بناء ثقافة تركز على إدارة المخاطر بدل إدارة الكوارث إنجاز سكنات أكثر مرونة وقدرة على الصمود أولوية القطاع أصدرت وزارة السكن والعمران والمدينة، أمس، النسخة الجديدة للنظام الجزائري المضاد للزلازل، تفانى في إعداده فريق من المختصين، بينهم خبراء جزائريون بالخارج، يتضمن خطة استشرافية شاملة تهدف إلى استباق هذه الكوارث والتخطيط لها والحد من تأثيرها، من خلال تعزيز الحوكمة وتحسين الاستثمارات، وبناء ثقافة تركز على إدارة المخاطر بدلا من إدارة الكوارث. وأعلن وزير السكن والعمران والمدينة، محمد طارق بلعريبي، في كلمة ألقاها في افتتاح أشغال يوم إعلامي حول «الحد من مخاطر الزلازل مسار وآفاق» نظم بالمديرية العامة للوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره «عدل» بسعيد حمدين بالعاصمة، حضره وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية لخضر رخروخ، ووالي بومرداس فوزية نعامة، عن إصدار النظام الجزائري المضاد للزلازل نسخة 2024، الذي كان مثلما قال «ثمرة جهود نخبة من الخبراء والمختصين منهم أساتذة جامعيين وباحثين دائمين وفنيين مدعومين بخبراء جزائريين مقيمين في الخارج، يتجاوز عددهم الستين، لهم خبرة عميقة في ميدان هندسة مقاومة الزلازل». وذكر وزير السكن أنه تم تحيين التقسيم الزلزالي لمناطق الوطن في النسخة الجديدة للنظام الجزائري المضاد للزلازل، كما اعتمد على دراسات الاحتمالات الزلزالية المسجلة مؤخرا في بعض الولايات، وإدراج أنماط هيكلية جديدة وتقنيات وحلول جد متطورة، وتحديد جميع المعاملات الحسابية ذات الصلة، مضيفا أنه تم اعتبار تأثيرات التربة في عمليات الحساب والتصميم الزلزالي، مع وضع نظام معلومات جغرافي رقمي متخصص لهذا الغرض. وأكد أن هذه الوثيقة التنظيمية التي تعد من الجيل الأخير والأحدث، وترتكز على منهجيات ومقاربات علمية تضاهي اللوائح الفنية العالمية، ستساهم لا محالة في تعزيز مقاومة البنايات للزلازل وتحقيق الأهداف الرئيسية المطلوبة والمنشودة، وذلك من خلال الالتزام الصارم بالتدابير والأحكام الواردة فيها من قبل جميع المتدخلين في عملية البناء وفي جميع مراحلها، سواء في مرحلة الحساب والتصميم أو في مرحلة التنفيذ، كما ستظل هذه الوثيقة مرجعا أساسيا لجميع الأطراف. وأشار بلعريبي إلى أن مصالحه وإدراكا منها للعواقب التي تخلفها الزلازل، قامت بكل حزم بتنفيذ تدابير وآليات فعالة للوقاية الاستباقية لهذه الظاهرة، واتخذت خطوات جادة من خلال وضع مخططات واستراتيجيات محكمة الصياغة، لتعزيز فهم خطر الزلازل وتفعيل إجبارية تطبيق أحكام النظام الجزائري المضاد في كل عمليات البناء والسهر على احترامها عبر الهيئة الوطنية للرقابة التقنية للبناء «سي. تي. سي»، وإلزام إتباع هذه الأحكام ضمن إطار التخطيط والتهيئة العمرانية، وتعميم استخدام التكنولوجيات الحديثة، كإدخال تقنيات العزل الزلزالي لرفع مستوى الحماية كمثل التي تمت على مستوى قاعة الصلاة لجامع الجزائر. وبالإضافة إلى كل هذا، تم تعزيز الإجراءات الهيكلية يضيف وزير السكن- بالاستثمار في بناء مختبر تابع للمركز الوطني للبحث المطلق في هندسة مقاومة الزلازل، مزودة بأحدث الأجهزة لاختيار الهياكل والتجهيزات، كالطاولة الاهتزازية وتقوية الشبكة الوطنية للمركز بالأجهزة المستعملة في رصد وتسجيل الموجات الزلزالية، وكذلك كسب الخبرة فيما يتعلق بتقييم الأضرار اللاحقة بالبنايات، وذلك من خلال «سي. تي. سي»، حيث تتم هذه العملية اليوم، بشكل رقمي، من خلال تطبيق «ديما» الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي، ويساعد في تقديم خرائط دقيقة وآنية للأضرار، ويعتبر أداة اتخاذ القرار للسلطات المحلية والمركزية فيما يتعلق بالتدابير الاستعجالية. ولأن الزلازل لا تعترف بالحدود، شدد وزير السكن على ضرورة تعزيز جهود التنسيق العربي والدولي للوقاية والحد من مخاطرها، ومشاركة جميع الدول، موضحا أن الجزائر اعتمدت استراتيجية الحد من الكوارث، ولعبت دورا رئيسيا في إنشاء المركز العربي للوقاية من الزلازل والكوارث الطبيعية المتواجد مقره بالجزائر، كما تحرص على تشجيع كل مبادرات التعاون في ميدان هندسة مقاومة الزلازل مع البلدان الصديقة كما هي الحال مع الجانب الصيني.