أجمع المشاركون في اليومين الدراسيين حول «حقوق الإنسان في ضوء المواثيق الدولية والإقليمية والقوانين الوطنية والممارسة القضائية» على ضرورة وعي الأفراد بوجود محاكم أجنبية تابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي يمكن اللجوء إليها للطعن في القرارات الصادرة في حقهم من قبل هيئات بلادهم. وقال جان دوكوت رئيس محكمة النقض ببلجيكا أن تجسيد التقاضي العادل والمنصف جعل الاتفاقيات الدولية تتدخل في شؤون القضاء الداخلي، ففي أوروبا تعتبر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان صارمة جدا وقامت بنقض الكثير من الأحكام الصادرة في بروكسل وألمانيا لأسباب تظهر تافهة كحضور المحامي المتأخر لمركز الشرطة أو تجاهل أي إجراء قانوني، وتسببت في إعادة المحاكمة من باب احترام حقوق الإنسان. وأشار في سياق متصل في محاضرة له بالمحكمة العليا بالعاصمة أن الوصول إلى تطبيق الاتفاقيات الدولية يتطلب عدالة مستقلة وقوية قادرة على الاجتهاد والتخلص من الاكراهات الإدارية التي تفرضها الوزارات في معظم الأحيان، مذكرا بما نصت عليه اتفاقية روما لحقوق الإنسان الصادرة في 1950 والتي أعلنت على حق الطعن الفردي أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وقد نصت هذه الاتقافية على ضرورة تعويض الفرد الذي لا يحصل على محاكمة عادلة في إطار الشفافية التي يجب أن تسير عليها العدالة، ومن الحقوق الأساسية التي لا يمكن تجاهلها هو الاستفادة من المساعدة القضائية وضرورة برمجة المحاكمة في آجال قريبة واعتماد قرينة البراءة. وقال بوزيد لزهاري عضو اللجنة الأممية لحقوق الإنسان ممثل الجزائر أن قبول ترشح بلادنا والتصويت على مرشحها ليعمل بصفة مستقلة دليل على تحسن أوضاع حقوق الإنسان في الجزائر والتزامها بتطبيق مختلف الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها وتوثيق التعاون مع مختلف الهيئات دون تحفظ. وأكد أن تعويض اللجنة الأممية لحقوق الإنسان بمجلس حقوق الإنسان في 2006 قد أعطى وزنا أكبر للهيئة لأنها تعتمد على جميع المراجع القانونية بما فيها الإسلامية. ووقف لزهاري مطولا عند المحاكمة العادلة التي تعتبر أهم مقياس لاستقلالية القضاء واحترام حقوق الإنسان لما تتوفر فيها من عوامل تؤكد مدى احترام حقوق الإنسان من عدمه. ونبه إلى مطالب المؤسسات الاقتصادية التي تطالب دائما بوجود عدالة قوية ومستقلة وحيادية وبعيدة عن أي تأثيرات بالإضافة إلى قدرتها على احترام آجال التقاضي ولهذا نجد المؤسسات الأّجنبية تبحث دائما عن وضعية العدالة في أي بلاد قبل الاستثمار فيها. وتحدث في سياق متصل عن ضرورة الإسراع في توجيه التهم والاستماع لجميع الشهود بما فيهم الصم البكم إن أمكن وهذا تجسيدا لما يسمى التعديل السادس في النظام القضائي الأمريكي فقط من أجل تجسيد التقاضي العادل. وتوقف المتحدث عند اللجنة الأممية وميثاقها الصارم حيث يمّكن المتقاضي من إعادة المحاكمة إذا كان المقر بعيدا عنه إذ على كل دولة أن توفر المحاكم اللازمة في الإقليم الجغرافي للمتقاضي وهو ما يسمى بتسهيل الوصول إلى المحكمة مع تمكين عديمي الجنسية والأطفال دون نسب من نفس حقوق المواطن العادي. ويفرض ميثاق اللجنة الأممية اعتماد قرينة البراءة، واستقلالية المحكمة التي تملك الحق في توجيه التهمة دون الجهات الأخرى، ولدراسة ملفات الدول وأوضاع حقوق الإنسان فيها تطالب اللجنة الدول بمعلومات حول استقلالية القضاء ومدى احترام حقوق الإنسان وكيفية معاقبة القضاة وحقهم في الطعن ومستوى معيشتهم لتقوم اللجنة فيما بعد بتقديم الملاحظات حتى على مستوى الدول المتقدمة.