الأوريغامي أو فن طي الورق، فن تقليدي ياباني شعبي قديم وجزء من الثقافة اليابانية، نشأ في القرن السادس في الصين باسم "زهي زهي" واللفظ مشتق من اللغة اليابانية، "أوري" يعني "طي" و«غامي" يعني "ورق" هو أكثر من مجرد هواية وتسلية، بل فن يتصف بالبساطة والغرابة والجمال ورمز للسلام وفسحة للتمتع ووسيلة تربوية ناجعة، بدأ ينتشر في الجزائر بعد أن أصبحت تنظم له أيام وطنية بولاية النعامة بفضل الجمعية الثقافية الوان بمدينة العين الصفراء التي يعود لها الفضل في إدخال هذا الفن الى الجزائر - حسب رئيسها الفنان التشكيلي بوشطاطة ابراهيم -، بينما يرى آخرون أن فن طي الورق لعبة جزائرية تقليدية قديمة. الأوريغامي نشاط فكري إبداعي يعتمد على المهارة اليدوية وعلى تقنيات لطي ورقة مسطحة وملونة ومربعة الشكل في اتجاهات مستقيمة ومنحنية بالضغط الخفيف والثقيل لتتحصل في النهاية على عمل فني أوريغامي بنوعيه العادي وثلاثي الأبعاد، في أوضاع رائعة، له أشكال طبيعية مثل (طيور، حيوانات، حشرات، أسماك، كائنات، أزهار، ورود، فواكه، ألعاب، دمى أقنعة، قوارب، علب، طائرات، أشكال هندسية..) بألوان وأحجام مختلفة وبمستويات متعدّدة. والأوريغامي - حسب الفنان التشكيلي بوشطاطة ابراهيم -، واحد من أجمل الفنون الشعبية اليابانية، فهو فن تشكيل الورق على هيئة أشكال زخرفية جميلة، لا يعرف عمرا محددا، فهو فن شعبي للجميع للكبار والصغار باختلاف مستوياتهم وأجناسهم ولغاتهم، يتدرج من الأشكال والطيات السهلة البسيطة للغاية إلى الصعبة إلى الجد معقدة، فكلما زادت الطيات زادت الصعوبة وزاد التركيز والصبر لإتمام العمل، وهناك فرع من الأوريغامي يسمى - كيريغامي - وهو طي الورق مع استخدام الصمغ أو المقص لصنع الشكل المراد، القارب والطائرة الورقية، كلنا يذكر تلك اللعبتان اللتان غزتا العالم العربي بأسره وقد صنعها الكبير والصغير، ومن يجيدهما فقد حقق نصرا عظيما على زملائه، حتى اعتقدنا أن هذا الفن قد توقف عند هاتين اللعبتين، يضيف بوشطاطة، في حين أننا سنفاجأ إذا علمنا أن هناك الآلاف والآلاف من الانجازات الفنية يمكن عملها بالورقة ذاتها. منذ قرون مضت، كانت تصاميم الأوريغامي الأولى بسيطة ومنمقة، واليوم أصبح الأوريغامي شكلاً من أشكال الفن الذي ينتج تصميمات متطورة ومعقدة وعالية التقنية، منحوتة من قبل فنانين محترفين في جميع أنحاء العالم، يعملون دائمًا وفقا للقول المأثور "مربع واحد، بدون قطع، بدون غراء"، حقيقة أن الاوريغامي لم ينشأ في اليابان ويعتقد بأنه بدأ في الصين ما بين القرن الأول والثاني قبل الميلاد مع ظهور الورق منذ 2000 سنة، بحكم اختراع الورق في الصين ومن الرحلات التي كانت بين الصينواليابان نقل الرهبان البوذيون في القرن السابع عشر بعد الميلاد الورق إلى اليابان - يقول بوشطاطة -. وأضاف، أنه لا أحد يعرف من الذي ابتكر تقنية طي الورق التي أطلق عليها اسم أوريغامي الياباني في حين لم ينسب إلى أي فرد بعينه أنه اخترع الأوريغامي، إلا أن اليابانيين كانوا أول من