بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر جوان 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛ عقّبت أم رامي السلايمة (والدة الأسير الجريح محمد محمود السلايمة): "الله يعجّل بالفرج، يا تُرى الصليب والمؤسسات والهيئات ونادي الأسير بيعرفوا هاي التفاصيل القليلة عن الأسيرات، مش عارفه كيف العالم صامت على هذه الجرائم. يعني لو كل حدّ بفكر أنه الأسيرة بنته أو أخته أو زوجته بيسكت وبصم آذانه عن سماع مثل هيك أخبار؟ بتمنّى وبدعي من قلبي كل حدا صامت وبإيده يعمل شي ومش متحرك يذوق ويشعر الشعور إلّي فينا". وعقّبت الأسيرة المحرّرة حديثاً روضة أبو عجمية: "يعطيك العافية على كل جهد بتبذله ويا رب يرجع يتصفّر سجن الدامون". وعقّب الصديق عبد الكريم زيادة: "الحرية لأسرى الحرية والحرية لفلسطين وبوركت حسن، قلم الحرية المقتحم لزنازين القهر رغم أنف السجان". نشرت يوم 29.11.2023 خاطرة بعنوان "صفّرنا الدامون"... وخاب أملي. عُدت لزيارة الدامون لأسمع عن انتهاكات بحق أسيراتنا تقشعرّ لها الأبدان؛ وتبيّن لي أن عدد الأسيرات صار 83، (وينتظرن ذات اليوم وصول 9 أسيرات غزيّات جديدات). الأسيرات بحاجة ماسّة لملابس شتويّة ولغيارات؛ الشامبو والصابون والفوط الصحيّة وفراشي ومعجون الأسنان من مصريّات "كانتينا" الأسيرة آية خطيب؛ وضع السجن كارثيّ، وأسيرات ينمن بالجوع، وكاميرات مراقبة على مدار الساعة، الاكتظاظ كبير، الإهمال الطبّي (مسكّنات فقط)، بدون راديو أو تلفزيون وعزل تام عن العالم، غسّالة ونشّافة واحدة لكل الأسيرات ولساعات محدودة يومياً، بعض الأسيرات بدون غيارات، يغسلن ملابسهن الداخليّة ويلبسنها مبلولة! صُعقت من جديد حين سمعت عن التنكيل خلال التحقيق، طقوس التفتيش العاري بالكامل، التفتيش العاري الجماعي، المسبّات والشتائم الشخصيّة وللذات الإلهيّة، والتهديدات المتكرّرة، كلبشة من الخلف ودفش الأسيرة ودحرجتها من أعالي الدرج وغيرها. أواعي صلاة، فش للكلّ زرت صباح يوم الأربعاء 03 جانفي 2024 سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب لألتقي بالأسيرة المقدسيّة تمارا معمر أبو لبن (مواليد 01 05 2000)، وبعد التحيّة أخذت تصوّر لي وضع زميلات الأسر؛ وحدّثتني عن زميلات الزنزانة (ومنهن الثلاث شقيقات: شيماء وسهاد وإيمان الخولي) ودور الأسيرة آية خطيب التي تدير الأمور من زنزانتها، وصُعِقت حين أخبرتني بأن مصريّات الكانتينا التي تخص نوال وشاتيلا محجوزة بسبب غرامة مالية فُرضت عليهن! حدّثتني عن التعذيب في مرحلة التحقيق؛ (هذا الاعتقال الرابع، والأوّل حين كان عمرها 15 عاماً)، ضرب مبرح، وشتائم وتهديد في معتقل هشارون، شتائم موجعة تسمعها للمرة الأولى أدخلتها في حالة نفسية صعبة، وتفتيش عارٍ بالكامل 4 مرات (ومعتقلة خمسينيّة، أدخلوها الحمام، بجانب زنزانتها، عرّوها بالكامل، ومسكوها 5 سجّانات، من شعرها، وبلشّوا يلفّوا فيها، وسامعين صوت الضرب)، وأسيرة أخرى كاسرين إصبعها، وثالثة كلبشوها للوراء وطلّعوها أعالي الدرج ورموها لتحت وكل جسمها أزرق على نهدي ومنفّخ، حدّثتني عن وضع أسيرات غزّة، قلقات على الأهل والوضع، هل بنلاقي دارنا؟ هل بنلاقي أهلنا؟ هل بنروّح لخيام؟ وتم إعادة نيفين وإيمان بعد 18 يوم في مكان مجهول! أسيرات الدامون ممنوعات من الضحك بصوت عالٍ، ممنوعات من الإنشاد بصوت عالٍ، وممنوعات من الحكي مع الغرف المجاورة بصوت عالٍ. ناقصهن أواعي صلاة (فش للكل)، قائمة الصلوات، وقسم من الأسيرات مع غيار واحد فقط (تضطر لغسله ولبسه مبلول). طلبت إيصال سلاماتها للعائلة ولعهد (والمنسف الموعود)، ولكلّ من يسأل عنها. معنويّاتها عالية جداً، لازمتها ابتسامة طفوليّة، وحين افترقنا طلبت منّي أن أوصل والدتها "يمّا أنا بخير، خلّيكِ مرِكنة". لك عزيزتي تمارا أحلى التحيّات، والحريّة لك ولجميع أسرى الحريّة. (حيفا/ جانفي 2024 )