العلاقات الجزائرية الصومالية "متينة وأخوية"    وزارة التضامن الوطني تحيي اليوم العالمي لحقوق الطفل    فلاحة: التمور الجزائرية تصدر إلى أكثر من 90 دولة    وزير الصحة يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    أيام إعلامية حول الإثراء غير المشروع لدى الموظف العمومي والتصريح بالممتلكات وتقييم مخاطر الفساد    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة:عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة التعاون الإسلامي: "الفيتو" الأمريكي يشكل تحديا لإرادة المجتمع الدولي وإمعانا في حماية الاحتلال    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    عميد جامع الجزائر يستقبل رئيس جامعة شمال القوقاز الروسية    فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    يد بيد لبناء مستقبل أفضل لإفريقيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    الجزائر تشارك في اجتماع دعم الشعب الصحراوي بالبرتغال    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم أداء المديرة التنفيذية الجديدة للأمانة القارية للآلية الإفريقية اليمين    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    انطلاق فعاليات الأسبوع العالمي للمقاولاتية بولايات الوسط    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كُتاب يتحدثون عن علاقتهم بالقراءة الرقمية والكتاب الالكتروني
نشر في النصر يوم 10 - 02 - 2014


هل سرقت الشاشة الكاتب من الورق؟
كيف هي علاقة الكُتاب بالكتاب الالكتروني (الرقمي)، والقراءة الالكترونية، في ظل انتشار الكتاب الإلكتروني وسهولة تحميله وتسويقه وقرصنته، وهل يجد الكُتاب والأدباء الكِتاب الالكتروني بديلا عن الكِتاب الورقي؟ أم مكملا له، وكم معدل الكُتب الالكترونية التي يخصصون لها وقتا للمطالعة والقراءة في الشهر أو العام، مقارنة بالكتب المطبوعة ورقيا، وما الميزة التي وجدوها في هذه الكتب، وهل ستتواصل علاقتهم بها أم ستبقى القراءة التقليدية، (الورقية)، كعلاقة أحادية غير قابلة للتشارك التكنولوجي. كراس الثقافة في عدد اليوم، يطرق مع بعض الكتاب والأدباء، موضوع القراءة الرقمية والكتاب الالكتروني وهذا في ظل مستجدات الكتاب الرقمي وتحولات الكتاب الورقي.
إستطلاع/ نوّارة لحرش
أمير تاج السر/ روائي سوداني
أنا قارئ تقليدي حتى الآن لكني دخلت أيضا في دائرة الكِتاب الإليكتروني
أوضح بأنني قارئ تقليدي حتى الآن، تربيت على القراءة الورقية، وأعتبر الكتاب الورقي من الأدوات الهامة التي تساعدني على تفعيل القراءة، لكن في ظل انتشار الكتاب الإليكتروني وإمكانية تحميل بعض هذه الكتب بسهولة من الإنترنت، دخلت أيضا في دائرة الكِتاب الإليكتروني. في البداية كانت التجربة صعبة حيث أنني كقارئ علي أن أكون في وضع غير مريح للقراءة، إضافة إلى أن التحديق في جهاز الكومبيوتر في حد ذاته مرهقا للنظر، ولكن تدريجيا بدأت أندمج بعض الشيء وقمت بقراءة عدد من الروايات، والكتب الأخرى التي لم أحصل عليها ورقيا بهذه الطريقة، كان أول كتاب قرأته إليكترونيا هو رواية "اسمي أحمر" لأورهان باموق واستغرقت مني القراءة زمنا وأحسست أنني كنت سأنهيها باكرا لو كانت ورقية، حيث يمكن حمل الكتاب بسهولة إلى أي مكان. بالنسبة لي ككاتب لا أتوقع أن يحل الكتاب الإليكتروني محل الورقي بسهولة، على الأقل في عالمنا العربي حيث علاقة الناس بالإنترنت وأجهزة القراءة مثل الكيندل والآي باد ما زالت ضعيفة، لذلك سيظل الكتاب الورقي مسيطرا لزمن طويل قبل أن تكتمل روية الأجيال الجديدة، ويستبدل الكتاب الورقي بالإليكتروني نهائيا.
لقد زرت إيطاليا منذ فترة قليلة، وأخبرتني الناشرة الإيطالية التي أتعامل معها حين سألتها عن هذا الموضوع، إن الإيطاليون ما زالوا غير مقتنعين تماما بالكتاب الإليكتروني ويحتفون بالورقي بشدة لذلك هم يواجهون مشكلة في تسويق الكُتب بهذه الطريقة، على العكس تجد دولا مثل ألمانيا وبريطانيا، يزداد فيها عدد القراء من الإنترنت سنويا بمعدلات كبيرة. حقيقة لا أتعمد تخصيص وقت للقراءة من الإنترنت، هي محاولات ما زلت أقوم بها كما قلت، خاصة مع الكتب التي لا تتوفر ورقيا عندي، ورأيي إن الكتاب الإليكتروني ربما أفاد الكثيرين ممن يسكنون في أماكن لا تصلها الكتب بانتظام، إضافة إلى أنه لا يحتاج لحيز في البيت، أي لا يسطو على الغرف والمساحات. عموما ما زال الموضوع في بدايته، أي أن التنافس بين الكتابين.
سمير درويش/ شاعر مصري ورئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة
منذ سنوات لا ألجأ للكتاب الورقي إلا في حالات الضرورة
منذ سنوات تخليت عن معظم الكُتب في مكتبتي الورقية لأصدقاء، يحبون صورهم بين الرفوف وتلال المطبوعات المتنوعة، لأنها صورة المثقف التقليدي، ببساطة أنا أتصور أن هذه المكتبة بما تشغله من حيز في شقق ضيقة، وما تحويه من أتربة- وحشرات أحيانًا- قد انتهى زمانها أو يكاد -هذا غير أنها اختراع شرقي تغني عنه المكتبات العامة في الغرب-. الآن يستطيع القارئ والباحث أن يحصل على ما يريد من كُتب إليكترونيًّا، وهو أمام جهاز الكمبيوتر، كما يمكنه النسخ منها ببساطة، بل والوصول إلى كل المعلومات المتعلقة بها، كما أن وجود إمكانية البحث عن كلمة أو جملة أو معلومة يوفر الكثير من الوقت. وعملية القراءة نفسها تكون أسهل -بالنسبة لي- أمام الكمبيوتر، لأن القبض على كتاب ورقي والتقلب به من وضع إلى وضع يدعو للملل، وللنعاس في أحيان كثيرة. شخصيًّا لا ألجأ للكتاب الورقي منذ سنوات إلا في حالات الضرورة، كأن يعجبني كتاب غير متوفر على شبكة الإنترنت، ومعظم الكُتب متوفرة الآن، كما يمكنني طلب نسخ إليكترونية من الكُتاب أنفسهم- أصدقائي- وإرسال كتبي إليهم.
المكتبة الإلكترونية شاسعة لا حدود لها، ولا تحتاج إلى نقل كتب عبر الحدود ولا جمارك ولا معارض كتب، وفي الأغلب لا تحتاج إلى أموال -رغم ما في ذلك من انتهاك لحقوق المؤلفين-، لذلك انمحت المسافة بين الكاتب وقارئه، وسهلت على قارئ مصري مثلاً أن يطلع على الأدب الجزائري، وأن يقرأ جريدة يمنية بشكل يومي، كما يستطيع الاحتفاظ بكل الإنتاج الشعري لشاعر بحريني مثل قاسم حداد أو علوي الهاشمي، وحتى الشعراء الأقل انتشارًا. القضية أن الأجيال الأكبر سنًّا تعاملت مع الكمبيوتر متأخرًا، بعد أن اكتسبت عادات وطقوس القراءة، كأن يضطجع على كنبة، أو يتمدد في السرير.. إلخ، لذلك لم يتكيف مع وسيط جديد يفرض نوعًا جديدًا من العادات التي لا تناسبه، رغم أن هناك الآن أجهزة كمبيوتر صغيرة تستطيع حملها كالكِتاب مثل الآي باد، وهناك أجهزة خاصة بتحميل وقراءة الكتب لا يزيد حجمها ولا وزنها عن كتاب صغير، لكن الأجيال الأحدث تتعامل مع الكمبيوتر قبل أن يتكون وعيها، وتصطحب الأجهزة الذكية أينما ذهبت، ولا تجد مشكلة في القراءة والكتابة عليها، حتى في مذاكرة الكُتب الدراسية، بل إن بعضهم لا يعرف الكتابة بالقلم من الأصل.
مع ذلك لا أتصور أن الكتاب الإلكتروني سيقضي على الكتاب الورقي نتيجة تلك الطقوس التي تحدثت عنها، وأن كل زمان مهما كان شكله ومقدار نهضته فيه تلك النوعية من الناس التي تعبد الطقوس، كما أن أجهزة الطباعة تطورت جدًّا الآن بحيث يمكنك طباعة كتاب من ماكينة في محطة قطار لتتسلى به أثناء رحلتك، وقد تتخلص منه في نهايتها!!.
ميلود حكيم/ شاعر ومترجم
لا يمكن القبول بنهاية الكتاب الورقي ومع ذلك يعتبر الالكتروني وسيلة مهمة
تتأسس العلاقة مع الكتاب في أبعاد ليست مرتبطة به فقط كأداة لنقل المعرفة، ووسيط من وسائط كثيرة، يمكن أن ترشدنا إلى مكامن البحث المستمر عن تأسيس لوجودنا في العالم ومساءلة المصير.. الكتاب فكرة أنطولوجية أصلا، ولهذا يبقى حضوره ملتبسا بقداسة ما حتى حين يتحول في مواده عبر التاريخ، هو يرتبط بسؤال الكينونة وبمغامرة الكائن، الوجود كِتاب والعالم متاهته المقيمة، لهذا لا يمكن القبول بنهاية الكتاب الورقي إذ تبقى العلاقة به حميمية، ويبقى ما يحتويه مثبتا وحاضرا باستمرار. مع ذلك يعتبر الكتاب الالكتروني وسيلة مهمة إذ يسهل التعامل معه والحصول عليه، وهو يسمح لنا بالسفر فيه متى أردنا وأينما كنا، إذ يمكن أن نحمل مكتبة كاملة معا أينما رحلنا. لكن أهم مأخذ على الكتاب الالكتروني أنه يرسخ الشفهية الجديدة، والسهولة التي تجعل من المعرفة زادا سريعا لا يحمل ذلك الأثر الدائم الذي يحمله الكتاب الورقي، وتبقى العلاقة معه برانية لا تحمل ذلك الإنهمام الحميمي، وتستبعد حضور الأثر والوسم كعلامة تخلّد العلاقة التبادلية. إذ القراءة ليست فقط أخذا للمعارف والأفكار، بل هي ارتباط جسداني وتقمص باطني للحالة، واجتراح صامت لحوار مع الورقة والفكرة. هنا يكون الكتاب الورقي شريكا كاملا، فيه نستعيد متعة الاكتشاف الأول للحظة شرائه وللظروف التي صاحبت البحث عنه، وللدهشة التي تجعله يدخل الذاكرة إلى الأبد، ونتجاسد معه من خلال رائحته، ولون ورقه وشكل طباعته ورسومه، والأشياء التي ربما تركها فيه قراء سابقون والتخطيطات التي نعلّم بها المقاطع التي تعجبنا والتعليقات التي نتركها موشومة على إهابه.. كل هذا لا يتيحه الكتاب الالكتروني الذي رغم أهميته إلا أنه يبقى وسيلة محايدة، وأداة للنسيان السريع، ومجالا للمعرفة البسيطة لا تلك العميقة الراسخة. بحكم افتقادنا للكتاب، وظروف تسويقه أصبح الكتاب الالكتروني ملجأ للحصول على العناوين التي لا نجدها أو التي لم يعد طبعها ورقيا، ومن ثم لكل واحد منا مكتبته الالكترونية التي تساعده على الحصول على ما يريد، لكن كثيرا ما يحدث أن نطبع ذلك الكتاب الورقي لنستمتع بقراءته ونديم اللذة. هكذا أعتبر الكتاب الالكتروني مكملا للكتاب الورقي لا بديلا له. وعلاقتي بالكتاب الورقي لن تنتهي لأنه يمنحني الإقامة الطويلة في متعة السفر في الكلمات، ويمنحني فتنة المعرفة المتواشجة مع الوجود والنبض في التباسه الحي.
عبد الرزاق بوكبة/ وروائي
أفضل القراءة الورقية لكن شرعت في ترويض نفسي على الاستمتاع بالقراءة الإلكترونية
قلت قبل أيام في جلسة جمعتني مع كُتاب أصدقاء إن الفرق بين القراءة من كِتاب ورقي والقراءة من كتاب إلكتروني يشبه الفرق بين العناق المباشر والعناق الممارس عبر السكايب، الحرارة، لكن إذا تحتم الأمر فإن العناق عن بعد خير من الحرمان مطلقا. شخصيا أفضل القراءة الورقية إذا كان ذلك متاحا، لكن إذا لم يكن الكِتاب الذي يعنيني متوفرا إلا إلكترونيا، فإنني لن أحرم نفسي منه بحجة الوفاء للورقة، وقد شرعت منذ سنة في ترويض نفسي على الاستمتاع بالقراءة الإلكترونية وصولا بها إلى مرحلة لا تفرق فيها بين الأمرين، هناك جماليات جديدة علينا أن نتعاطى معها بإيجابية عوض الاكتفاء بالتباكي على الأطلال. إن ما يتوفر في الشبكة العنكبوتية من ذخائر يعد مكسبا لنا، وعلينا أن نستفيد منه قدر الإمكان، وقد اتفقت مع بعض دور النشر التي تعاملت معها على السماح لي بنشر نسخ إلكترونية من كتبي في الإنترنيت لتصبح متاحة للقراء، مثلما أتيح لي أنا أن أطلع على بعض إبداعات غيري، وقد كان آخرَها الديوان الشعري لنيتشه.
إسماعيل مهنانة/ أكاديمي وكاتب
توفر الكتاب الالكتروني منح ديموقراطية للكتابة
لقد فرض الكتاب الإلكتروني نفسه في العشرية الأخيرة، وأصبح يحقق مقروئية متزايدة، خاصة مع تطور الوسائط الالكترونية وتنوعها. هناك الآن جهازا خاصا بقراءة الكُتب الالكترونية يجعل القراءة سهلة جدا، وفي كل مكان يتواجد فيه الإنسان. أعتبر توافر الكتاب الالكتروني بهذا الشكل السهل ديمقراطية كبيرة للكتابة، لكن ذلك لا يغني في شيء عن الكتاب الورقي الذي يبقى ضروريا، خاصة للقارئ المحترف والباحث والمشتغل في الحقل الثقافي والأكاديمي. شخصا، لا أقرأ كثيرا الكتاب الالكتروني ولا أعكف على القراءة الالكترونية بشكل مكثف، لكني استعملها بشكل دائم في التوثيق للبحوث، أو التحقق من نص أو فكرة معينة، أو في التعامل مع الطلبة والباحثين الذين أشرف على بحوثهم، أما في قراءاتي اليومية فإني أستعمل الكتاب الورقي. ولأن خدمات المكتبات العمومية والجامعية في بلادنا رديئة جدا أو منعدمة، فإني أشتري الكتب بشكل دائم، وأصبحت أفضل استعمال كتبي الخاصة، لأني من النوع الذي يسطّر فوق صفحات الكتاب، ويؤطر كل فكرة يحتاجها، ولهذا لا أعتقد أن الكتاب الورقي سيموت أو يندثر.
ثمّة قضية تجارية لاحظت أن الناشرين والكتّاب يشتكون منها وهي أن الكتاب الإلكتروني المتوفّر مجانا على الانترنيت أصبح ينافس بل يغني عن شراء الكتاب الورقي، وهي أيضا مسألة تحتاج إلى نقاش، لأن المشكلة لا يعاني منها إلا الناشر العربي. أولا: يجب وضع قوانين منظمة لتجارة الكتاب الالكتروني كما هو معمول به عالميا، ثانيا فإن الأولوية الأخلاقية هي دمقرطة القراءة ونشرها على أوسع نطاق، كما أن الكتاب الالكتروني هو أيضا عملية إشهارية للكتاب الورقي وليس منافسا أو بديلا عنه.
ثمّ أن ثمة الآلاف من الكتب التي لا يمكن توافرها بشكل ورقي، مثل المخطوطات القديمة، والكتب التي انتهت فيها حقوق المؤلف، هذي يجب أن تتوافر الكترونيا، كما أن الحصول على الكتاب الورقي بالنسبة للباحثين المتخصصين ليس دوما سهل المنال، ولهذا فإن الكتاب الالكتروني هو طريقة سهلة للاطلاع على كتاب نادر أو مستعجل الحاجة.
الخير شوار/ روائي
معظم قراءاتي تعتمد على الكتاب الكلاسيكي الورقي لكني أزاوج بين القرائتين
عندما فرض السؤال نفسه في البداية، كنا نتصور القراءة الورقية بشكلها المعتاد، في حين كنا نتصور قارئ الكتاب الإلكتروني يجلس على كرسي وراء شاشة الكمبيوتر، لكن الوضع تغيّر الآن مع انتشار الأجهزة اللوحية في السنين الأخيرة، إذ أصبح القارئ الالكتروني أكثر راحة، يقرأ بالطريقة التي يشاء في الوقت الذي يشاء، والأكثر من ذلك فهو يتحكم في شكل النص وحجم الخط بطريقة عجيبة. أعتقد أن التكنولوجيا بدأت تنسينا السؤال الأول مثلما فعلت سابقا عندما طرحنا سؤال الكتابة بالقلم والكتابة بالكمبيوتر وأعتقد أن الأمر تتجاوزه الأحداث الآن، مثلما أعتقد أن سؤال القراءة الالكترونية والورقية سيصبح في حكم الماضي عندما نتجاوز الأجهزة اللوحية إلى أخرى أكثر حداثة كأن يصبح شكل الكتاب الالكتروني مطابقا للكتاب الورقي ونستطيع طي الجهاز والعبث به تماما مثل الورقة، لكن بالمقابل نستطيع من خلال "الورقة الافتراضية" الواحدة الحصول على آلاف الكتب بإشارة واحدة. أنا الآن في انتظار إطلاق الجيل الثالث حتى أتمكن من القراءة في كل وقت من خلال الجهاز اللوحي، وفي انتظار قفزة تكنولوجية جديدة تخرجنا بإرادتنا من عصر الورقة "الكلاسيكية" وقبل ذلك ما تزال معظم قراءاتي تعتمد على الكتاب الكلاسيكي الورقي، لكني أزاوج بين القراءتين، فكثيرا من الكتب "النادرة" تمكنت من تحميلها إلكترونيا وقرأتها عن طريق جهاز الآي فون الذي فتح لي الشهية لشراء جهاز بشاشة أكبر.
خالد بن صالح/ شاعر
ككاتب أشجع القراءة بكل أنواعها
قد أبالغ بتبني مقولة ميلان كونديرا: "أعتقد أن الوقت الذي يواصل سيره بلا هوادة، قد بدأ يعرّض الكُتب للخطر". ولكن الخطر الذي نعيشُ تفاصيله اليوم بكل ألم هو تدني مستوى المقروئية في مجمعاتنا المحلية، وحتى نتحدث عن المفاضلة بين الكتاب الورقي ونظيره الإلكتروني علينا الوقوف على جملة من الإشكالات المتعلقة بالنشر والتسويق ومدى تطور الوسائط الإلكترونية الكفيلة بالترويج للكتاب الرقمي. الأكيد أن الأمر مختلف تماماً في الضفة الأخرى ولعل مقاييسهم لها مبرراتها الواقعية والموضوعية.
ككاتب أشجع القراءة بكل أنواعها وأميل بشكل كلاسيكي وحميم للكتاب الورقي وإن كنت في السنوات الأخيرة اعتدت على القراءة الإلكترونية وعلى التقاط الكلمات والفقرات والنصوص من خلال شاشة مضيئة. أحيانا يدفعك الشغف وتنسى الطريقة التي بها تقرأ.
لا أحد ينكر أننا في الجزائر نفتقد لإستراتيجية ناجعة لتوزيع الكتاب الورقي وتوفيره بالشكل المطلوب وفي وقته. وعدا فرصة صالون الكتاب الدولي لا توجد فعالية لتسويق الكتاب على مدار السنة، بالإضافة إلى غلائه، وتمركزه في عدد محدود من المكتبات، بالعاصمة بالدرجة الأولى، كل هذا يجعل ثراء ووفرة الكتب الإلكترونية على الشبكة وبكل الطرق الشرعية وغير الشرعية بديلاً بشكل ما.
علاقتي إذن بالكتاب في صورته التكنولوجية الحديثة متذبذبة، ولم أفصل فيها بعد لأتبنى حكماً نهائياً رغم مساوئ القرصنة وغياب القوانين التي تحمي حقوق المؤلف والناشر. قراءاتي كثيرة كما قلت على النت أو ورقيا ولكن الكفة ترجَح لحساب الورق، بشكل خاص في الشعر سيما إذا كان متميزاً، حتى في هذا تفضيل بين جودة الكتب المطبوعة ورقيا ونوعية الورق وجماليات الغلاف.
لعل الأمور نسبية نوعا ما ولكن لا أظن وسادتي ستتخلى عن الكتب التي تنام تحتها بعد أن أطفئ ضوء الأباجورة وأستسلم لعوالم الكتاب الذي سرق ليلي أو أيقظني من النوم لأكمل ما تبقى من صفحاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.