وجد المسرح بتندوف طريقه نحو المركز الجامعي علي كافي في وقتٍ مبكّر، بفضل مجهودات مجموعة من المسرحيين والمهتمين بالفنّ بالولاية من الذين أسّسوا لمسرح جامعي، وُلِد يافعاً ولكنه لم يستمر طويلاً. كان للفعل المسرحي داخل أسوار المركز الجامعي بتندوف صيتٌ ذائع على المستويين الجهوي والوطني، من خلال النجاح الباهر الذي حقّقه مهرجان الأوبريت للمسرح الجامعي في طبعته الأولى والوحيدة، ليتوقّف بعدها بسبب بعض العقبات المحلية التي حالت دون تنظيم نسخته الثانية. المسرح الجامعي بتندوف الذي كُتب له البقاء في معزل عن التطوير، حظي باهتمام بالغ من الطلبة الجامعيين الذي أبدوا اهتمامهم بهذا الفنّ، تدفعهم في ذلك إرادة قوية من بعض المسرحيين بالولاية، وترسانة قوانين وتحفيزات وإغراءات تهدف إلى الدفع بالفعل المسرحي في الجامعة إلى الأمام. وقال المخرج والكاتب المسرحي دريس بن حديد في تصريح ل«الشعب" إنّ الوسط الجامعي يُعدُّ وعاءً كبيراً للمورد البشري القادر على إحداث فرق على خشبة المسرح، فالطور الابتدائي أو المسرح المدرسي لا يكون التلميذ فيه قد عرف بعد مستوى الموهبة لديه، عكس الطالب الجامعي الذي يدرك ميولاته الفنية ومدى تحكّمه في موهبته. وأضاف قائلاً إنّ هذا الوعاء البشري الذي تختزنه الجامعة، هو أكثر تحضّراً وفهماً وثقافةً، ولا يتطلّب من المخرج أو المنتج جهداً كبيراً في توجيهه وتدريبه، فالأمر يتطلّب بعض الرتوشات ليخرج ممثلا ناجحا، مشيراً إلى أنّ الصين والعديد من الدول الأوربية تلجأ إلى الجامعات بحثاً عن الممثلين الجُدد، لإدراكهم بقيمة الطالب الجامعي في خلق العمل المسرحي الناجح. وعرّج بن حديد للحديث عن تجربته في المسرح الجامعي بتندوف، والتي تُوّجت بتأسيس مهرجان الأوبريت للمسرح الجامعي كأول نشاط من نوعه في الجزائر، وربّما الوحيد، وكان يهدف إلى خلق فعل مسرحي سنوي داخل الجامعة، خاصةً مع توفّر المورد البشري النوعي، مجانية الإقامة وضمان حضور الجمهور. وأورد بن حديد - في حديثه - عوامل نجاح المسرح الجامعي بالجزائر، مؤكّداً بأنّ أسوار الجامعة والإقامات الجامعية وكلّ ما يتّصل بهما، يعتبران أرضية خصبة وفضاءً رحباً من شأنهما إخراج المسرح من عنق زجاجة التكاليف الباهظة في الانتاج، حيث تتكفّل الجامعات والإقامات الجامعية بمصاريف الإقامة، الإطعام، والنقل. وتابع بن حديد قائلاً إنّ أسوار الجامعة فيها من المواهب كثير، ونادراً ما نتصادف مع طالب جامعي لا يمتلك هواية سواء في الغناء أو الموسيقى أو غيرها من المجالات التي يحتاجها الركح، وأضاف أنّ المسرح يفتح أبواباً واسعة للطلبة الجامعيين، فالممثل الجامعي الذي يمتلك قدراً من الثقافة هو ضالة المخرج المسرحي، حيث تساعده الخلفية الثقافية التي يمتلكها الطالب الجامعي على إنتاج مسرحية في أقلّ وقت وبأقلّ تكلفة، فالمسرحية التي قد تستغرق في معدلها 03 أشهر، فإنّها قد تستغرق مع الطلبة الجامعيين أسبوعين فقط. وأشار المتحدّث في معرض حديثه إلى أنّ الجامعة تقدّم ممثلاً مسرحياً يمتلك أرضية خصبة للعمل المسرحي وأكثر جاهزية، مقارنةً بأقرانه من خارج الجامعة، وأنّ الجامعة إضافة إلى الممثل، فإنّها تعطي 50% من العناصر المسرحية الأخرى. وأشاد بن حديد بالنصوص القانونية والتسهيلات والتحفيزات الممنوحة من أجل خلق مسرح جامعي، داعياً الطلبة الجامعيين إلى رفع سقف اهتماماتهم وطموحاتهم، مؤكّداً بأنّ الرعيل الأول من الطلبة الجزائريين قد دكّوا معاقل الاحتلال الفرنسي وأبانوا عن قدر عالٍ من الروح الوطنية والتمسّك بقيم وثوابت الأمة. وأعرب المتحدّث عن أمله في تأسيس نادٍ للمسرح في المركز الجامعي علي كافي بتندوف، بغية الانطلاق في تجسيد برنامج "ورشة تنتهي بعرض" نصل فيه مرحلة الكتابة الجماعية أو الإخراج الجماعي، تجمع بين التعلّم والإنتاج في الوقت نفسه.