إستراتيجية وطنية آفاق 2030 - 2035 لإنتاج 15 جيغاواط من الطاقة الشمسية %96 من كهرباء الجزائر مصدرها الغاز الطبيعي ومشاريع مستقبلية لتنويع المصادر 20 مليون طن من الهيدروجين الأخضر حجم حاجيات السوق الأوروبية تجسيدا لالتزامه 21 من أجل تحقيق الأمن الطاقوي للبلاد، ومواكبة للمتغيرات الاقتصادية الطاقوية العالمية وكذا التغيرات المناخية التي دقت ناقوس الخطر جراء الانبعاثات الغازية، وفرضت التوجه إلى الطاقات النظيفة والمتجددة، حفاظا على الطاقات الأحفورية المعرضة للزوال في حال استنزافها من جهة، وتصديا للمخاطر الناجمة عن الانبعاثات الغازية من جهة أخرى، أصدر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تعليمات صارمة من أجل بعث الأبحاث والاستثمار في الطاقات المتجددة، حيث تجسدت تعليماته في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتحول الطاقوي في مارس 2023، كتتويج لسلسلة من جلسات عمل وورشات جمعت مختلف الفاعلين في مجال الطاقات المتجددة وآفاقها المستقبلية. أوضح مدير الهيدروجين والطاقات البديلة بمحافظة الطاقات المتجددة، رابح سلامي، أن الجزائر اعتمدت استراتيجية وطنية للتحول الطاقوي بهدف ضمان أمنها الطاقوي وبلوغ أهداف التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن الاستراتيجية ترتكز على ثلاث ركائز أساسية، أولها تطوير حلول تسمح بالتحكم في استهلاك الطاقة، من خلال عدة برامج لتطوير الفعالية، النجاعة والرصانة الطاقوية، خاصة وأن الاستهلاك الداخلي للطاقة قد بلغ ذروته في السنوات الأخيرة. في هذا الصدد، استدل مدير الهيدروجين والطاقات المتجددة، بقطاع السكن كمثال عن القطاعات التي سجلت أرقاما قياسية في استهلاك الطاقة، بما لا يقل عن 44% من إجمالي الطاقة المستعملة بالجزائر، إضافة إلى قطاع النقل، مما دفع السلطات العمومية إلى اتخاذ عدة تدابير وإجراءا للتقليل من استعمال الطاقة في هذين القطاعين. فالبنسبة لقطاع السكن، يقول المتحدث، فقد قام القائمون على القطاع بوضع برامج لدعم عملية عزل البنايات للتقليل من حاجتها للطاقة، سواء من أجل التبريد في فصل الصيف أو التدفئة في فصل الشتاء، إضافة إلى التخفيض من استعمال الغاز في فترات الذروة من البرودة في فصل الشتاء. كما قامت السلطات العمومية بعدة إجراءات بهدف ترشيد استعمال الكهرباء باستخدام مصابيح "لاد" ذات النجاعة الطاقوية، وطرح على مستوى السوق المحلية، منتجات كهرومنزلية مقتصدة للطاقة. أما فيما تعلق بقطاع النقل، فقد نال حظه هو الآخر من برامج ترشيد استعمال الطاقة، يقول رابح سلامي، وذلك من خلال محاولة التخفيض من استعمال الوقود والبنزين باستخلافهما بالغاز المميع. وهي استراتيجية أثبتت نجاعتها من خلال النتائج والأرقام المسجلة ميدانيا، حيث. تم تسجيل انخفاض في استعمال البنزين قدر ب3 ملايين طن سنة 2022 مقابل 4 ملايين طن سنة 2015، أي بفارق قدر بمليون طن. الطاقات المتجددة للحفاظ على الأحفورية من جهة أخرى، وفيما تعلق بالمحور الثاني من الاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة، فقد عملت الجزائر على تطوير استخدام الطاقات المتجددة، من خلال الرفع من نسبة هذه الأخيرة في المزيج الطاقوي الجزائري، حيث أوضح رابح سلامي، أن 96% من الكهرباء المستهلكة مصدرها الغاز الطبيعي. كما أن توسعة مجال استخدام الطاقات المتجددة - وفق المتحدث - سيسمح بتقليص استخدام الغاز الطبيعي وتوجيهه سواء إلى التصدير بما يسمح الرفع من مداخيل الخزينة العمومية من العملة الصعبة، أو توجيهه إلى عمليات التكرير والتحويل من أجل تطوير الصناعات التحويلية والبتروكيماية