ضمانات دستورية وقانونية باحترام مهلة الإجراءات التي تسبق الانتخابات اختيار هذا التاريخ يستبعد اللجوء إلى أي أحكام أخرى استثنائية يقّر المختصون بمشروعية وشرعية القرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بتسبيق الموعد الانتخابي بثلاثة أشهر، مع الإشارة إلى أن الرئيس هو المجسد لإرادة الأمّة والساهر على انسجام مؤسساتها الدستورية واستمرار الدولة. كما أن موعد السابع سبتمبر يمنح كل الضمانات باحترام جميع الإجراءات التي تسبق العملية الانتخابية، انطلاقا من استدعاء الهيئة الناخبة، وصولا إلى الصمت الانتخابي. يرى أستاذ القانون العام بجامعة الجزائر-01، الدكتور أحمد دخينيسة، أن الدستور الجزائري يمنح رئيس الجمهورية صلاحية تقديم الانتخابات، لذا فمن الناحية الدستورية فالقرار مؤسس ودستوري بامتياز. وذكّر الدكتور دخينيسة، بأن رئيس الجمهورية بمركزه الدستوري هو الساهر على حماية الدولة وضمان استمرارها والساهر كذلك على انسجام عمل سلطاتها الدستورية، قائلا: «بحكم مركزه الشرعي يمنحه الدستور هذه السلطة الكبرى، لأنه بالأساس رئيس الجمهورية ويجسد الدولة، كما يوكله مهمة الحرص على هذه الأمة وسيادتها وانسجام عمل مؤسساتها الدستورية السيادية». في هذا الإطار، فرئيس الجمهورية وفق المادة 91 الفقرة 11 التي جاءت خاصة في التعديل الدستوري الأخير والتي تخول الرئيس سلطات محفوظة له حصرا، فهو في نظر القانون المجسّد للأمّة والدولة في وحدتها وفي انسجام عمل مؤسساتها واستمرارها. وقال الأستاذ دخينيسة، «إن الفلسفة الأساسية التي يجب قراءة جميع ما يحيط بهذا القرار من خلالها، هي أن المهمة الأساسية للرئيس هي الحرص على استمرارية الدولة، وكل الإجراءات تندرج في هذا الإطار وليس هناك أي انتقاص أو تأثير على هذا المبدإ من خلال تقديم موعد الانتخابات». من جهة أخرى، أوضح الدكتور دخينيسة أن قرار رئيس الجمهورية الذي أصدره يضع تاريخ استدعاء الهيئة الناخبة وتاريخ إجراء الانتخابات، كأكبر ضمانات احترام كل المراحل التي يقتضيها القانون، سواء من حيث الترشيحات، وقرارات السلطة المستقلة للانتخابات، والمحكمة الدستورية والحملة الانتخابية، وغيرها من الإجراءات التي تسبق العملية الانتخابية. لذا فالتاريخ الذي تم الإعلان عنة ينم عن تحضير مسبق واختيار أنسب موعد لتقديم الاستحقاقات الرئاسية. وقال أستاذ القانون العام، «إنّ اختيار هذا التاريخ يستبعد اللجوء إلى أي أحكام أخرى استثنائية، وهو ما يعطي كل الضمانات باحترام جميع الإجراءات وفي آجالها المحدّدة. وانطلاقا من استدعاء الهيئة الناخبة سيرتب القانون آثاره في مراحله آجاله المتعلقة بمهلة الترشيحات، والتي يتخللها جمع التوقيعات، بالإضافة إلى مهلة الطعن في قرارات السلطة المستقلة للانتخابات في حال ما كان هناك أي رفض لملفات الترشح». وأكد محدثنا، «القرار سيّد وشفاف وواضح واتخذ في سعة من الوقت لإعلان الشعب الجزائري أولا صاحب السيادة، ورئيس الجمهورية الذي يمثله يأخذ بكثير من الآثار المتعلقة بسير الدولة وسط محيط دولي تنتابه العديد من المخاطر، لذا فالمرحلة القادمة تقتضي الحفاظ على أمن الدولة والرئيس هو المكلف بهذا وله سلطة تقدير الوقائع والظروف لاتخاذ القرار المناسب». وقال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالمديرية الوطنية العليا للعلوم السياسية، الدكتور حمزة حسام، إنّه ومن الناحية القانونية «فمن الواضح أننا بصدد وضع طبيعي مارس فيه الرئيس سلطة مُنحت له بموجب الدستور، وهو وضع ينأى عن الاستثناءات المنصوص عنها في المادة 94، والتي تحصي وتضبط النواظم والميكانيزمات للتعاطي مع الحالات الطارئة التي قد تحلّ بشاغل منصب رئيس الجمهورية، والتي لا تتوافر دواعي استدعائها في السياق الجزائري حالياً». وقال حسام، «كان واضحاً حرص الرئيس تبون الشديد على تكريس التماسك داخل مؤسّسات الدولة وترسيخه طوال فترة حكمه تجنباً لأي انقسام قد يعيد البلد إلى وضع ما قبل عام 2019». ويرى الأستاذ بالمدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية، أن تحديد تاريخ السابع سبتمبر يسمح بإجراء انتخابات في ظروف ملائمة أكثر من آخر انتخابات رئاسية أجريت على ضوء أحداث سياسية، حتمت إجراء الانتخابات في أقرب سانحة. كما أن تسبيق موعد الانتخابات يعكس حالة من الاستقرار التي تعيشها الجزائر وقدرة الدولة على خوض هذا الاستحقاق في ظروف سياسية ملائمة وتوفير مختلف الشروط لإنجاح هذا الموعد. وقال المحلل السياسي حمزة حسام، «ما نحن مقبلون عليه من رهانات وتحديّات على الصعيد الدولي والإقليمي وحتى الداخلي، يتطلب حسم الاستحقاقات الرئاسية في أفضل الظروف وأسرع وقت ممكن، تجنبا لخوضها تحت الضغط».