* تعميم دراسات الاحتمالات الزلزالية و تحديث خريطة التصنيف الزلزالي خرج الملتقى الدولي حول الحد من مخاطر الزلازل، الذي نظمته وزارة السكن والعمران والمدينة على مدى يومين بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، بجملة من التوصيات الهامة في مجال التعامل مع هذه الظاهرة الطبيعية والحد من أضرارها وآثارها، و سرعة التدخل ودقة العمليات التي تلي وقوع الكارثة. والواقع أن الملتقى هذا الأول من نوعه الذي ينظم في الجزائر على هذا المستوى كان إيجابيا بالنظر لمستوى المشاركين فيه من خبراء وأخصائيين من مختلف جامعات العالم ومن مستوى علمي عال، أو بالنظر لنوعية المواضيع والإشكاليات التي تناولها المتدخلون في محاضراتهم والتي تطرقت لمختلف جوانب الظاهرة الزلزالية و مناحي التصدي لها والحد من آثارها. وبدون شك فإن الملتقى كان مفيدا جدا للهيئات الوطنية والخبراء في المجال، الذين كانت لهم الفرصة للإطلاع على آخر ما وصلت إليه التقنيات في مجال الحد من أضرار الزلازل، وكذا الاطلاع على تجارب دول أخرى في هذا المجال. من أجل استراتيجية وطنية جديدة لمواجهة الكوارث والأهم في هذا الملتقى هو ما يتعلق بالجزائر التي تعد منطقة ذات نشاط زلزالي معروف خاصة في الجهة الشمالية، والتي سبق وأن تعرضت لهزات زلزالية عنيفة كالتي وقعت في الأصنام سنة 1980 أو تلك التي ضربت ولاية بومرداس قبل عشرين سنة بالضبط وغيرها، و التي خلفت آلاف القتلى و الجرحى، وخسائر قدرها الوزير الأول في كلمته الافتتاحية ب 10 مليار دولار. وفي هذا الإطار كان الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان في اليوم الأول للملتقى قد كشف عن الانتهاء قريبا من الورشة الخاصة بمراجعة وتحيين الاستراتيجية الوطنية للحد من الكوارث وذلك بمراجعة القانون 04-20 بعد أسابيع من الآن، ليكون متكيفا مع الواقع والمعطيات الجديدة في التعامل مع الكوارث الطبيعة التي تضرب بلادنا والتي تأتي في مقدمتها الفيضانات والزلازل و حرائق الغابات. و كان لابد من مراجعة النظام الوطني الخاص المضاد للزلازل، حتى يتكيف مع المعطيات والمتغيرات الجديدة التي يفرزها الواقع اليوم، ومنها التغيرات المناخية والتطور الاقتصادي، دون الحديث عن التطور التكنولوجي الحديث في هذا المجال. ومن خلال التوصيات التي خرج بها الملتقى يظهر أن السلطات العمومية عازمة على ولوج مرحلة جديدة وجدية في مجال الحد من آثار الزلازل مستقبلا، و اعتماد مقاربة جديدة مدمجة في التعامل مع مثل هذه الكوارث ومخلفاتها، بإقحام مختلف العناصر المتاحة وكل القطاعات المعنية، و استعمال التكنولوجيات الحديثة، و الاستفادة من تجارب الدول الأخرى خاصة في مجال الاتصال والتواصل والتنسيق بين مختلف المتدخلين في المرحلة الأولية التي تلي وقوع الكارثة. التوصيات: ومن بين التوصيات التي خرجت بها الورشة الأولى للملتقى التي جاءت تحت عنوان» الاحتمالات الزلزالية والمنطق الزلزالي» التأكيد على وضع سيناريوهات الحركة الزلزالية للمراكز الحضرية حسب الأولوية من حيث مستوى المخاطر الزلزالية، إتمام باقي شمال البلاد بما في ذلك الأطلس الصحراوي بدراسات الاحتمالات الزلزالية الحيوية من أجل تحسين وتحديث خريطة التصنيف الزلزالي لولايات الجزائر( التمنطق الزلزالي) للقواعد الجزائرية صيغة 2003. تعميم دراسات التمنطق الزلزالي على مستوى كل المناطق الزلزالية، تعميم مراجعة الدراسات الجيوتقنية لمخططات شغل الأراضي من طرف المركز الوطني للبحث المطبق في هندسة مقاومة الزلازل إلى جميع الولايات، إنشاء منصة وطنية لجمع، معاجلة وتنظيم البيانات الجيوتقنية المنجزة عبر التراب الوطني في القطاعين العام والخاص، وإلزام كل فاعل في قطاع البناء ( مكتب الدراسات، المخابر، أصحاب المشاريع وهيئات المراقبة) بإدماج كل المعطيات في هذه المنصة. ومن بين التوصيات التي خرجت بها هذه الورشة أيضا تشجيع تنظيم ملتقيات بين مختلف الخبراء من مختلف مراكز البحث والجامعات وخبراء جزائريين