وتلبية حاجيات السوق المحلية من المواد البلاستيكية مثلا، وما يستعمل كمواد أولية بالنسبة لبعض الصناعات البروكيماوية، بلغت تكلفتها أرقاما قياسية من العملة الصعبة. في هذا الإطار - يقول محدثنا - وضعت الحكومة برنامج عمل واستراتيجية وطنية طموحة، تهدف إلى إنتاج 15 جيغاواط من الطاقة الشمسية آفاق 2030- 2035، حيث تم الانطلاق مؤخرا في تجسيد جزء منها، يعادل 3 جيغاواط، سيتم انجازها في المستقبل القريب، ومن خلال عملية حسابية - يضيف المتحدث- نجد أن 1 جيغاواط من الطاقة المتجددة سيمكن من اقتصاد 500 ألف متر مكعب من الغاز الطبيعي، وبالتالي فإن 15 جيغاواط يمكن من اقتصاد من 6 إلى 7 ملايير متر مكعب، يمكن استغلالها وتوجيهها إلى استعمالات مربحة للاقتصاد الوطني، كالتصدير بالنسبة للتجارة الخارجية أو الصناعات التحويلية بالنسبة للاستغلال المحلي وإنتاج المواد الهيدروكربونية. استثمار المؤهلات الجغرافية دائما وفي إطار الاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة والتحول الطاقوي، أوضح رابح سلامي، أن هذه الأخيرة تعززت مؤخرا بإنجاز خارطة طريق لإنتاج وتطوير الهيدروجين النظيف والمتجدد، حيث قدم المتحدث شروحات أفادت أن الجزائر بإمكانها اعتماد مقاربتين لإنتاج الهيدروجين بنوعيه الأزرق والأخضر، حيث يمكنها الاعتماد على مخزونها من الغاز الطبيعي لإنتاج النوع الأول، فيما يمكنها الاعتماد على الطاقات المتجددة بما فيها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من اجل إنتاج النوع الثاني من الهيدروجين. وفي هذا، تعتبر الجزائر - بحسب المختص في مجال الهيدروجين - من البلدان المؤهلة لتصدر المراتب الأولى في إنتاج الهيدروجين الأخضر، لما تمتلكه من مؤهلات طبيعية تعود إلى مساحتها المشمسة في أغلب فترات السنة، ومناخها الذي تخدم مميزاته هذا النوع من الطاقة النظيفة. مما يسمح بإطلاق عدد مهم من محطات إنتاج الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح بالعديد من مناطق البلاد، وهنا تجدر الإشارة إلى أن 80% من مساحة الجزائر تبقى غير مستغلة، مما يستدعي إعادة النظر والتبصر من أجل إعداد برنامج استشرافي من أجل أحسن استغلال للمقدرات الطبيعية ببلادنا. تسويق الهيدروجين.. أرضية جاهزة مسبقا وفيما يتعلق بتسويق إنتاج الجزائر من الطاقة، بالتحديد إنتاجها من الهيدروجين الأخضر، أشار رابح سلامي إلى أن موقع الجزائر الجغرافي المتوسطي، جسر استراتيجي يربط بين ضفتي المتوسط وكذا قربها من الأسواق الأوربية، سيسمح لها بنقل منتوجها من الهيدروجين الأخضر، معتمدة على بنى تحتية قوية، متكونة من أنابيب نقل الغاز الطبيعي من الجزائر إلى أوروبا بحراً، يزيد طولها عن 25 ألف كلم، حيث يمكن استغلالها في نقل الهيدروجين الأخضر والنظيف إلى الأسواق الأوروبية، سجلت الإحصائيات الاستشرافية أن حاجياتنا من الهيدروجين الأخضر، في غضون 2030، تصل إلى ما يعادل 20 مليون طن من هذه الطاقة النظيفة. وفي هذا الشأن، يرى سلامي أن الجزائر بإمكانها أن تصبح موردا ذا أفضلية وذا أولوية، بالنظر إلى مؤهلاتها السابقة الذكر.. حيث تستعمل الجزائر شبكتها من أنابيب نقل الغاز الطبيعي في نقل الهيدروجين، عبر شريطها البحري إلى الأسواق الأوروبية، إضافة إلى مشاريعها المستقبلية فيما يتعلق بالبنى التحتية وإنشاء أنابيب مخصصة لنقل الهيدروجين الأخضر. كما ستتدخل خبرة الجزائر الطويلة في إنتاج ونقل الغاز الطبيعي في دعمها كأفضل منتج ومورد للغاز الطبيعي، منذ عقود، حيث يعتبر مصنع تمييع الغاز الطبيعي "لاكامال" للغاز المسال الذي أنشئ سنة 1964، الأول والوحيد على مستوى العالم.