بوغالي بالقاهرة لترؤس أشغال المؤتمر ال7 للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية    شركة جازي تفتتح فضاء جديدا خاصا بالحلول التكنولوجية بالدار البيضاء بالجزائر العاصمة    الدورة الافريقية المفتوحة للجيدو: سيطرة المنتخب الوطني للأواسط في اليوم الأول من المنافسة    أنشطة فنية وفكرية ومعارض بالعاصمة في فبراير احتفاء باليوم الوطني للقصبة    مجموعة ال20: عطاف يشيد بتركيز رئاسة جنوب افريقيا على حاجيات القارة وتطلعاتها    وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية يترأس بسطيف لقاء مع مسؤولي القطاع    تنظيم الطبعة ال21 لنهائي سباق سعاة البريد في اطار احياء اليوم الوطني للشهيد    ترسيم مهرجان "إيمدغاسن" السينمائي الدولي بباتنة بموجب قرار وزاري    تحديد هوية الإرهابي الخطير الذي تم القضاء عليه يوم الخميس بالمدية    سفارة أذربيجان بالجزائر تستعرض مجموعة من الإصدارات الجديدة في لقاء ثقافي    المغرب : "تصالح الحكومة مع الفساد" أدت إلى استفحال الآفة في كل مفاصل المملكة    ياسين وليد: ضرورة تكييف عروض التكوين مع متطلبات سوق العمل لكل ولاية    بوغالي يستقبل رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي بالجزائر    الرئيس الفلسطيني: نعمل على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة    زروقي يدشن أول مركز للمهارات بسطيف    سايحي يضع حيز الخدمة مركز مكافحة السرطان بطاقة 140 سريرا بولاية الأغواط    تسخير مراكز للتكوين و التدريب لفائدة المواطنين المعنيين بموسم حج 2025    جائزة سوناطراك الكبرى- 2025: فوز عزالدين لعقاب (مدار برو سيكيلنغ) وزميليه حمزة و رقيقي يكملان منصة التتويج    الرابطة الأولى: شباب بلوزداد يسقط في سطيف (1-0) و يهدر فرصة تولي صدارة الترتيب    تدشين مصنع تحلية مياه البحر بوهران: الجزائر الجديدة التي ترفع التحديات في وقت قياسي    بن طالب.. قصة ملهمة    فرنسا تغذّي الصراع في الصحراء الغربية    تردي متزايد لوضعية حقوق الإنسان بالمغرب    الشروع في تسويق طراز ثالث من السيارات    إنقاذ 221 حرّاقاً بسواحل الجزائر    غزّة تتصدّى لمؤامرة التهجير    افتتاح أشغال الدورة التاسعة عشر لبرلمان البحر الأبيض المتوسط بروما    بو الزرد: دخول منحة السفر الجديدة حيز التنفيذ قبل نهاية رمضان أو بعد العيد مباشرة    شرفة يعلن عن الشروع قريبا في استيراد أكثر من مليوني لقاح ضد الحمى القلاعية    اختيار الجزائر كنقطة اتصال في مجال تسجيل المنتجات الصيدلانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا    لقاء علمي مع خبراء من "اليونسكو" حول التراث الثقافي الجزائري العالمي    أمطار مرتقبة في عدّة ولايات    مبارتان للخضر في مارس    الاهتمام بالذاكرة لا يقبل المساومة    الرئيس تبون يهنيء ياسمينة خضرا    خنشلة: الأمن الحضري الخارجي المحمل توقيف أشخاص في قضيتي سرقة وحيازة كحول    هذا زيف الديمقراطية الغربية..؟!    أدوار دبلوماسية وفرص استثمارية جديدة للجزائر دوليا    أيوب عبد اللاوي يمثل اليوم أمام لجنة الانضباط    مضوي غير راض عن التعادل أمام الشلف    قمة بأهداف صدامية بين "الوفاق" و"الشباب"    توقُّع إنتاج كميات معتبرة من الخضروات خلال رمضان    احتفالات بألوان التنمية    إثر فوزه بجائزة عالمية في مجال الرواية بإسبانيا رئيس الجمهورية.. يهنئ الكاتب "ياسمينة خضرا"    مشاريع تنموية واعدة في 2025    دعوة لإنشاء منظمات عربية لرعاية اللاجئين    تتويج "الساقية ".. بجائزة كلثوم لأحسن عرض متكامل    هذا ما يجب على مريض السكري التقيُّد به    "حنين".. جديد فيصل بركات    حج 2025: إطلاق عملية فتح الحسابات الإلكترونية على البوابة الجزائرية للحج وتطبيق ركب الحجيج    الزيارة تستدعي الإدانة كونها استخفاف بالشرعية الدولية    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاستغفار أمر إلهي وأصل أسباب المغفرة    هكذا يمكنك استغلال ما تبقى من شعبان    سايحي يواصل مشاوراته..    وزير الصحة يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية لأساتذة التعليم شبه الطبي    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متنفَّس عبرَ القضبان (102)