يعملون خارج البلاد لمناقشة مواضيع تتعلق بالاحتمالات الزلزالية وتأثيرات التربة، تكثيف الشبكة الوطنية لآلات التسارع التابعة للمركز الوطني للبحث المطبق في هندسة مقاومة الزلازل من خلال الحصول على 300 جهاز جديد لتغطية المناطق الزلزالية الشمالية للبلاد بأكملها على المدى الطويل، وبإمكانية تجهيز مناطق معينة من الجنوب حيث لا يستبعد حدوث الزلزال بحكم الاستغلال المكثف للمواد الخام. اقتناء 10 محطات زلزالية (قصيرة المدة) من أجل قياس التصدعات الرئيسية النشيطة، والتأكيد على إجبارية التأمين ضد المخاطر الكبرى، وتكييف المندوبية الوطنية للمخاطر الكبرى في إطار مراجعة القانون 04-20 إلى وكالة وطنية للوقاية وإدارة الكوارث على غرار البلدان الأخرى. أما الورشة الثانية التي تكفلت بموضوع « هندسة مقاومة الزلازل» فقد أوصت بدورها بجملة من التدابير منها، مراجعة وتحيين النظام المضاد للزلازل الحالي، وتكوين فوج فني متخصص مشكل من خبراء جزائريين ناشطين في الجزائر والخارج لإعطاء صبغة حديثة بإدماج آخر التقنيات العصرية والمفاهيم والمنهجيات المتعلقة بالحساب والتحليل على غرار الكودات العالمية. استعمال العوازل الزلزالية كحلول إنشائية للمباني الاستراتيجية، وتصميم دفتر شروط خاص بعمليات إعادة تأهيل البنايات، وتبني قانون تقني وطني خاص بالمباني قيد الاستعمال، تصميم كتاب الصحة للمباني الاستراتيجية قيد الاستعمال وتنظيم تحيينها بطريقة دورية، التوعية على مستوى المدارس حول أخطار الزلازل وكيفية التعامل معها، وإدماج في شهادة تأهيل المؤسسات مؤشر خاص بتقييم جودة أشغال البناء مبني على معطيات واقعية من خلال تقييم عملهم الميداني. ومن بين توصيات هذه الورشة أيضا الشروع في دراسات قابلية الانثلام للمعالم التاريخية، ووضع إطار تشريعي وتنظيمي من أجل استراتيجية وطنية للحفاظ على المباني القديمة في المدن الكبرى، متابعة دراسات قابلية الانثلام للمنشآت الاستراتيجية في المدن الكبرى، ودراسة قابلية الانثلام والتقليص من الخطر الزلزالي على الصعيد الحضري، إدماج الخرائط الخاصة بالمخاطر الزلزالية في أدوات التخطيط الحضري مع الأخذ بعين الاعتبار نتائج دراسات الاحتمالات والمنطلق الزلزالي وتقييم الخطر الزلزالي في الأنسجة العمرانية. والتأكيد على ضرورة التجهيز الزلزالي الدائم للمنشآت ذات الأهمية القصوى لمتابعة حالتها الصحية بعد وقوع الزلزال، و تعزيز البحث المطبق في هندسة مقاومة الزلازل لتحسين مقاومة الهياكل للزلازل باستخدام المعدات العلمية، وتشجيع التعاون بين الجهات الفاعلة في البحث العلمي والصناعة، وحشد الدعم المادي لتنفيذ مشاريع بحثية تجريبية على نطاق واسع وعلى أحسن وجه، وتنفيذ مخطط الصمود الحضري لكل المناطق المهددة بالخطر الزلزالي. أما الورشة الثالثة التي جاءت تحت موضوع «الحوكمة والاستثمار في الحد من المخاطر» فقد أوصت باستغلال نتائج البحث العلمي خاصة في ميدان الأخطار الكبرى، وإنشاء بنك معلوماتي عن الأخطار، وإعادة النظر في قانون التأمينات الخاصة بالأخطار الكبرى، وترقية نشاط الجمعية الوطنية لهندسة مقاومة الزلازل، وأخيرا تعزيز عملية متابعة ومراقبة البنايات الفردية للخواص. و أوصت الورشة الرابعة التي ناقشت موضوع الاستعداد والاستجابة ( التدخل في مرحلة ما بعد الكارثة في إطار العمل من أجل المقاومة والصمود ضد الزلازل) بإعداد سيناريوهات للمناورات الميدانية تتماشى مع الخصوصيات المحلية والإقليمية لتسيير الكوارث، تعزيز التواصل والتنسيق المستمر بين الفاعلين المختصين لتحقيق تسيير أنجع للكوارث، وإنشاء شبكات تعاون محلية وإقليمية للتبادل المستمر للمعلومات والخبرات حول التعامل مع الزلازل بين الباحثين والمتدخلين، واقتراح إنشاء تخصص جامعي( مهندسين) في تسيير مخاطر الكوارث الكبرى، وتكثيف وتعزيز محطات مراقبة النشاط الزلزالي، وتعزيز القدرات البشرية والمادية للفاعلين المختصين وتكوين جميع المتدخلين في كيفيات إعداد تمارين تسيير الكوارث الكبرى.