تسهيل لفئة ذوي الإعاقة استحداث مشاريع خاصة بما يتلاءم ومؤهلاتهم وتماشيا مع قدراتهم، عن طريق آليات ترمي إلى مرافقتهم عبر مختلف مراحل خلق النشاطات المصغرة التي تسمح لهم بإبراز إبداعاتهم، وتمنحهم فرص لضمان الاستقلالية المالية والمشاركة في مجال التنمية. أمّا في إطار التأهيل المهني، فهو ذلك الجانب من التأهيل المستمر المترابط، الذي ينطوي على تقديم الخدمات المهنية كالتوجيه المهني والتدريب المهني والتشغيل ممّا يجعل ذوو الاحتياجات الخاصة قادرين على الحصول على عمل مناسب والاستقرار فيه، ولعل هذا العنصر هو أهم ما تسعى الدول لتحقيقه، ومن ثم تحقيق رعاية فعلية لهم تنطلق من تحفيز إمكانياتهم الخاصة الداخلية لمساعدتهم على مساعدة أنفسهم، تطبيقا لما أقرّه المشرع الجزائري بحق هذه الفئة في العمل. المرأة عماد الجزائر الجديدة أكّد رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة أنّ المرأة "عماد مسيرة الجزائر الجديدة نحو الاستثمار في الإنسان"، لذلك جاءت مواد دستور 2020 صريحة في حماية المرأة من كل أشكال العنف في كل الأماكن والظروف في الفضاء العمومي وفي المجالين المهني والخاص، ويضمن القانون استفادة الضحايا من هياكل الاستقبال، ومن أنظمة التكفل ومن مساعدة قضائية. عضوية المرأة الاجتماعية ومكانتها المحورية في بناء الغد والمستقبل على اعتبار أنّها حاضنة الفرد الأول، وداعمة أساساته القاعدية في بناء مواطن صالح غيور على وطنه، دون إغفال عملها في مختلف القطاعات لتؤدي بذلك دورا محوريا واستراتيجيا في مسيرة البناء، بفضل مكتسبات كرست حقوقها في المجتمع. وتتبنّى الجزائر مبدأ المناصفة في الولوج إلى سوق العمل، وتشجيع المرأة على تبوّء مناصب المسؤولية ما يصاحبها من تساوي في الأجور الاستفادة من عطلة الامومة المدفوعة الأجر وحق التقاعد حتى بالنسبة لجاليتنا بالخارج رجالا كانوا أو نساء، حيث قرّر رئيس الجمهورية توسيع نظام التقاعد ليشمل المغتربين ويسهل انتسابهم إليه، ويمنح المرسوم التنفيذي رقم 22-351 المؤرخ في 22 ربيع الأول عام 1444 الموافق 18 أكتوبر سنة 2022، الحق لأفراد الجالية الوطنية بالخارج الحق في الانتساب للنظام الوطني للتقاعد. ومنذ تولّيه رئاسة الجمهورية، أبرز الدور الريادي الذي تقوده المرأة باعتبارها شريكا استراتيجيا في مخطط الانتقال الى اقتصاد منتج، حيث استحدثت آليات تضمن مشاركتها في أي موقع كان، مع تشجيع المرأة الريفية والماكثة بالبيت على الانخراط في عجلة التنمية من خلال مشاريع مصغرة ومؤسسات ناشئة، فتمكين المرأة وترقيتها لتعزيز مكانتها سياسيا اجتماعيا واقتصاديا في صلب كل البرامج التنموية الوطنية منذ 2019. ولتكون قوّة فاعلة في تحريك عجلة التنمية الاقتصادية استفادت المرأة منذ 2019 من عدة آليات برامج لتشجيع المقاولاتية النسوية، وبرنامج لترقية المرأة الريفية، بالإضافة إلى برنامج لتشجيع المرأة الماكثة بالبيت لتكن جزءاً من المعادلة الاقتصادية التنموية. وبلغة الأرقام، نجد أنّ 62 بالمائة من الطلبة الجامعيين حسب إحصائيات 2021 نساء، و41 بالمائة من إجمالي موظفي الإدارة العمومية نساء ب 900 ألف موظفة، بالإضافة إلى 21 ألف 500 من الموظفات يشغلن مناصب عليا في الإدارة العمومية، فيما يشغل 1209 منهن وظائف سامية في الدولة. ويعتبر مشروع القانون المتضمن تدابير خاصة للحصول على النفقة التي يحكم بها القضاء لصالح المرأة المطلقة والأطفال المحضونين، الذي عرض على نواب المجلس الشعبي الشهر الجاري آخر مكاسب المرأة في الجزائر، حيث يتكون من ثلاثة محاور أساسية، حيث يتعلق المحور الأول بمجال التطبيق، أما المحور الثاني فإنه يتعلق بصندوق النفقة، المحور الثالث فيتعلق بتسيير صندوق النفقة على المستوى المحلي بوضع آليات قانونية خاصة. الطّفولة والمسنّون..