تندوف- زويرات.. طريق تمتين الأخوة والشراكة والتنمية حظيت زيارة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الخميس، إلى ولاية تندوف، والتي أطلق ودشن خلالها مشاريع ذات طابع اقتصادي من شأنها تعزيز جسور التبادلات التجارية بين الجزائر والفضاء التجاري بغرب إفريقيا، بترحيب واسع في أوساط المستثمرين والمصدرين والمجتمع المدني بهذه الولاية الحدودية. في هذا الشأن، أعرب ممثلون من مختلف الشرائح الإجتماعية عن استبشارهم الكبير بالحركية التنموية التي تشهدها الولاية في المدة الأخيرة، بداية من إطلاق رئيس الجمهورية لمشروعين مهيكلين في غاية الأهمية الإقتصادية محليا ووطنيا، ويتعلق الأمر باستغلال منجم غارا جبيلات والخط المنجمي الغربي للسكة الحديدية. يوم تاريخي.. أشاد رئيس غرفة التجارة والصناعة لولاية تندوف محمد نوح أبيري، بمستوى الانفتاح الاقتصادي والتنوّع التجاري الذي شهدته الجزائر خلال الأربع سنوات الأخيرة، قلبت واقع الميزان التجاري الجزائري في فترة وجيزة. وقال محمد نوح، إن الزيارة التي قادت رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون وأخيه الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني الى ولاية تندوف، قوبلت بكثير من الارتياح والتفاؤل لدى مواطني الولاية، باعتبارها زيارة تاريخية أخرى كشفت عن مدى عمق ومتانة العلاقات الأخوية بين البلدين، تمخّض عنها الافتتاح الرسمي للمعبر الحدودي مصطفى بن بولعيد ووضع حجر الأساس لإنشاء منطقة تبادل حر وإعطاء إشارة انطلاق مشروع الطريق التي ستربط بين تندوف والزويرات الموريتانية. وأوضح رئيس غرفة التجارة والصناعة، أن المشاريع الثلاثة التي رأت النور خلال زيارة رئيس الجمهورية ونظيره الموريتاني، ستحوّل ولاية تندوف إلى واجهة مشرّفة للبلاد، وستعطي الولاية المكانة اللائقة بها، كما أن المشاريع سترفع من حجم الصادرات الجزائرية نحو إفريقيا، وستؤدي- بلا شك- إلى تذليل الصعوبات التي يعاني منها المصدّرون والناقلون على حد السواء. واستعرض المتحدث بإسهاب ثمرات الزيارة التاريخية لرئيسي البلدين إلى ولاية تندوف، موضحاً جملة من المكاسب التي ستتحقق مستقبلاً على المستوى المحلي وما سيتمخض عن هذه النتائج من ارتدادات ينعكس تأثيرها الايجابي على مواطني الولاية. مناطق التبادل الحر تحفز التنمية والاستقرار المجتمعي من جهته، أوضح رجل الأعمال يحياوي بيغا، أن زيارة الرئيسين الجزائري والموريتاني إلى منطقة التبادل الحر بتندوف، لها دلالات عميقة وتجسّد قوة ومتانة العلاقة الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وهي تشكّل استراتيجية للدفع بقوة تلك العلاقات الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية التي تعتبر أهم ركائز قوة العلاقة بين البلدين. وقال بيغا، إن وجود معبر حدودي بشكله الثابت ومنطقة حرة للتبادل التجاري وطريق معبّدة تربط البلدين، هي أسس وقواعد متينة لتقوية هذه العلاقة، معتبراً أن تفكير السلطات العليا في البلدين في إنشاء منطقة للتبادل الحر، دليلٌ على انتعاش التجارة بينهما، فالمناطق الحرة للتبادل، أينما وُجدت، هي مناطق قوية جداً ووجودها ضامن ومحفّز للتنمية والاستقرار المجتمعي. وعرّج المتحدّث ليرافع لأجل فكرة إنشاء خمس مناطق للتبادل الحر في الجزائر، باعتبارها من أسباب تقوية العلاقات السياسية والاقتصادية بين الجزائر ودول الجوار من جهة، وبين التجار الجزائريين ونظرائهم الأجانب من الدول الإفريقية من جهة أخرى، وهي فرصة للترويج وتصدير البضائع الجزائرية وخلق علاقات اقتصادية بين الجزائر وعمقها الإفريقي. وقال محدثنا، إن منطقة التبادل الحر بتندوف، التي وضع رئيسا جمهوريتي البلدين حجر أساس إنشائها، ستمكّن المستثمر والمصدّر من تسويق البضائع دون وجود مخاطر أو مغامرات تجارية، كما أنها ستخلق علاقات بينية بين التجار الجزائريين والموريتانيين، وستزيد من قوة المنافسة وستنشئ بيئة اقتصادية قوية بين الجزائروموريتانيا تتماشى وعمق العلاقات التجارية والاقتصادية والجوارية فيما بين البلدين. المعبر الحدودي بتندوف.. منافع بالجملة.. يرى الأستاذ بالمركز الجامعي تندوف، الدكتور محمد بودالي، أن المعبر الحدودي البري مصطفى بن بولعيد الرابط بين الجزائروموريتانيا، يكتسي أهميةً بالغة من الناحية الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية. وقال بودالي إن هذا المشروع سيحقّق مداخيل مهمة من العملة الصعبة، كونه معبراً مسؤولاً عن كل عمليات التصدير التي تتم باتجاه موريتانيا ودول غرب افريقيا بالأورو أو الدولار، ما سيساهم في تحسين ميزان المدفوعات وتكوين احتياطي الصرف. وأشار إلى أن المعبر الحدودي سيساهم في نجاح المنطقة الحرة للتبادل، باعتباره منفذاً الى بلدان غرب إفريقيا، فأي استثمار، سواء كان منطقة حرة تجارية أو صناعية أو خدماتية، تحتاج الى منفذ لتصدير المنتجات الى البلدان المجاورة، وبالتالي فإن هذا المعبر الحدودي سوف يدعّم نشاطات المنطقة الحرة للتبادل بتندوف ويدعّم كذلك الاستثمارات فيها. واستطرد بودالي قائلاً: «المعبر الحدودي سيساهم في إنشاء مؤسسات واستثمارات بولاية تندوف، خاصةً إذا ما تم تأطير عملية التصدير ووضع نظام معلوماتي يتعلّق بالطلب على المنتجات في البلدان المجاورة، وكذا الفائض من المنتجات في هذه البلدان وأسعارها». المتحدّث وهو يعدّد أهمية المعبر الحدودي البري، أشار الى أن له دور كبير في مراقبة الحدود، واستتباب الأمن في المنطقة ومكافحة كل أنواع الجرائم العابرة للحدود. وأضاف قائلاً، إن «هذا المعبر الحيوي، يمتلك أهمية استراتيجية كبيرة مقارنةً بباقي المعابر والنقاط الحدودية الأخرى، باعتباره معبراً يؤدي الى المحيط الأطلسي، ومنفذاً الى دول غرب افريقيا التي تشهد استقراراً من الناحية الأمنية». وتابع بالقول، إن افتتاح المعبر الحدودي البري مصطفى بن بولعيد من طرف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ونظيره الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، سيعزّز المكانة الجيو-سياسية للجزائر بين بلدان العالم، بحكم أنه بوابة الجزائر للدخول الى العمق الافريقي، وهو ما يعزّز من مكانة الجزائر دولياً. وعرّج بودالي بالحديث على الأهمية الاجتماعية للمعبر الحدودي الذي سيسهم لا محالة –يقول المتحدث- في توفير المنتجات التي تعرف طلباً كبيراً في الجزائر، فبعض الدول تمتلك فائضاً في المنتجات يزيد الطلب عليها في السوق الجزائرية، وهذا سيؤدي الى توريدها الى الجزائر بأسعار في متناول المواطنين الجزائريين، على غرار الأسماك الطازجة والمجمّدة، حيث بلغ استيراد الأسماك الطازجة من موريتانيا باتجاه ولاية تندوف بين عامي 2021/ 2023 ما يقارب 78 طنا، في حين بلغت كمية الأسماك المجمّدة المتجهة الى أسواق الجزائر العاصمة وجيجل وولايات أخرى حوالي 69 طنا. وأضاف قائلاً: افتتاح المعبر الحدودي مصطفى بن بولعيد سيقلّل من عمليات التهريب، لأن دخول المنتجات بطريقة قانونية سيجعل من عملية التهريب دون معنى، الى جانب إسهامه في بناء علاقات متينة بين شعوب المنطقة، من خلال تسهيله حركة الأشخاص عبر الحدود، خاصةً مع الشروع في تهيئة وتعبيد الطريق الرابطة بين تندوف والزويرات، وهو ما سيعزّز التلاحم بين الشعبين، بالنظر الى العادات والتقاليد المشتركة بينهما. تكامل ثقافي واجتماعي بين الشعبين الشقيقين وترى عضو المرصد الوطني للمجتمع المدني بتندوف، عائشة رمضاني أن المشاريع التي أطلقها رئيس الجمهورية خلال هذه الزيارة الثانية، ستساهم في ترقية فرص الانفتاح والتكامل الثقافي والإجتماعي بين الشعبين الشقيقين اللذين تربطهما روابط أخوية عميقة وعريقة وتجمعهما مواقف النضال المشترك في مقاومة المستعمر ومناصرة قضايا التحرر في العالم. كما ستشكل - تضيف رمضاني - «أداة للتنمية وتنشيط هذه المنطقة الحدودية من خلال تسهيل تنقل الأشخاص وتكثيف التبادلات التجارية بين البلدين ووسيلة هامة لترسيخ الروابط الاجتماعية والثقافية وجسر تجاري استراتيجي يعود بالمنفعة المتبادلة بين البلدين ودول غرب إفريقيا التي تعتبر من الأهداف الرئيسية للترويج للمنتوج الوطني».