ابتكر كتابا عن هذه التقنية، وقد نشر أول كتاب في فن الأوريغامي في اليابان سنة 1797، يحتوي على 62 صفحة يدعى "هادين سينبازورو أوريكاتا - Hiden Senbazuru Orikata " وبالعربية " سر طي ألف رافعة" (الرافعة هي طائر الكركي( LA GRUE -، الرقم 1000 في العنوان يستخدم رمزيا، فإذا قمت بطي جميع التصميمات الموجودة في الكتاب، فقد قمت بطي 250 رافعة فقط، والكتاب به تصميمات الأوريغامي وقصائد شعرية هزلية (أكيوكا (kyoka ولا يبدو أنه قد أعيد نشره منذ ذلك الحين فهو يمثل نقطة تحول في تقاليد الأوريغامي عندما تحولت طريقة التدريس من المباشر حصريا إلى تعليمات النص والتخطيط فهذا الكتاب ليس فيه فائدة كبيرة خاصة بالنسبة للمبتدئين، فهو يفتقر إلى العديد من المخططات، وعلى وجه التحديد يظهر طرقا متعدّدة لقطع الأوراق مسبقا لإنشاء رافعات متصلة، ويحتوي على مخططات تفصيلية لعشرات النماذج بما في ذلك الرافعة الأيقونية "تسورو"، وعلى عدد قليل من الصور لأشخاص يلعبون بالرافعات. وذكر بوشطاطة ابراهيم، أنه في البداية كان هناك القليل جدا من الورق المتوفر لغلائه ولم يتوفر لدى الطبقة الكبرى من الناس، لذلك كان للأغنياء والنبلاء نصيب الأسد من هذا الفن، ومع تطور أساليب صناعة الورق أصبح سعره أقل غلاء وهذا ما جعله فنا منتشرا للجميع، ومع أن الشعب الياباني كان دائما حريصا على عدم إضاعة أي شيء فقد كان يحتفظ بأصغر قصاصة ورق لاستخدامها في طي أشكال الأوريغامي، كان أول وأقدم دليل على وجود فن طي الورق في اليابان هو قصيدة قصيرة من الشاعر "إيهارا سايكاكو" سنة 1680، أين وصف الفراشات المصنوعة عن طريق طي الورق تطير في أحلامه. وأوضح ذات المتحدث أن فراشات الأوريغامي كانت تستخدم أيضاً في أعراس نبلاء "الشينتو" بتغليف أقداع النبيذ أو الأرز بشكل فراشة لتمثيل العريس والعروسة، ويذكر أن فن تشكيل الورق بدأ سنة 700م عندما قدم الورق إلى اليابان، فكان يصنع منه ديكورات المراسم الدينية وتلف به الرسائل والهدايا بشكل جميل وأصبح الأوريغامي جانبا مهما في المراسم الاحتفالية اليابانية خلال فترة الإمبراطور هيان Hian 794 1185 )، خلال فترة موروماتشي Muromachi (1338 – 1573 ) أسست عائلتا أوغاساوارا - Ogasawara وآيس - Ise قواعد آداب التعامل مع الأوريغامي، وأصبحت الحلي المطوية رسميا شرطًا للتغليف المناسب، لا يزال هذا التقليد قائما حتى اليوم، حيث يتمّ طي الورق لصنع الحلي التقليدية المسماة نوشي - noshi والتي توضع على هدايا مغلفة بالإضافة إلى الزخارف على شكل فراشة تسمى ميكو- mecho وأوشوار- ochoare الأوريغامي تنمية للصغار وإبداع للكبار ذكر بوشطاطة ابراهيم، أن الذكاء أمر نسبي يختلف من طفل لآخر، لكن طالما ولد الطفل طبيعيا ولا يعاني من أي تأخر عقلي، فإن الذكاء أشبه بعضلة يمكن تمرينها بالتغذية السليمة وبالتدريبات الذهنية والعقلية، وقال إن "الأوريغامي من الفنون التي تساعد على ذلك، فهو فن يتعلمه أطفال اليابان منذ الصغر، لتأثيره الإيجابي الواضح على الأداء العقلي