مدريد... عاصمة اسبانيا ومعقل نادي ريال مدريد.. بين الماضي والحاضر يمتد تاريخها الحافل لبعث آفاق جديدة تكون ورهانات المستقبل لتضيف إليها مكانتها المنشودة من خلال مقابلة الجزائر لتاريخ النادي الملكي بما ستحمله من إثارة ومفاجآت ستجلب إليها أنظار كل العالم ،لتسترجع بلادنا ذكريات خيخون 1982 بتوابل أخرى والتي قد تكون فأل خير على مسيرة الجزائر نحو بلاد الصامبا. الساعة 30:07 المكان مطار هواري بومدين، الرحلة الجزائرمدريد على متن شركة الخطوط الجوية الجزائرية، موعدها 45:09، الوفد إطارات ''موبيليس'' وممثلي الصحافة الوطنية، المهمة تغطية الحفل الرسمي لترسيم تعاقد ''موبيليس'' وشركة ''ميديا برو'' صاحبة حقوق التسويق للفريق الأبيض. باعلان الرئيس المدير العام ل ''موبيليس'' ساعد دامة عن توقيع إجراء مقابلة تجمع فريق جزائري بفريق النادي الملكي ريال مدريد على هامش دورة تكوينية نظمها المتعامل لفائدة الصحفيين شهر جوان المنصرم، بدأت تترسم معالم رحلة إلى العاصمة الاسبانية لتوقيع عقد بين الطرفين، التي بدأت برحلة ماراطونية لافتكاك تأشيرة تمكن ''الشعب'' من حضور ترسيم هذا الحدث الهام المقرر بصفة رسمية في ماي 2014. مثلما جرت عليه العادة في كل مهمة تنظمها ''موبيليس'' لتغطية الأحداث، كان الملتقى يوم الثلاثاء 20 أوت في مطار هواري بومدين الدولي، وهذه المرة من أجل التنقل إلى العاصمة الإسبانية مدريد لترسيم إبرام الإتفاق النهائي بين ريال مدريد الإسباني ومتعامل الهاتف التاريخي ''موبيليس''، لجلب رفقاء القائد ''إيكر كاسياس'' إلى الجزائر للعب مباراة استعراضية مع أحد الفرق الجزائرية شهر ماي 2014. كانت كل الأمور عادية قبل إقلاع الطائرة باتجاه مدريد، وفجأة أعلن قائد الطائرة عن عطب يستغرق إصلاحه فترة تتراوح ما بين 15 دقيقة وساعة، وهنا بدت كل الوجوه في حيرة خشية لما سيحدث أثناء الرحلة، ما جعل العديد من ركاب الطائرة وخاصة بعثة ''موبيليس'' الهامة المتكونة من إطارات مؤسسة متعامل الهاتف والصحفيين بالاستفسار حول نوع العطب، وعن خطورة الرحلة، وقوبلنا بتفسيرات وشروحات مطمئنة من قبل المضيف والمضيفة. غير أن هذه التطمينات سرعان ما تناسها ركاب الطائرة، في المطبات الهوائية ومع كل حركة عنيفة كانت المخاوف تزداد من وقوع حادث إلى درجة أن البعض منهم لم يتمالك نفسه بما فيهم أحد الزملاء الذي كان جالسا بجانبي، والمفاجأة صنعتها سيدة طاعنة في السن بخروجها عن صمتها في محاولة لتهدئة أصحاب الوجوه الشاحبة حين قالت بصوت مرتفع ''لا تخافوا الخطوط الجوية الجزائرية لديها أحسن وأفضل الطيارين في العالم''، كلمات بسيطة لكنها رسمت البسمة وزرعت السكينة في قلوب المسافرين. التعرف على العاصمة الإسبانية نقطة البداية ...حطت بنا الطائرة بسلام في مطار ''براخاس'' بمدريد المتواجد على بعد 15 كلم من قلب مدريد، توجهنا إلى فندق ''هوزا برانسيسا'' البعيد 4 كلم من الكلم من وسط العاصمة، وتم الاتفاق على الاستراحة ساعة من الزمن، على أن يتم الخروج مع المرشدة السياحية ''روزا'' وفق الموعد المحدد، للقيام بجولة تقودنا إلى أبرز المواقع الأثرية والمعالم التاريخية في المدينة التي تعد من بين أحدث مدن القارة العجوز التي تأسست ما بين 852 و886 وأكثرها استقطابا للسياح. الرحلة السياحية التي بقدر ما استمتعت بها بعثة ''موبيليس''، بقدر ما استفادت منها، بعد تلقيها شروحات وافية عن أدق تفاصيل المدينة التي تحكيها جدرانها وقصورها بينها القصر الأحمر والقصر الملكي وهندستها المعمارية التي تميزها عن غيرها، بعدما أبحرت المرشدة السياحية وغاصت بنا في رحلة تاريخية، مختصرة الفترات والعصور التي مرت بها العاصمة الإسبانية على مدى