الطاقة الأحفورية أداة فعّالة لتأمين التحوّل الطاقوي.. اعتبر البروفيسور إسماعيل اسماوي، مدير بحث بمركز تنمية الطاقات المتجددة بالجزائر، أن الجزائر قادمة لتكون أحد أكبر وأقوى الدول المنتجة للطاقة، وفق معادلة تنتهجها لتنويع مواردها وتوسيع استثماراتها، وانتهاج خيار التواجد في قلب الاستكشاف والتنقيب الخارجي، لذا فإنها ترفع رهانا كبيرا يمنحها مكانة أكبر بين المنتجين مستقبلا، خاصة أنها ترى في الطاقة الأحفورية أداة فعّالة لتأمين التحوّل الطاقوي.. يرى البروفيسور إسماعيل اسماوي، أن كل الجهود تتركز في الوقت الراهن على تنمية وتوسيع تدفق الطاقة، لذا تسعى الجزائر من خلال استراتيجياتها الاقتصادية وكذا الأمنية في مجال الطاقة، أن تضمن الاستمرارية في توفير هذه الثروة الحيوية، في إطار تصور استشرافي سليم ودقيق، يسمح لها بالمحافظة على مكانتها الدولية في إنتاج الغاز والنفط، ومن الطبيعي أن يتحرك مجمع سونطراك في وقت مبكر عبر تفعيل مختلف الآليات المفضية إلى تحقيق أهداف رئيسية بعيدة المدى. خبرة واحترافية وتطرق الخبير إلى أبعاد مشاريع سوناطراك المسطرة واستثماراتها الضخمة، في ضوء برنامج تنموي واعد للرفع من طاقة الاستغلال والإنتاج وكذا الاستكشاف، إذ لم تعد سونطراك تكتفي بأدائها داخل الوطن، بل قررت نقل خبرتها ومشاريعها إلى دول الجوار، وهذا ما يعكس المستوى الرفيع المحقق من طرف المجمع الرائد إقليميا، والمرشح ليكون ضمن الشركات الطاقوية العالمية المهمة في الصدارة، كونه يحتفظ برصيد ثري من الخبرة والاحترافية والكفاءة في الأداء، مكرسا تصورا جديا وواعدا، ولم يخف الخبير اسماوي أن هذا يتجلى ضمن نشاطات الشركة الوطنية سونطراك، خاصة أنها باشرت خطتها واستأنفت برنامجها الطويل والضخم عن طريق توسيع استثماراتها في الاستكشافات داخليا وخارجيا، ووقع اختيارها في البداية على كل من ليبيا والنيجر ومالي، علما أنه تربطها اتفاقيات رأت النور من خلال تأسيس شركات مشتركة، وستنطلق العديد من مشاريع الاستكشاف والتنقيب والإنتاج قريبا. وتعتمد سونطراك – كما أوضح الخبير - على إطارات رفعت التحدي وتمكنت من تحقيق العديد من الاستكشافات الثمينة بمفردها وبإمكاناتها الخاصة من دون شراكة مع شركات أجنبية خاصة خلال السنتين الماضيتين. ويعتقد الخبير اسماوي أن قرار شركة سوناطراك القاضي بضخ 40 مليار دولار للاستثمار في مجال الطاقة، من شأنه أن يفضي إلى تراجع الاستهلاك المحلي للغاز. ويسجل كل ذلك في وقت يشهد حرص وتقدم نحو زيادة استعمال الطاقات المتجددة للرفع من الصادرات وطرح مزيج متنوع يعزز من فرصها الاستثمارية التقليدية والمبتكرة على حد سواء. وأشار إلى أن المخطط الخماسي للاستثمار الخاص بشركة سوناطراك والممتد خلال الفترة (2023-2027)، رصد أزيد من 30 مليار دولار للاستكشاف والإنتاج من أجل الرفع من القدرات الإنتاجية على المدى القصير والمتوسط، وكل ذلك سيسفر عن تكريس الأمن الطاقوي، وتموين السوق العالمية بأريحية وأمان. تعزيز قدرات الحفاظ على المكامن الأحفورية وقال الخبير اسماوي إن التحول البارز متاح، ومن شأنه أن يسفر عن تحقيق غايتين، الأولى تتمثل في احترام الجزائر لتعهداتها مع زبائنها والشركاء الاقتصاديين في الخارج، وضمان الاستهلاك المحلي المتزايد سنويا من 3 إلى 5 بالمائة، وقد يتجاوز 60 مليار م3 بداية من 2030 بحسب تقديرات الخبير. في حين، تتمثل الغاية الثانية في تنويع المداخيل خارج قطاع المحروقات، عن طريق تقديم الخدمات سواء في مجال الاستكشاف في الخارج أو ضمان نقل المحروقات عن طريق الأنابيب. أما تعزيز القدرات فيما يخص المحافظة على المكامن الأحفورية، بهدف توجيهها إلى مسار التصدير أو نحو الصناعة البيتروكيمياوية، من أجل تنويع الاقتصاد، وتماشيا مع الإستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقوي، أوضح الخبير أن شركة سونطراك عكفت على إرساء ما يقارب 1.3 جيغاواط من الأنظمة الكهروضوئية لاحتياجاتها الكهربائية في محطاتها الانتاجية للمحرقات، مما يوفر ما قدره 520 مليون م3 من الغاز سنويا. على غرار البرنامج الوطني للانتقال الطاقوي الذي يطمح إلى تجسيده في آفاق عام 2035 من خلال تجسيد برنامج 15 جيغاواط من الأنظمة الكهروضوئية، ويمكن لهذه الأخيرة أن توفر ما يعادل 6 مليار م3 من الغاز في السنة. سواء في مجال الاستكشاف الذي تقوم به سونطراك، أو الهدف الذي تصبو إليه لإنتاج الهيدروجين الأخضر، كونه يعد بمثابة الوقود البديل في إطار الانتقال الطاقوي. ومع الطلب العالمي المتزايد لمادة الهيدروجين، فإن للجزائر آفاق واعدة لتعزز مكانتها في السوق العالمية للطاقة، خاصة وأن إمكاناتها متوفرة فيما يخص الهياكل القاعدية للنقل، مثل الأنابيب العابرة للمتوسط من جهة، والكمون الشمسي المهم للجزائر من جهة أخرى، علما أنه يعادل متوسط 3 آلاف ساعة إشعاع شمسي في السنة على ما يقارب 80 بالمائة من مساحة الوطن، وهذا ما يساعد على توفير الطاقة الكهربائية اللازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق تحلية مياه البحر، وفق ما أوضح الخبير اسماوي. ولا يخفى أنه في ضوء العديد من توقعات منتدى الدول المصدرة للغاز، من بينها ترقب الزيادة في الطلب العالمي على الغاز بنسبة لا تقل عن حدود 36 بالمائة، إلى 5460 مليار متر مكعب، في آفاق عام 2050، ينظر إلى الغاز الطبيعي الجزائري باهتمام كبير، ولأن الجزائر تتمتع بخبرة وبنية تحتية ضخمة وحديثة ومتطورة للتصدير، على غرار خطوط الأنابيب والمحطات، وهذا ما يجعلها قادرة على تصدير خبرتها وتثمين استثماراتها الخارجية بشكل يثير الإعجاب.