صناعة المناسبات ضمانة إقبال جمهور الكتاب أكّدت الدكتورة خديجة باللودمو، أنّ وعي القائمين على المكتبات العمومية والخاصة، بدورها الحقيقي المتمثل في الحفاظ على العلاقة بين القارئ والكتاب وضمانها، من خلال صناعة مناسبات لقاء بينهما والاحتفاء بالكتاب في جميع حالاته، كالاحتفاء بالإصدار الجديد للكاتب وتنظيم جلسات قراءة في كتاب وبيع بالإهداء، هو ما يضمن إقبال جمهور الكتاب إليها للاطّلاع على جديده، ويضمن استعارة المنخرطين فيها للكتب لتبقى هذه العلاقة نابضة بالحياة. ترى أستاذة النقد الأدبي الحديث والمعاصر بجامعة الحاج موسى أخاموك بتمنغست، في حديثها مع "الشعب"، أنّ المكتبة الجامعية تلعب دورا فعّالا في ضمان هذه العلاقة أيضا، فالطلاب يقضون وقتا معتبراً في هذا الفضاء للإبحار في ثنايا الكتب وتجميع معلومات بحوثهم، ورغم أنّ العلاقة هنا تبدو نفعية صرفة، إلا أنّ إقرار الطلبة بحاجتهم إلى الكتب في عصرنا الرقمي هذا يبشّر بخير رغم كلّ التأويلات التي ظاهرها سلبي انهزامي. في نفس السياق، قالت باللودمو إنّ الأنشطة المقامة والرامية لتنشيط وتفعيل المقروئية على غرار (مكتبة في كلّ مقهى أو في الحافلة أو الموقف) وغيرها، أخذت حظا وفيرا من الإعلام عبر مختلف ربوع الوطن، وتعد دافعا للقراءة، مع أنّه لابد من البحث في حالها، ومنه الاطّلاع على حال الكتاب وأصحابه بعد التسهيلات التي أصبح يرعاها مصنّعو الكتاب لضمان وصوله للقراء كالبيع بالتوصيل أو عن طريق النت، مع ضمان لدور النشر الأمر الذي حسبها أصبح يضمن توزيع الكتاب لمختلف ربوع الوطن وحتى أبعد نقطة من تراب البلاد. يحدث هذا - تضيف المتحدّثة - في وقت أصبح العالم يشهد اكتساح الرقمية التي طالت مختلف المجالات والميادين، ولم يعد هناك خيار عدا الانخراط فيها واستثمارها الاستثمار الأمثل، ففيما يعرف بالمكتبة الرقمية أو الكتاب الرقمي تتعالى كثير من الأصوات التي تفخّخ هذه العلاقة، وتجعل من الكتاب الرقمي منافسا وخطرا يهدّد الكتاب الورقي، ليتساءل المهتمون بهذا المجال: أين يباع الكتاب في الجزائر اليوم؟ هل عوّضت المكتبات الرقمية المكتبات الورقية الكلاسيكية؟ لكنّ السؤال الحقيقي فيما أرى هو: هل يقرأ الجزائري اليوم؟ سواء عبر الحامل الورقي أو الإلكتروني؟ فالقارئ الحقيقي لم يجد في الوسيط الرقمي إلا سندا أيسر لمواصلة غوصه في ثنايا الكتب عبر الشاشة (هاتف ذكي، لوح ذكي، حاسوب)، لتخلص صاحبة المجموعة القصصية المشتركة "حكايا العصافير"، أنّ العلاقة بين الكتاب والقارئ علاقة وطيدة مضمونة سواء قامت المكتبات في شتى صورها بدورها أم لم تقم، ومهما تكاثرت صور تقريب الكتاب لمحبيه، فإنّ المحب الحقيقي سيبحث عنه مهما تعسّرت السبل، أما الصيغة الرقمية فلا أراها إلا رافدا معاصرا من روافد الترويج الفعلي للكتاب، وبما أنّ الوسيط الإلكتروني هو الأقرب لكافة شرائح المجتمع فمن الأجدر توظيفه لضمان العلاقة بين الكتاب وقرّائه المخلصين، والهدف الأسمى من كلّ هذا التجاذب هو تفنيد مقولة (أمّة اقرأ لا تقرأ