على غير موعد او سابق إنذار أدت امس المجاهدة الكبيرة المحكوم عليها بالاعدام من طرف الاستعمار الفرنسي، السيدة جميلة بوحيرد، إحدى الجميلات الثلاثة زيارة لمقر جريدة »الشعب«، حيث لقيت ترحيبا كبيرا من طرف أسرة الجريدة، في مستوى عظمتها لا سيما من طرف ابناء الاستقلال، الذين قرأوا وسمعوا عنها ولم يعرفوها عن قرب.. كان حوار جميلة بوحيرد مع عمال جريدة الشعب نقيا كنقاء سريرتها وصافيا كصفاء قلبها وجميلا كاسمها، انه اسم على مسمى ولم تبخل جميلة محاوريها بإعطائهم بعض الخطوط العريضة في مشوارها الجهادي والنضالي، الحافل بالامجاد والبطولات، وبكل صدق وتواضع قالت: »أنا لست اسطورة ولا خرافة.. أنا انسانة أديت واجبي كغيري من الشهداء والمجاهدين..«. وحفاظا على أمانة الشهداء، قدمت نصائح وتوجيهات لابناء الاستقلال، مستقاة ومستوحاة من أمجاد الثورة وبطولات ابنائها، ليعيدوا للجزائر مجدها ويجعلوا منها منارة عالية يسترشدون بانوارها كلما ضلت بهم السبل، مؤكدة ان تحقيق ذلك لا يتطلب الا قليلا من الارادة والتضجية. وتأسفت السيدة جميلة بوحيرد للوضع الاجتماعي لابناء وبنات وارامل الشهداء وما يتعرضون له من إهانات واحتقار من طرف البعض الذين لا يقدرون قيمة الشهداء الذين تركوا ابناءهم وزوجاتهم امانة في اعناقنا، لكن الامانة لم تحفظ، متعهدة بأنها ستبقى وفية لوصايا الشهداء، الذين ضحوا بأرواحهم من اجل ان يحيا أبناء الجزائر احرارا معززين مكرمين، وهو ما دأبت عليه منذ الاستقلال الى يومنا هذا. وبطريقتها الخاصة، المؤثرة في سرد الوقائع تركت أبدان الصحافيين الذين كانوا يستمعون إليها بشغف كبير تقشعر، حيث جعلتهم يعيشون الحدث، وهي تروي الطريقة التي يتم بها الإعدام، حيث يخرج الجلادون المحكوم عليه بالاعدام من زنزانته، فيطلق التكبيرة جهورية عالية لتتبعها 6 آلاف تكبيرة تشيعه الى رحاب الشهادة على مقصلة الظلم والعدوان.. فأي شجاعة وأي إيمان أقوى من هذا ولم تغادر »جميلة« الجزائر الجريدة الا بعد ان طافت بكل اقسامها والتقت بكل عمالها من صحفيين وتقنيين واداريين وقبلتهم وضمتهم الى صدرها الدافىء بحرارة ثورة التحرير المباركة داعية لهم بالنجاح والتوفيق والاخلاص في العمل من أجل بناء الجزائر، واعادة البياض الناصع لعاصمتها كلون الوردة البيضاء التي حملتها ذات يوم في مناسبة كريمة وعظيمة والتي قالت في شأنها: ».. أنا مستعدة للمشاركة في تبييض وجه العاصمة.. فكما سقيتها بدمي انظفها بيدي..«. غير انها وهي تطوف بأقسام الجريدة وقاعة المحاضرات التابعة لمركز الشعب للدراسات الاستراتيجية المطلة على الجزائر العاصمة، تذكرت يوم حكم عليها بالاعدام وتم نقلها على متن سيارة عسكرية من المحكمة الى السجن فتأملت في مناظر العاصمة الخلابة وقالت: »كم أنت جميلة يا جزائر فليس غاليا أن نضحي من أجلك ..« ،نحن نقول كم أنت عظيمة يا جميلة وكم أنجبت الجزائر من عظماء كعظمة ثورتها النوفمبرية المجيدة ------------------------------------------------------------------------