والدراسي للأطفال، حيث يقوي من ذاكرة الأطفال، فعليهم مشاهدة الخطوات والاستماع إليها جيدا لينفذوها بمفردهم لاحقا، فيتعلموا بذلك الصبر والتركيز، كما يتمّ تعليم الأطفال كيفية إتباع الخطوات بدقة، لكي يصلوا للنتيجة الممتازة فيتعلموا العلاقة بين النتائج والأسباب، كما أنه يقوي خيال الأطفال وطاقاتهم الإبداعية والحس الجمالي، ويقوي الشعور بالإنجاز ووضع الأهداف وتحقيقها، ومهاراتهم الاجتماعية خاصة عند ممارسته مع الوالدين أو الأصدقاء فيزيدهم فخر وثقة بالنفس، ويساعد الأطفال على التفكير الصحيح واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، فأي خطأ في الأوريغامي يمكن أن يؤدي إلى فشل العمل، لأن كل خطوة تعتمد على خطوة أو قرار صحيح قبلها، كما يمكنه المساعدة على تعلم مهارات وحقائق وقواعد رياضية وهندسية واكتساب معلومات جديدة، فضلا عن ذلك فقد أثبتت التجربة نجاح الأوريغامي كأداة تربوية ناجعة في مجالات التنمية والتعليم واللغة والهندسة والطب النفسي وتعديل السلوك". الحلي بالأوريغامي - BIJOUX EN ORIGAMI يرى بوشطاطة، أن بعض أعمال الأوريغامي غير المعقدة يمكن تصغيرها واستعمالها في انجاز حلي؛ كصنع خاتم وسوار وعقد وقرط ومشبك.. وغيرها، ولصنع هذه الحلي يجب اختيار ورق غير خشن يمكن التحكم في طياته الصغيرة كورق حفظ الشاي الفضي والمذهب، وأنواع أخرى من الأوراق الجذابة والقوية بما فيه الكفاية. يخدم الطب والهندسة الميكانيكية والمعمارية الأوريغامي - حسب رئيس جمعية الوان الثقافية -، موجود في تطبيقات تتعلق بصحة الإنسان كصناعة دعامات شرايين القلب لتنتهي بتقنيات معالجة شبكية العين وزراعتها. كما نجده أيضا في تطبيقات أكثر أهمية والتي يمكن أن تنقذ العديد من حياة البشر كتصميم الوسادات الهوائية الخاصة بالسيارات، وصنع أنابيب القطارات السريعة في اليابان، أين استخدمت دعامات مطوية داخل الأنابيب لإمتصاص الضغط الزائد لتقليل من خطورة حدوث الحوادث. ويخدم الاوريغامي المهندسين والمعماريين بفكرة إنشاء هياكل مفيدة وتصاميم فريدة، وأكثر مقاومة من خلال منحها أشكالًا أصلية، معاصرة غير عادية، كما ان للأوريغامي علاقة بالرياضيات - Origami et mathématiques، فهو مصدر تعليمي مثري. وفي دراسة قام بها المركز الوطني لإحصائيات التعليم سنة 2003، يضيف المتحدث، "وجد أن مادة الرياضيات هي أحد مسببات ضعف التحصيل الدراسي لدى الطلاب الأمريكان بالنسبة لعلم كالرياضيات، الذي ينظر إليه معظم الناس على أنه علم مجرد جامد رتيب خال من أي شكل من أشكال الحياة، ووجد أن للأوريغامي دور في بث روح الحياة والتجديد في تلك المفاهيم، والمعادلات، والرموز الرياضية، بل وتقوي من قدرات الطلاب الاستيعابية لها باستخدام مثال لأي شكل من الأوريغامي وربط مفاهيم الطول والعرضِ والارتفاعِ على أساسه، سوف يتسنى للطلاب تعلم تلك المصطلحات الرياضية الأساسية كما سيتعلمون عدة طرق لوصف ذلك الشكل، فلفن الأوريغامي علاقة وطيدة بالرياضيات، نظرا لإتباعه قواعد رياضية خاصة به، ما سمح