نشر في الشعب يوم 28 - 02 - 2024

بدأت مشواري التواصلي مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر جوان 2019 (مبادرة شخصية تطوعية، بعيدا عن أي أنجزة و/أو مؤسسة)؛ تبين لي أن الكتابة خلف القضبان متنفس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كل زيارة؛
عقبت ولاء صوالحة (أخت الأسيرة إخلاص): "جنين يا إسما على مسمى طبتِ وطاب أصلك يا بنت الأكابر. الله يفكّ أسرك أنت وإخلاص وآية وجميع الأسيرات الحرّات الشريفات. يجب علينا شكرك أستاذنا القدير حسن عبادي لاطمئنانك الدائم لنا ولهن، أخواتنا وبناتنا وأمهاتنا دمت بخير". وعقّبت أم رامي السلايمة (والدة الأسير الجريح محمد محمود السلايمة): "حسبنا الله ونعم الوكيل، يا ريت ذلك الأعمى الأصم، يرى كيف تُعرّى الحرائر في كلّ وقت وحين من قبل عصابات أحقر البشر. اللّهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، وفرّج عن أسيراتنا وأسرانا بالقريب العاجل". وعقّبت الأسيرة المحرّرة لمى خاطر: "ربنا يفرجها على جنين الجدعة وعلى كلّ الأسيرات والأسرى. والشكر دائم لك أستاذ حسن على جهودك وعلى إدامتك لهذه النافذة التي يطلّ عبرها الأهل والناس على الأسرى والأسيرات، في ظلّ هذه العزلة التي تعيشها السجون".
وعقّب الصديق إبراهيم الخطيب أبو وسيم من الشتات: "لك التحية ولابنة شعبها عبير قواسمي... انت ابنتي تدفعين ثمن أنك فلسطينية وثمن ثاني لأن جدك عزيز الدويك... المجاهد الفلسطيني العنيد.. لك ولكلّ أسرانا الحرية".
وعقبّت أم جميل (والدة الأسيرة براءة): "الحرية لجميع الأسيرات، يوم عن يوم بناتنا يثبتن أنّهنّ قويّات، بوركت جهودك أستاذ حسن لن تتخلّى عن أسرانا في زمن تخلّى عنهم الكثير". وعقّبت رهف العبد الله: "عرينة يا حبيبة قلبي قديش اشتقتلك يا روحي. تركت جواتي أثر وعمق كبير قبل ما يعتقلوك بس بساعة بالزبط كنّا نحكي، قديش كنّا نخطط تفتح الجامعة ونروح نغيّر جو، حكينا كتير ضحكنا كتير، بس ما كنت أعرف حتغيبي عني وحشتاقلك كتير. لو كنت بعرف ما تركتك لحظة، لو كنت بعرف كان ضليت معك 24 ساعة لو كنت بعرف لخبيتك جواتي، كنت تضلي تحكي للكلّ بالجامعة هاي غزاوية، تحكيلي معجوقة أكتر منك عشانك غزاوية كنت تكوني مبسوطة أكتر مني اني غزاوية واني صاحبتك، قديش كنت ارتاح لما نحكي وننبسط قديش خططنا بس تخف الحرب شو نعمل، قديش اشتقتلك يا عرين، قديش فقدت كلّ لحظة معك يا حبيبة روحي، كلماتك وجعت قلبي تخيلتك قدامي، بس بعرف انك رغم انك عيوطة قوية كتير، في حفظ الله وفي دعائنا دايمًا يا حبيبة قلبي، الله يهونها عليك وع جميع الأسيرات والأسرى ويقر أعيننا بشوفتكم.. وجعت قلبي كتير، اشتقتلك كتير كتير، الله يقر عينيّ بشوفتك يا حبيبتي" نشرت يوم 29.11.2023 خاطرة بعنوان "صفّرنا الدامون"... وخاب أملي. عُدت لزيارة الدامون لأسمع عن الانتهاكات المستمرّة بحقّ حرائرنا؛
عدت لأسمع حكايات جامعيّات تمّ اختطافهنّ من مقاعد الدراسة؛ عدت لأسمع حكايات الترهيب داخل غياهب السجون فبات الإنشاد جريمة؛ وصور مشهد الاعتقال والتحقيق والتعذيب في الساعات الأولى لفقدان الحريّة؛ وطقوس التفتيش العاري، الفردي والجماعي، وقلقهنّ إذا كان المشهد مصوّراً؛ وساديّة المحقّقين وحِقد المجنّدات؛ والألفة والمحبّة بين الأسيرات وطقوس استقبال أسيرة جديدة، وسعادتهنّ لتعلّم شيء جديد في الأسر؛ وتوق الأسيرات لأخبار الأهل وغزّة وما يجري في الخارج؛ وشوقهنّ لرسالة طمأنة من الأهل وأنهنّ غير منسيّات؛ وقساوة الاعتقال وظروفه السوداوية. ولبسة الترويحة من ساعة الاعتقال الأولى؛ كلّ ذلك رغم مأساويّة المشهد، ومن الألم والمعاناة يولد الأمل بغدٍ مشرق وأفضل لبلادنا.
