تبقى المحروقات المورد الأول للاقتصاد الوطني لكن ليس إلى الأبد، بالنظر لتوقعات الخبراء بان المعطيات والمؤشرات ذات الصلة بإنتاج البترول والغاز في أسواق الطاقة العالمية معرضة للتغيير في أفق 2025 إلى 2030 ، مما يعزز الطرح الداعي للإسراع في تفعيل وتيرة إرساء اقتصاد بديل للمحروقات بالتركيز أساسا على مضاعفة الاستثمار المنتج في قطاعات تملك فيها بلادنا أوراقا قوية تمكنها من ضمان مصادر مالية مواكبة لتطلعات التنمية التي أخذت وتيرة لا يمكن أن تتعطل. وفي خضم ما يروج من بعض الشركاء من أن الاستثمار في قطاع المحروقات مكلف خاصة في ضوء تداعيات الاعتداء الإرهابي على مصنع الغاز »بتيقنتورين«، فان الشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك مطالبة بمضاعفة الجهود لاستقطاب شركاء من مختلف جهات العالم، ولكن أيضا لتنمية مشاريعها في التنقيب والاستغلال باعتماد معاير الذكاء الاقتصادي والقدرة على توقع تغيرات الأسواق العالمية. ولكن إلى متى تبقى سوناطراك بمثابة قارب النجدة لمنظومة اقتصادية تملك قدرات وإمكانيات تؤهلها لتبوء مكانة متقدمة ضمن البلدان ذات الموارد الاقتصادية خارج المحروقات؟، في وقت تمثل فيه السياحة والفلاحة والخدمات مرورا بالصيد البحري والصناعة الميكانيكية والتحويلية جملة من المحاور التي يمكن الرهان عليها في وضع ركائز الاقتصاد البديل للطاقة التقليدية والتي تحقق إنتاج القيمة المضافة. بلا شك أن هذا الخيار الاستراتيجي أصبح ومنذ مدة قناعة يتقاسمها كافة الشركاء والفاعلين على اختلافهم، وجسده الخيار السياسي للدولة داعيا صراحة وبإلحاح المتعاملين الاقتصاديين في مختلف القطاعات المعنية إلى المبادرة بمشاريع منتجة على امتداد أرجاء البلاد، حيث توجد المادة الأولية بالموازاة مع جاذبية السوق، التي يقطف ثمارها كثير من المتعاملين الأجانب بمن فيهم الذين أعلنوا عن موقف غير مبرر، في ظل حسم الدولة مسالة تامين المنشآت البترولية والغازية بشكل يقطع دابر المتربصين بمصادر الثروة الوطنية. ويعلم الشركاء قبل غيرهم بأن أمن المواقع البترولية يرتبط بأمن المنظومة الاقتصادية بمجملها، ومن ثمة يوضع المستثمر في قلب المعادلة، خاصة وان الأعباء لا تؤثر على الفوائد المحققة بل إنها لا تمثل الكثير مقارنة بما تجنيه تلك الشركات التي لا يوجد أمامها من مبرر لوضع تقييمها الموجه سوى السعي للمزايدة تصب بوضوح في محاولة انتزاع مكاسب اكبر بأقل كلفة وعلى المدى البعيد.