أجمع أساتذة وباحثون خلال محاضرة حول مجازر 8 ماي 1945 نظّمت يوم الخميس بالجزائر، على أوجه التشابه بين الفظائع التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي بالجزائر ومجازر الإحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، لا سيما التي ينفّذها في قطاع غزة، في محاولة للتصفية الوجودية للشعبين الجزائريوالفلسطيني. شدّد المتدخّلون في المحاضرة الموسومة: "مجازر 8 ماي 1945 وانعكاساتها على حركات التحرر في العالم..القضية الفلسطينية نموذجا"، التي احتضنها قصر الثقافة مفدي زكريا بالجزائر العاصمة، على أوجه التشابه بين القضية الوطنية إبان فترة الاستعمار الفرنسي والقضية الفلسطينية حاليا من الناحية الثورية والعقائدية. توقف أستاذ فلسفة التاريخ، أحمد بن يغزر، في مداخلته، عند علاقة مجازر 8 مايو 1945 بما يحدث اليوم في غزة، من حيث البشاعة والبطش والتقتيل، وأبرز المتدخل أن الاحتلال الصهيوني "احتلال استيطاني تتجمع فيه الأبعاد الدينية والعرقية والعوامل التاريخية وأطماع الدول الكبرى والصراعات الجيوسياسة". من جهتهما، اتّفق الأكاديمي والباحث في التاريخ سعيد معول والمؤرخ والباحث المختص في تاريخ الجزائر مزيان سعيدي، على أن القضية الفلسطينية هي قضية المسلمين المركزية الأولى، وأنّها ليست فقط قضية أرض وإنما هي عقائدية دينية، وأن هناك ارتباط كامل ووثيق ما بين القضيتين الجزائريةوالفلسطينية. ولفت معول إلى أنّ الاستعمار الفرنسي "عندما وصل إلى أرض الجزائر سمّى نفسه معمرا، واقتنع العالم بأسره أن الأرض هي أرضه، وأن الناس المتواجدون عليها هم من مخلّفات الغزو العربي، لكن حقيقة الأمر أنّ الاستعمار الفرنسي أتى من أجل إبادتنا". وقارب معول بين عمليات الإبادة التي قام بها الاستعمار الفرنسي بحق الشعب الجزائري، وتلك التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني من خلال عدوانه الوحشي والهمجي المتواصل على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر الماضي. كما ذكر بأنّ عدد الجزائريين الذين كانوا يدفعون الضرائب عام 1832 كان 6 ملايين جزائري دون احتساب أفراد العائلة، أي أن عددهم كان حوالي 10 ملايين نسمة، ولدى استعادة الجزائر لسيادتها في 1962 كان هناك 10 ملايين نسمة أيضا، ومنه "فرنسا وإبان تواجدها في الجزائر أوقفت النمو الديمغرافي بها، وهو ما يعمل عليه الاحتلال الصهيوني اليوم". من جانبه، أشار مزيان سعيدي إلى أن هناك معالم عديدة تؤكد الارتباط الكامل بين الجزائروفلسطين، تتجلى في مظاهر استنصار الجزائرلفلسطين، مشيرا إلى مواطن الشبه بين الاثنين، على غرار محاولة الاستعمار الفرنسي إلغاء الدولة التي كانت قائمة من الوجود، وتتمثل في "الجزائر بني مزغنة"، وهو ما يقوم به الاحتلال الصهيوني الذي يحاول محو دولة فلسطين التي كانت قائمة. ومن مواطن التشابه أيضا، يضيف سعيدي، عمليات التصفية الوجودية للشعبين الجزائريوالفلسطيني من قبل الاستعمار الفرنسي والاحتلال الصهيوني على التوالي، وكذا طبيعة الاستعمار الفرنسي الاستيطاني في الجزائر، وهو الأمر الذي ينطبق على الاحتلال الصهيوني، وكذا العمل على ترسيخ فكرة القابلية للاستعمار.