تعوّل الجزائر كثيرا على تسريع وتيرة الاستثمار المنتج للثروة من أجل مواصلة تحدي التخفيض من نسبة البطالة خلال سنتي 2013 و2014، خاصة بعد تسجيل تراجع محسوس خلال نهاية السنة الفارطة، حيث عرف الرقم انخفاضا لم يتجاوز حدود 96 ، 9 بالمائة، وأسفرت سلسلة الاجراءات المتخذة خاصة خلال المخطط الخماسي الجاري، وبفعل آليات التشغيل المختلفة عن استحداث خلال سنة 2012 بفضل الوكالة الوطنية للتشغيل وحدها نحو 453 ألف منصب شغل، وتم تمويل ما يماثل 613 . 100 مؤسسة مصغرة عن طريق الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب والصندوق الوطني للتأمين عن البطالة. لايزال العمل متواصلا من أجل إنعاش وعصرنة سوق التشغيل الوطنية، خاصة عقب فتح المجال لنشاط وكالات التشغيل الخاصة التي بلغ عددها 18 وكالة وتمكّنت من فتح ما لا يقل عن 6425 منصب جديد. وبالنظر إلى برامج الاستثمار الكبرى يتّضح أنّ مشكل البطالة الذي عانت منه الجزائر بحدة على اعتبار أنّ النسبة التي سجلت في سنة 2007 لم تكن تقل عن سقف 7 ، 17 بالمائة، واليوم الرقم أقل من عشرة. ولأنّ ملف البطالة والتشغيل حظي بالأولوية في البرنامج الحكومي واعتبر ملفا استراتيجيا يندرج ضمن الرهان التنموي، الاستمرار في نهج تفعيل مخططات التشغيل ومعالجة ظاهرة البطالة ينبغي أن يتواصل بريتم متسارع، ويبقى الحرص على توسيع وإنعاش الاستثمارات قائما لا يتوقف بانتهاء برنامج خماسي، من أجل الاستفادة من موارد الاستثمارات الحالية في قطاع المحروقات على المديين المتوسط والبعيد عن طريق التوجه إلى قطاعات بديلة في قطاعات الفلاحة والسياحة والصناعة التي ينتظر أن تستعيد دورها المنتظر في ظل الحسم في إرادة نقل التكنولوجيا وتكوين يد العاملة المؤهلة خاصة من خريجي الجامعات. الجزائر في صدارة الدول العربية من حيث تراجع البطالة وحسب آخر أرقام الديوان الوطني للاحصائيات، فإنّ نسبة البطالة في الجزائر كما كان متوقّعا ومسطّرا من طرف وزارة العمل خلال السنوات الفارطة قد انخفضت إلى أقل من رقمين لتستقر في حدود 97 ، 9 بالمائة، وترجمت بفضل جهود معتبرة وتسهيلات محسوسة في مجال الادماج المهني وتشجيع الشباب على التكوين. وكانت الدولة قد رفعت رهان استحداث ما يناهز ال 3 ملايين منصب شغل منذ بداية المخطط الخماسي الراهن إلى غاية آفاق 2014، علما أنه تم تحقيق أزيد من 83 بالمائة من الرهان، أي أكثر من 3 ، 2 منصب شغل منذ سنة 2010، من بينها 1249 منصب عمل في القطاع الاقتصادي و530 . 094 . 1 منصب آخر في إطار جهاز التشغيل من أجل الادماج المهني، في حين آلية الشبكة الاجتماعية ساهمت بدورها في خلق 935 083 1 منصب شغل جديد. يذكر أنّ تقريرا للأمم المتحدة صنّف الجزائر في المرتبة الأولى على الصعيد العربي من حيث انخفاض نسبة البطالة، وأمام الجزائر الفرصة الجوهرية حتى تنفتح بشكل عميق وواسع على الاستثمار المنتج وتؤسس لقاعدة اقتصادية بديلة عن ثروة النفط، حتى لا تواجه أي اضطراب أو أزمة تنتج عن أي انخفاض للمواد الأولية بالأسواق العالمية. وما تجدر إليه الاشارة، فإنّ قطاع البناء والري والأشغال العمومية تمكّن من توفيرنهاية سنة 2012 نحو 38 بالمائة من مناصب الشغل، ثم يأتي قطاع الصناعة ب 32 بالمائة من فرص التشغيل، ويليه كل من قطاعي السياحة والفلاحة. ويبدو أن قطاع الصناعة مرشّح لأن يكون القطاع الأنعش من حيث در الثروة واستقطاب أكبر قدر من اليد العاملة، خاصة مع مشاريع الشراكة الصناعية في صدارتها مصنع رونو الجزائر ومركب الألمنيوم بولاية جيجل، ومشاريع في قطاع الاسمنت وإعادة تهيئة المنطقة الصناعية الكبرى، رويبة رغاية التي تنشط بها 250 مؤسسة. ويعدّ النسيج الصناعي العمومي والخاص منه الورقة الأربح من حيث القدرة على استيعاب اليد العاملة، وامتصاص البطالة والتقليص من سقف الاستيراد. وانطلق السير التدريجي نحو عودة الصناعة وإن كان عبر قنوات استحداث المؤسسات المصغرة وعودة المؤسسات الكبرى التي رأت النور في عقد السبعينات، وكل ذلك يرشح الصناعة لأن تلعب الدور الأول من حيث الانتاج ولما لا التصدير خارج قطاع المحروقات عقب تحقيق الاكتفاء عبر الأسواق الوطنية، ونجاح ذلك مرهون بإرساء استثمارات قوية تسجل التطور باستمرار. الفلاحة والسياحة... البديل بأقل تكلفة وفيما يتعلق بقطاعي الفلاحة والسياحة اللّذان وفّرا عددا معتبرا من مناصب الشغل، رغم أنهما يعدان مستقبلا باستثمارت أوسع إذا استمر العمل بذات الإرادة والتنظيم، وأكيد أن السياحة وحدها قادرة على خلق عدد كبير من مناصب الشغل وامتصاص الأيادي العاملة من مختلف المستويات من خلال نجاح القطاع في استقطاب السياح، وتأتي الفلاحة كذلك لتشكل قطاعا حيويا من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي. ويعدّان على حد سواء البديل الممكن الذي يمكن الاعتماد عليه بأقل تكلفة لبعث استثمارات واعدة في ظل توفر الامكانيات الطبيعية والبشرية، ولا ينقص سوى تجسيد مشاريع فعلية استراتجية على أرض الواقع، ونجاح أي مشروع لا يعني خلق الثروة أو طرح الانتاج وإنما يعني توفي المزيد من مناصب الشغل وضمان استمرارية تلك التي كانت مفتوحة. ورغم الأشواط التي قطعها مسار قطاع التشغيل في الجزائر إلاّ أنّه ينظر منه أن يحقق المزيد من الانجازات من خلال تخفيض البطالة وتفعيل القطاع الاقتصادي لينتج لنا الثروة ويفتح مناصب الشغل الدائمة والمباشرة، ولا يخفى على أحد أنّه اتخذت إجراءات واعدة في مجال ترقية التشغيل والاستثمارات المولدة للثروة، وقامت الحكومة منذ سنة 2008 بتجسيد مخطط عمل يهدف إلى ترقية التشغيل ومكافحة البطالة يقوم على تشجيع الاستثمار المولد لمناصب الشغل في القطاع الاقتصادي على وجه الخصوص والتركيز على مكافحة البطالة وسط فئة الشباب عن طريق تحسين وعصرنة سوق التشغيل بفضل مختلف الآليات والوكالات حتى الخاصة منها.