إجراءات وجهود مكثّفة للدّفع بقدرات الجزائر التّصديريّة ثمّن رئيس المنظمة الوطنية للتنمية الاقتصادية منير روبعي الإجراءات والجهود المكثفة للرفع من الصادرات خارج المحروقات، وأشار إلى التّحوّل النوعي الذي شهدته الجزائر في السنوات المنصرمة، إذ تحولت من بلد مستهلك يبني برامجه التنموية على الريع البترولي، إلى بلد يتمتّع باقتصاد منتج متنوع قائم على تثمين الإنتاج الوطني وترشيد الواردات. أشاد البروفيسور روبعي بجهود وزارة التجارة في الميدان، وبمخرجات اجتماعاتها الأخيرة الخاصة بالتحضير لشهر رمضان، خاصة التعليمات المتصلة بتعزيز الصادرات لتحقيق الأهداف التنموية، موضحا في تصريح ل "الشعب"، أن الدولة بادرت إلى تحسين مناخ الاستثمار وتوجيه المنتجين إلى التصدير خارج المحروقات، وأعدت قوانين كثيرة لفائدتهم. وفيما يخص الصندوق الخاص بترقية الصادرات، قال روبعي إنّه تأسّس من أجل تنويع المنتج الاقتصادي، والخروج من التبعية المطلقة لبرميل النفط، وذلك من خلال التكفل بجزء من تكاليف نقل المنتجات الموجهة للعرض، وكذا تكاليف مشاركة الشركات في المعارض والصالونات بالخارج، وفق عتبات التمويل. كما يمكّن الصندوق أي شركة منتجة لبضائع أو خدمات مقرها بالجزائر، تعمل في مجال تصدير المنتجات المحلية، من أن تستفيد من التسهيلات المصرفية سواء للمشاركة في المعارض في الخارج أو من أجل التصدير. أوضح روبعي أنّ القوانين الجمركية لصالح المصدرين على العديد من الأصعدة، إذ أنّها توفر حوافز جبائية ومالية وإدارية، تتعلق بالإعفاء من إيداع ضمان في إطار نظام القبول المؤقت عند استيراد الرزم الفارغة لتغليف السلع الموجهة للتصدير أو السلع الموجهة لتحسين الصنع الإيجابي (التحويل) ليتم تصديرها لاحقا. الأمر ينطبق أيضا - يقول روبعي - على التصدير المؤقت للسلع من أجل تحسين الصنع السلبي "إنجاز أعمال"، ومنتجاته الموجهة للتصدير النهائي، إضافة إلى التخليص الجمركي عن بعد (عبر أنترنيت)، وإصدار وصل العبور بالجمارك "تي بي دي". أما بالنسبة للصادرات التي تتم عبر الطرق البرية، فقد تمّ إنشاء الرواق الأخضر خصيصا لها، يسمح بالمصادقة على تصريح التصدير دون معاينة السلع، مع تفعيل الدفتر "اتا" الصالح لمدة سنة، يسلم حصريا من طرف الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة، وهو إجراء مبسّط للتصدير المؤقت للعينات، وللمشاركة في المعارض والصالونات في الخارج. ومكّنت مرافقة وزارة التجارة وترقية الصادرات للمصدرين، من بلوغ حجم صادرات ناهز 7 مليار دولار نهاية عام 2022، على أن يرتفع حسب التوقعات إلى حدود 13 مليار دولار عام 2023. وعملت المنظمة على تشجيع الشركات المنتجة على التوجه نحو التصدير، وطالبت بمرافقة المستثمرين المصدرين بالبنوك خارج الجزائر، وهو ما تحقق في نهاية عام 2023 بتدشين بنك الاتحاد الجزائري بنواكشوط، والبنك الجزائري السنغالي بداكار، والمعرضين الدائمين بكلا العاصمتين، عملا لتعليمات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون. وأوضح الخبير أنّ مرافقة البنوك للمؤسسات الجزائرية، خاصة الصغيرة والمتوسطة المصدرة، يتيح الاستثمار في هذين البلدين (موريتانيا والسينغال) في عدة قطاعات وفي مقدمتها الطاقة. وذكر روبعي في السياق، بأنّ بنك الاتحاد الجزائري هو أول بنك جزائري تمّ تدشينه في الخارج، وهو ثمرة شراكة بين القرض الشعبي الجزائري، بنك الجزائر الخارجي، البنك الوطني الجزائري وبنك الفلاحة والتنمية الريفية "بدر"، برأس مال قدره 50 مليون دولار، فيما يبلغ رأسمال البنك الجزائري السنغالي 100 مليون دولار، علما أنّه الأخير أيضا ثمرة بشراكة بين بنوك جزائرية. في السياق، أفاد أنّ البنوك الجزائرية في الخارج لها دور هام في مساعدة المستثمر الجزائري في استكشاف ودراسة الأسواق وإقامة مشاريع في الدول الإفريقية، علاوة على كونها تشكل عامل ضمان وتأمين للتعاملات المصرفية للمؤسسات الجزائرية، وكل هذا العمل لبلوغ 30 مليار دولار. وتطرّق محدثنا، في الإطار ذاته، إلى دور منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية التي تعتبر الجزائر عضوا فيها، في دعم حركية تصدير المنتجات الجزائرية نحو القارة الإفريقية التي تعد سوقا قوامه 2.1 مليار نسمة، فضلا عن أهمية المنشآت القاعدية كالطريق العابر للصحراء الذي يغطي ستة دول ومنها الجزائر، ومشروع طريق تندوف - زويرات الموريتانية، مشيرا إلى أنّ هذه المناطق التجارية ستدخل حيز التطبيق والنشاط في أقرب الآجال، بعد الانتهاء من المراسيم التنفيذية الخاصة بها. وقال المتحدث إنّ كل المعطيات الاقتصادية إيجابية، وتؤشر على تحقيق رقم 30 مليار دولار تصدير، قياسا إلى شبكة صناعية منتجة وقيمة مضافة، التي تساهم في استحداث مناصب بفضل الحركية الاقتصادية التي يسجلها الاقتصاد الوطني، تأتي في أعقاب دخول القوانين المرافقة للاستثمار حيز التنفيذ، وصدور النصوص التطبيقية للعقار الصناعي، وتفعيل دور الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار. وأكّد البروفيسور روبعي أنّ استراتيجية الجزائر الاقتصادية بدأت تؤتي بثمارها، أمر يتجلى بوضوح في تعزيز البنية التحتية مع تحقيق العديد من الإنجازات في المجال الاقتصادي على مدار الأربع سنوات الأخيرة، وكذا التوجه نحو قطاعات هامة كالمناجم، منها مشروع منجم غارا جبيلات والفوسفات بتبسة والزنك بواد اميزور ببجاية، مع ربطها بخطوط نقل بالسكة الحديدية نحو المصانع التحويلية والموانئ لأجل دفع قدرات الجزائر التصديرية في السنوات اللاحقة. وأكّد الخبير الاقتصادي اهتمام جميع المنظمات الاقتصادية والجمعيات بمسعى وزارة التجارة، الرامي إلى جعل سنة 2024 سنة اقتصادية بامتياز، موضّحا حرصهم على مرافقة المؤسسات المنتجة في كل القطاعات للرفع من الصادرات خارج المحروقات.