تولي الدولة أهمية بالغة لذوي الاحتياجات الخاصة بالنظر الى مكانتها في المجتمع، بل وتسعى جاهدة لمنحها الحقوق التي كرسها الدستور الجزائري من مبدأ التكفل التام بهذه الفئة الحساسة، من خلال تسهيل استفادة هذه الفئة ذات الاحتياجات الخاصة من الحقوق المعترف بها لجميع المواطنين وإدماجها في الحياة الاجتماعية، بانتهاج جملة من السياسات والتدابير لفائدة ذوي الاحتياجات الخاصة ويبقى هذا التحدي قائما كضرورة لحماية هذه الفئة وترقيتها وادماجها اجتماعيا ومهنيا، انطلاقا من كونهم - كما قال رئيس الجمهورية -" إن ذوي الاحتياجات الخاصة قوة فاعلة، ومهمة للتغيير الذي تتطلبه معالم بناء مؤسسات الجمهورية الجديدة." بغية تحقيق الإدماج الاجتماعي تمّ تخصيص إعانة مباشرة على شكل منحة شهرية، بالإضافة إلى ضمان التغطية والحماية الاجتماعية للمستفيدين وكذا ذوي الحقوق تمكنهم من الاستفادة من بطاقة الشفاء والمزايا المتعلقة بالرعاية الطبية والأجهزة والمعدات والمساعدة الفنية في هذا المجال. وبعد مراجعة الأنظمة التعويضية لبعض الفئات، وكذا دعم إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة في سوق العمل مع إعادة تثمين مبلغ المنحة المالية المخصصة لهم شهريا من 10 آلاف دج إلى 12 ألف دج، دخلت الزيادات في المنحة التضامنية التي أقرها رئيس الجمهورية لفائدة أزيد من مليون و200 ألف مستفيد، حيز التنفيذ بداية من شهر أكتوبر الماضي، حيث ارتفعت قيمتها إلى 7 آلاف دج بالنسبة لمختلف الفئات المستفيدة من هذا الجهاز وإلى 12 ألف دج بالنسبة لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة التي لديها إعاقة مائة بالمائة، وقد استلم المعنيون المنحة بقيمتها الجديدة من مراكز البريد بأثر رجعي من شهر مايو الفارط. هذا ويستفيد الأشخاص من ذوي الهمم الذين لا يمارسون أي نشاط مهني من مزايا الضمان الاجتماعي بطبيعة الخدمة ولا سيما الرعاية الطبية، والاستشفاء، والأدوية المجانية، والتحليلات الطبية، والنظارات، والرعاية، والأطراف الصناعية، المعدات والعلاجات الحرارية وإعادة التأهيل الوظيفي. كما وضعت الدولة عدة صيغ لضمان تمدرس الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وهذا حسب طبيعة إعاقتهم ودرجتها حيث يتمّ التكفل بهم في مؤسسات متخصصة تابعة لوزارة التضامن والأسرة وقضايا المرأة أو في مؤسسات عادية تابعة لوزارة التربية الوطنية وهذا بإدماج كلي أو جزئي. وتمّ توسيع المرافقة المدرسية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، لا سيما الأطفال المصابين بالتوحد، لتشمل مرافقة التلميذ في انجاز الفروض والاختبارات، دون أن يملي المرافق على التلميذ الإجابة أو ينجز بدلا منه التمارين. في الوقت نفسه تمّ فتح عدد من الأقسام المدمجة في مجموعة من المؤسسات التعليمية عبر الوطن قصد التكفل بالأطفال ذوي إعاقة حسية (ضعيفي السمع وضعيفي البصر) دون غيرهم وهذا بموجب القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 10 ديسمبر 1998، ضمن المقاربة الإدماجية. وفي هذا السياق تمّ إنشاء المدرسة العليا لأساتذة الصم والبكم باعتبارها صرحا علميا فريدا بتخصصه، ثري بمضمونه، هادف بمغزاه، لكونه سيعزز قدرات ومؤهلات الاطفال من ذوي الاعاقة السمعي. ويذكر أن المدرسة العليا لأساتذة الصم والبكم، تضمّ حاليا أزيد من 912 أستاذ في طور التكوين، يؤطرهم 46 أستاذا وذلك ضمن 15 تخصصا علميا، تمّ انشاؤها بناء على تعليمات رئيس الجمهورية علما أن المرسوم التنفيذي الخاص بإنشائها كان قد صدر في 25 ديسمبر2021. وعن آليات توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة في المؤسسات العمومية والهيئات المستخدمة العمومية والخاصة في مطالبة بتخصيص 1 بالمائة على الأقل من مناصب العمل لتلك الفئة، حيث شدّد المادة 4 على أنه لا يجوز إقصاء أي شخص معاق بسبب إعاقته من مسابقة اختبار مهني أو مقابلة تتيح الالتحاق بمنصب عمل. وتلزم المؤسسات المعنية بتوظيف المعاقين بإخطار رؤساء المؤسسات ومراكز الامتحان المؤهلة بتنظيم الاختبارات والمسابقات والامتحانات والاختبارات المهنية قصد القيام بالتهييئات والتكييفات المنصوص عليها في القانون 10 أيام قبل تاريخ اجراء اختبارات هذه المسابقات والفحوص المهنية، كما تلزمها أيضا بإيداع جدول عروض مناصب العمل في الوظائف الشاغرة المخصصة للأشخاص المعوقين. في ذات السياق، تقوم مصالح الوزارة المكلفة بالتضامن الوطني سنويا بالتنسيق مع مصالح الوزارة المكلفة بالتشغيل والسلطة المكلفة بالوظيفة العمومية بمتابعة مدى تطبيق وتقييم الاحكام والتدابير المنصوص عليها. من جهة أخرى، وضعت وزارة التضامن استراتيجية تمّ اتخاذها سنة 2020 قصد تسهيل لفئة ذوي الإعاقة استحداث مشاريع خاصة بما يتلاءم ومؤهلاتهم وتماشيا مع قدراتهم، عن طريق آليات ترمي إلى مرافقتهم عبر مختلف مراحل خلق النشاطات المصغرة التي تسمح لهم بإبراز إبداعاتهم وتمنحهم فرص لضمان الاستقلالية المالية والمشاركة في مجال التنمية. أما في إطار التأهيل المهني فهو ذلك الجانب من التأهيل المستمر المترابط الذي ينطوي على تقديم الخدمات المهنية كالتوجيه المهني والتدريب المهني والتشغيل، ما يجعل المعوق قادرا على الحصول على عمل مناسب والاستقرار فيه. ولعلّ هذا العنصر هو أهم ما تسعى الدول لتحقيقه ومن ثم تحقيق رعاية فعلية للمعوق تنطلق من تحفيز إمكانياته الخاصة الداخلية لمساعدته على مساعدة نفسه، تطبيقا لما أقره المشرع الجزائري بحق هذه الفئة في العمل.