أحن إلى حبز أبي
زرت صباح يوم الأربعاء 17 جانفي 2024 سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب لألتقي بالأسيرة جنين محمد طه عمرو من دورا/ الخليل (مواليد 27.04.2002)، أطلّت مبتسمة يرافقها 3 سجّانين، ومباشرة قرأت على مسامعها رسالة والدها (وعلاماتها الجامعيّة، طالبة هندسة زراعية، سنة رابعة، جامعة الخليل) فدمعت عيناها فرحة وصاحت: "هذا بفشّ القلب". وظهر الخميس، 18 جانفي، إلتقيت بأسيرة خليليّة أخرى؛ عرين مروان عبد الرؤوف القواسمي (مواليد 09.09.2003)، جامعيّة، سنة ثالثة، مولتيميديا، جامعة الخليل. حدّثتني جنين عن زميلات الزنزانة (شهد، أنغام، عرين، براءة، ملاك، أميمة، تمارا، آية، نوال، حليمة)، وصوّرت لي وضع زميلات الأسر؛ الاكتظاظ الكبير وخمس أسيرات في زنزانتها يفترشن الأرض، كميات الأكل القليلة (بسّ بسكّت جوع)، تجويع وتبريد متعمّد، وهناك أسيرات كثيرات بدون غيار "بغسلن الملابس الداخليّة وبلبسنها مبلولة"، أو يغسلنها قطعة/ قطعة وبتظّل بدون تا ينشف، لابسة جاكيت آية، بيجاما إجت معها من البيت، بابوج أميمة، المنديل من الصبايا، زوّدتها آية حين وصولها بغيار داخلي إضافي وتنازلت عنه للأسيرات الجدد، طقم صلاة واحد لكلّ الغرفة وبتناوبن عليه، ووضع الكانتينا "إجوا مبارح وعرضوا على آية تدخّل إلها أغراض ناقصة فرفضت قائلة: بدّي للبنات!"... وأخبرتني أنّ إدارة السجن زوّدتهن ببخّاخات ضدّ القمل.
حدّثتني جنين عن ساعة الاعتقال؛ تسكير الغرفة على الأهل واقتحام الجنود لغرفة البنات، مع أضواء البواريد، سحبتها مجنّدة لغرف أخرى وتم تعريتها وتفتيشها، اقتيادها بالجيب لثكنة "المجنونة" العسكريّة، وهناك تم وضعها في كرفان مع ماتورات صاخبة، معصّبة العينين ومكلبشة للوراء، وثاني يوم إلى عوفر البغيض، "المجنّد صرخ بي: نزّلي راسك، وحاول يركّعني، رفضت، مسكني من رقبتي ونزّل راسي بالقوّة، ظلّ ماسكني من رقبتي، مسكة كمّاشِة، وأنا مكلبشة، ووجهي مغطّى، بِمشي بسرعة، وأنا مش شايفة، مرّة بخبطني بالحيط، ومرّة بتعرقَل بالدرج، ضرب كلّ الوقت، أنت "خماس وإرهاب"، مسبّات قذرة، دخّلني زنزانة وخبطني بالحيط بقوّة، ولما أدخلوا الصبايا تروحنِتْ، الغرفة "ثلّاجة" والسقعة من الجدران".
وصلنا الشارون وتم تفتيشنا عارياً وبالكامل، وبعد تعريتي تم ضربي وتخبيطي بجهاز كشف المعادن، وخاصة السجّانة "السمراء العقربة"، كنا 6 بنات بالغرفة، 4 فرشات و4 بطانيات، برد كثير وحاضنات بعض. صباحية اليوم الثاني تفتيش عاري بالكامل، جماعي، 6 أسيرات، وغضّينا الطرف! وحين وصول الدامون تم تفتيشها العاري مرّة أخرى.
أوصلت عبر جنين رسائل الأهل لبناتهم، وأملت عليّ رسائل الصبايا لأهاليهنّ. أوصلت عبر عرين رسائل الأهل لبناتهم، وعبطات وبوسات ولاء لأختها إخلاص بمناسبة عيد ميلادها هي، وأملت عليّ رسائل الصبايا لأهلهنّ. فجأة قالت عرين: "من أول ما وصلت الدامون اخترت لبسة الترويحة"! طلبت جنين إيصال سلاماتها للعائلة، حلمت أنّ والدها طعماها خبز طابون من صنع يداه، ورسالتها لوالدتها "البنات عندي بالغرفة كثير مناح، بقولي عنّي حنونة، لأنيّ بواسيهن لمّا يعيّطوا". وطلبت عرين إيصال سلاماتها للعائلة، فرداً فرداً، وطلبت مرّة ثالثة قراءة رسالة والدتها. وحين ودّعتها قالت: "بالله عليك، طمّنوني على سيدي عزيز" وتبيّن لي أنّ جدّها عزيز دويك أسير!!! لكنّ عزيزاتي جنين وعرين أحلى التحيّات، والحريّة لكنّ ولجميع أسرى الحريّة. حيفا جانفي 2024.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.