بالاستفادة منه في مجالات التكنولوجيا والعلوم، وهناك تطبيقات كثيرة مختلفة، فعلى سبيل المثال، يصعب تقسيم أي زاوية إلى ثلاثة أقسام متساوية، في حين يمكن تقسيمها وبسهولة باستعمال الأوريغامي". ورق الاوريغامي ذكر بوشطاطة ابراهيم، ان هناك عدة انواع من الورق تستعمل في فن الأوريغامى منها: ورق الواشي: وهو ورق ياباني تقليدي مصنوع يدويًا من الألياف الطبيعية لأكثر من 1300 سنة، ذو ألياف طويلة متشابكة، كان يصنع يدوياً في الماضي من ألياف أشجار البامبو والقمح، يتميز بخلاف الورق العادي بمرونته وقوته ومقاومته الرائعة للتجاعيد والتمزقات، وبخفته وطول عمره ..، أما الآن فهناك محلات متخصصة فى بيع هذا النوع من الورق، ويعد "الواشي" من أغلى أنواع الورق ونظراً لغلو سعره فإنه لا يستخدم على نطاق واسع في فن الأوريغامى، والواشي - حسب براهيم - أقدم ورق ياباني، لا يزال يتمّ إنتاجه حتى اليوم ومعترف به سنة 2014، باعتباره تراثًا ثقافيًا غير ملموس للإنسانية من قبل اليونسكو، ويتم إنتاجه حاليا يدويًا من لحاء شجرة التوت (وهي شجرة مقدسة عند الصينيين، ويقال أن البرق لا يصيبها أبدا. ورق الأوريغامي العادي: ويوجد منه جميع الألوان، ويكون أحد وجهي الورقة بالأبيض والوجه الآخر بلون مختلف، وهو من أرخص أنواع ورق الأوريغامى، ويتميز هذا الورق بكونه أرق حجماً من الورق العادي، كما يوجد ورق الفويل: لا نقصد هنا ورق الفويل الذي يستخدم في المطبخ وإنما هذا نوع من أوراق الأوريغامي يصنع من ورق فويل خاص، ويأتي عادة بلونين الفضي والذهبي ومؤخراً ظهرت منه ألوان أخرى، الورق المزدوج: وهو ورق يكون أحد وجهي الورقة بلون والوجه الآخر بلون آخر، الورق المنقوش: وهو ورق منقوش يستخدم عادة في عمل نماذج الحيوانات والطيور لأنه يبقى منقوشا على شكل جلد زرافة أو أسد، الدولار الأمريكي: الدولار الأمريكي يصنع من 25% من الكتان و75% من القطن. الاوريغامي لعبة تقليدية جزائرية إذا كان فن الاوريغامي لعبة يعود اصلها الى اليابانيين ولها ورق خاص، فإن الاستاذ محمد الامين باحث ومهتم بتاريخ المنطقة يؤكد، أن فن طي الورق هو لعبة تقليدية جزائرية تعود لأسلافنا، وقال: "فعندما كنا صغارا نهاية السبعينات وبداية الثمانينات ونظرا للظروف المادية لأغلب العائلات الجزائرية خاصة بالجنوب الغربي، كان الاطفال يبتكرون العابا تقليدية محلية كل حسب هوايته، ومن هذه الألعاب نجد لعبة طي الورق، حيث كان الأطفال يصنعون بورق الدفاتر الطائرات، والسفن او القوارب، بعض الآلات الموسيقية كالاوكورديو، كما كانت الفتيات يجسدن العائلات بألعاب تقليدية مصنوعة من الورق خاصة ورق الحلوى فيصنعن دمى على شكل عائلة كاملة، وبالتالي فإن فن طي الورق ليس له دولة قارة كمصدر له بل هو لعبة تقليدية عالمية". إن فن طي الورق لعبة تقليدية سواء كانت أصوله يابانية او جزائرية، يعتبر لعبة تقليدية تفنن بها أسلافنا في ظل غياب التكنولوجية والامكانيات المادية، وإذا كان بالأمس لعبة تقليدية فهو اليوم فن عالمي قائم بذاته.