طرفا معادلة الحماية اعتبرت دسترة المصلحة الفضلى للطفل في دستور 2020 مكسبا حقيقيا للطفل لما له من آثار إيجابية على تكريس وتجسيد حقوق هذه الفئة على أرض الواقع، بالإضافة إلى ضمان إلزامية ومجانية التعليم والرعاية الصحية والحماية من كافة أشكال العنف والاستغلال والتكفل بمختلف احتياجاتها، ما أعطى الجزائر مكانة متقدمة في مجال حقوق الطفل في العالم. في ذات السياق، عزّزت الجزائر في السنوات الأربع الأخيرة ترسانتها القانونية للارتقاء بالطفولة وحمايتها من الجرائم المرتكبة ضدها، خاصة وأنّها اليوم صارت ضحية ابتزاز وجرائم إلكترونية استدعت تكييف القوانين معها، من بينها قانون الوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحته الصادر في أفريل 2020، وقانون الوقاية من جرائم اختطاف الأشخاص ومكافحته الصادر في ديسمبر 2020، وقانون الوقاية من الاتجار بالبشر ومكافحته الصادر في مايو 2023، وقانون الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الاستعمال والاتجار غير المشروعين بها الصادر في ماي 2023. ولم تتوقف الترسانة القانونية عند هذا الحد، بل تجاوزته الى قانون الوقاية من عصابات الأحياء ومكافحتها، الذي دخل حيز التنفيذ في أوت 2020، والذي يعكس اهتمام الدولة حتى بالمحيط الذي ينشأ داخله الطفل، فبقوة القانون يجب أن يكون صحيا وملائما لتنشئة سليمة للطفل. وبالإضافة الى حماية الافراد والممتلكات، سيحمي هذا القانون الطفولة من الانحراف والآفات الاجتماعية التي أصبحت تجد في تلك العصابات وسطا داعما لمثل هذه الانحرافات السلوكية، بل أصبحت تهدد الأطفال باستغلالهم في تجارتهم الممنوعة، وهو ما استدعى التحرك السريع للدولة. إلى جانب دسترة حقوق الفئات الهشّة، أولت الدولة من خلال دستور 2020 الأولوية لفئة المسنين، حيث أكّد في المادة 71 سعيها إلى "ضمان المساعدة والحماية للمسنين، ويلزم الأبناء بواجب القيام بالإحسان إلى أوليائهم ومساعدتهم" تولي السلطات العمومية عناية خاصة للأشخاص المسنين، من خلال تدابير خاصة للتكفل بهم وتوفير الرعاية لهم لتعزيز مكانتهم الاجتماعية، ودعم حضورهم في الوسط العائلي وضمان إدماجهم الاجتماعي. وتعتبر الدولة اليات حماية المسنّين والقوانين الخاصة بها خطوة مهمة لتوفير كل الظروف المادية والمعنوية التي تحتاجها هذه الفئة صونا لكرامتها وتحقيقا لراحتها، حيث تلتزم الأسرة والدولة بكل مؤسساتها، وكذا المجتمع المدني باتخاذ تدابير للتكفل بهم وتوفير وسائل الرعاية. ووضعت وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة عدة إجراءات تهدف إلى إدماج الاشخاص المسنين في محيطهم الأسري، مع السهر على ترقية المساعدات الاجتماعية والمرافقة النفسية لهذه الشريحة، خاصة الذين يعانون الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية.