قدرات بلدان الجنوب لا زالت تعاني من التهميش والتبعية وعدم القدرة على تقليص فجوة التنمية تعزيز التدفق التجاري والاستثمارات البينية وتطوير آليات الاندماج والتكامل الاقتصادي وضع آليات فعالة للتخفيف من وطأة الديون بما يشمل إلغاءها أو إعادة هيكلتها وتعليق خدمات الدين قمة رؤساء دول وحكومات البلدان المصدرة للغاز بالجزائر في مارس..ستكون محطة فارقة أبرز رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في كلمته التي ألقاها الوزير الأول نذير العرباوي، أمام المشاركين في القمة الثالثة للجنوب لمجموعة 77 والصين، الجارية أشغالها أمس الأحد بكمبالا، أهمية إجراء إصلاح شامل للنظام الاقتصادي والمالي العالمي لجعله أكثر إنصافا وتمثيلا وتوازنا ولتصحيح اختلالاته الناجمة عن هيمنة الدول الغنية على آليات اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي والمالي، والتي أدت إلى إضعاف قدرات بلدان الجنوب التي لا زالت تعاني من التهميش والتبعية وعدم القدرة على تقليص فجوة التنمية. أبرز الرئيس تبون أن الجزائر «لطالما رافعت عن هذا الإصلاح منذ سبعينيات القرن الماضي ضمن رؤية متبصرة وطموحة تتطلع لإرساء قواعد نظام اقتصادي دولي جديد يجسد فعليا مبدأ الاستقلال الاقتصادي للدول النامية كمكمل أساسي لاستقلالها السياسي وكإطار متوازن ليس فقط من حيث الامتيازات، بل أيضا من حيث تحمل المسؤوليات وتقاسم الأعباء». وفي ذات الإطار، شدد رئيس الجمهورية على ضرورة «إصلاح منظومة الأممالمتحدة من أجل جعلها أكثر تمثيلا واستجابة لتطلعات وأولويات بلدان الجنوب وإضفاء المزيد من الفعالية على عملها بما يعزز تعددية الأطراف ويسهم في رفع التحديات الإنمائية المطروحة». ولدى تطرقه إلى الصعوبات التي تواجه تمويل التنمية في بلدان الجنوب بسبب شح التدفقات المالية وتفاقم عبء الديون الخارجية والشروط المجحفة المفروضة بشكل يقوض جهود تحقيق إصلاحات هيكلية لأنظمتها الوطنية وتسريع وتيرة نموها الاقتصادي والاجتماعي، دعا الرئيس تبون إلى «التفكير في وضع آليات فعالة للتخفيف من وطأة الديون بما يشمل إلغاءها أو إعادة هيكلتها وتعليق خدمات الدين، لاسيما لصالح البلدان الأقل نموا». كما شدد على أهمية التعاون جنوب - جنوب من أجل «تعزيز التدفق التجاري والاستثمارات البينية وتطوير آليات الاندماج والتكامل الاقتصادي، في الوقت الذي لا تزال فيه مساهمة الدول النامية في التجارة العالمية والاستثمارات الدولية ضئيلة مقارنة مع حجم إمكاناتها». وبخصوص ارتفاع وتقلب أسعار السلع الأساسية في الأسواق الدولية، دعا رئيس الجمهورية إلى «تبني مقاربة جديدة قوامها تكثيف المبادلات البينية والاستفادة من الآليات والأطر التي أثبتت فعاليتها في دول الجنوب من خلال تعزيز الاستثمار في مشاريع البنية التحتية وتحسين التمويل والتحويل التكنولوجي والتنافسية وتحسين البيئة العالمية للاستثمار بما يتسق مع ركائز التنمية المستدامة ويعزز مبادئ الشفافية والعدالة والمرونة». مركز امتياز للمؤسسات الناشئة المبتكرة أكد رئيس الجمهورية، أن الجزائر تتطلع لإطلاق مبادرة على مستوى دول الجنوب تتعلق باقتراح إنشاء مركز امتياز في مجال رصد وتثمين التجارب الناجحة للمؤسسات الناشئة المبتكرة ومد جسور التواصل وتبادل الخبرات والمبادرات بين الدول الأعضاء في هذا الفضاء. جاءت هذه المبادرة بعد أن استعرض الرئيس تبون رؤية الجزائر القائمة على «اعتبار العلوم والتكنولوجيا والابتكار مجالات خصبة للتعاون جنوب - جنوب، كونها أحد محركات النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، مما يستدعي تثمين مساهمتها في تحقيق الأهداف الإنمائية من خلال وضع سياسات لتطوير المواهب وتحفيز البحث والابتكار العلمي والتكنولوجي». كما نوه رئيس الجمهورية بأهمية «إعطاء الأولوية للحلول التي من شأنها وضع حد للقيود والاحتكارات التكنولوجية والممارسات غير المنصفة التي تعرقل وصول دول الجنوب إلى هذه الأدوات والوسائل الحديثة والحيوية للتنمية». وذكر الرئيس تبون في هذا السياق بجهود الجزائر الرامية إلى «تعزيز الحوار والتعاون وتبادل التجارب والخبرات في مجال المؤسسات الناشئة على الصعيد الإفريقي من خلال مساعيها لتنفيذ مخرجات الندوة الإفريقية الثانية للمؤسسات الناشئة التي التأمت في دورتها الثانية بالجزائر، شهر ديسمبر الماضي، والخطوات المتخذة لتأسيس إطار إفريقي لتطوير هذا النوع من المؤسسات بالتنسيق مع هيئات الاتحاد الإفريقي». تصور مشترك لمواجهة التحديات المناخية في سياق مغاير، دعا الرئيس تبون، إلى بناء تصور مشترك لمواجهة ظاهرة التغيرات المناخية، لاسيما من خلال تعبئة الموارد اللازمة لضمان انتقال طاقوي سلس وزيادة قدرة الصمود في مواجهة التحديات الناجمة عنها. أوضح رئيس الجمهورية أن هذا التصور «ينبغي أن يأخذ في الاعتبار متطلبات التنمية المستدامة والمسؤولية التاريخية للاقتصاديات المتقدمة في تدهور المناخ، مع تكريس العدالة المناخية من خلال تنفيذ الالتزامات كشرط أساسي لتحقيق هذا الانتقال المنشود على نحو عادل». وفي هذا السياق، أشار رئيس الجمهورية إلى أن الجزائر التي ستستضيف القمة السابعة لرؤساء دول وحكومات البلدان المصدرة للغاز مطلع شهر مارس 2024، «ستعمل من أجل جعل هذا اللقاء محطة فارقة في حياة المنتدى تعزز الحقوق السيادية للدول على مواردها وتدعم دور الغاز الطبيعي في مزيج الطاقة الحالي والمستقبلي وتجدد التزام الدول الأعضاء بتحسين الفعالية والأداءات البيئية لصناعة الغاز الطبيعي بما يسمح بتحقيق تحول عادل وشامل وواقعي نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات».