منذ بداية حرب الإبادة في غزة كانت هناك حرب بالتوازي تستهدف إبادة الصحفيين، وإلا كيف نفسّر اغتيال أكثر من 140 صحفي منذ بداية العدوان الصهيوني على غزة؟ إنّ اغتيال الصحفي مع سبق الإصرار والترصد في غزة يؤكّد أنّ الاحتلال الصهيوني يخشى القلم، الصورة والكلمة، شأنه شأن أي مجرم لا يريد أن يطلع أحد على فظاعته، ولكي يتأتّى له ذلك يعمد إلى قتل الشهود تماما كما يفعل الكيان الصهيوني الذي يستهدف جنوده وجلاديه الصحفيين بشكل مباشر، وغالبا ما تستقر رصاصتهم القاتلة الرأس أو القلب حتى لا يترك لهم أي هامش للنجاة ومن ينفذ بجلده، تمارس عليه كل أشكال التنكيل النفسي من خلال التهديد المباشر أو باستهداف عائلته كرسالة تهديد ووعيد والهدف واحد، هو أن يضع قلمه ويستسلم غير أن الكثيرين منهم اختاروا الصفوف الأولى، ومعها الشهادة بشرف على خيانة شعب يكابد الإبادة في صمت. هذا الصّحفي الذي رفض أن يكون من الخوالف أو من المستسلمين الفارين من أرض المعركة، لا يختلف عن ذلك المقاوم الذي يرفض إلقاء السلاح إلا في شيء واحد هو كون هذا الأخير يختفي ويترصّد العدو لمباغتته بينما يواجه الصحفي آلة القتل الصهيونية بصدر عار، سلاحه الوحيد هو قلمه وآلة تصويره قد لا توثّق حتى لحظة اغتياله هو.