قرون. انتهى مشوارنا مع روزا في ''غران فيا''، التي تقع بوسط المدينة غير البعيد عن بلازا دي اسبانيا الساحة الشهيرة المعروفة بتمثالها وبنافورتها، وكانت الوجهة الموالية دخول المحلات من باب الفضول، والاحتكاك لأول مرة بطريقة مباشرة مع الاسبان، وكانت البداية من منطقة ''لا بويرتا دال سول'' الساحرة بجمالها، بقينا فيها أكثر من نصف ساعة نتأمل شكل بناياتها ومحلاتها ومعالمها التي فاقت كل التصورات وأبقت الكثيرين منبهرين، ولولا ضيق الوقت وضرورة العودة إلى الفندق لإجراء الاجتماع التقني لما غادر الوفد المكان. شغف....لاكتشاف ''البرنابيو'' كان الشعور خاصا بمجرد وصول الحافلة بالقرب من الملعب العتيق ''سنتياغو بيرنابيو'' بالعاصمة الإسبانية مدريد، الذي يعد أحد أكبر الملاعب في العالم، الأمر لا يختلف تماما عن المعالم التاريخية والأثرية التي تزخر بها العاصمة الإسبانية كون ملعب ''الفريق الأبيض'' كما يحلو لعشاقه تسميته تحفة معمارية رائعة، يقصدها الزوار والسياح الاسبان القادمين من مختلف المدن الاسبانية، إلى جانب الأجانب لالتقاط صور تذكارية، معلم داعبت أقدام عدة أساطير الكرة العالمية أرضيته بداية ب ''ألفريدو دي ستيفانو''، ''لويس فيغو''، و''راؤول غونزاريس'' والنجم ذو الأصول الجزائرية ''زين الدين زيدان''، ووصولا إلى ''كريستيانو رونالدو''. الدخول إلى الملعب يخضع لإجراءات أمنية مشدّدة، فبالرغم أننا كنا نحمل دعوة، إلا أننا أخضعنا لكل إجراءات التفتيش، لأن الشرطة الإسبانية لا تتلاعب مع الإجراءات الأمنية. وقد صادفنا لدى دخولنا إلى الملعب، قيام أعوان الملعب بمختلف أنواع الصيانة، خاصة على مستوى عشب الميدان، الذي احتضن في اليوم الموالي، مباراة كأس البرنابييو بين ريال مدريد والسد القطري، بقيادة الجزائري نذير بلحاج. وعند دخولنا إلى الملعب اتجهنا مباشرة إلى الطابق الأخير من التحفة المعمارية، ليذهل الجميع بعظمة "البارنابييو" الذي تصل طاقة استيعابه إلى 81,254 شخص، ويعد من بين أكبر الملاعب الأوروبية. بعدها كانت الوجهة إلى متحف النادي المتواجد في الطابق الرابع من الملعب، المتحف الذي أصبح أكثر تطورا بعد تجهيزه بالتقنيات التفاعلية والسمعية البصرية، منها قاعتين جديدتين تحملان تسمية ''أحسن فريق في العالم'' وقاعة خاصة للاعب ''ألفريد ودي ستيفانو''، ولعلّ ميزة متحف نادي القرن، أنه مفتوح أمام الزوار 363 يوما في العام، بقرابة 1 مليون زائر، ليصبح ''البارنابييو'' من أبرز المراكز السياحية في المدينة، والذي يتشرف بزيارته سياح من العالم بأسره. القاعتان المجهزتان بأحدث التقنيات تندرجان في مخطط ''دورة البارنابييو''، في محاولة لإثراء تجربة الزوار بجعلها أكثر تفاعلية وبدعمها بالمزيد من المحتويات السمعية البصرية، كما أن المتحف يحتوي على مرافق تكنولوجية جد متقدمة تعرض تاريخ النادي الزاخر بالألقاب، أين قادتنا الجولة إلى المرور عبر ''مركز التراث التاريخي لمؤسسة ريال مدريد'' والذي يتضمن أزيد من 1000 كأس وثيقة أغراض وهدايا، أبرزها الكؤوس التسعة لرابطة الأبطال الأوروبية، وكأس الفيفا لأحسن نادي للقرن. القاعة الجديدة التي تحمل تسمية ''أحسن فريق في التاريخ'' تقترح زيارة سمعية بصرية تفاعلية استثنائية والتي تقود الزائر في رحلة عبر تاريخ الريال، مسيرتها، ألقابها، لاعبيها، رموزها، وأكبر الأحداث التي جعلت من الفريق العاصمة الإسبانية يحمل لقب أحسن فريق في القرن العشرين. هذه الكأس تحديدا، تتربع على عرش القاعة المتواجدة وسط فضائين للسمعي البصري بأكثر من 60 متر بالطول مجهزة ب 70 جهاز تلفاز عالي الوضوح (أش دي)، تحتوي القاعة على مجموعة من الكؤوس والوثائق تعادل 250، وتعرض لوحة تفاعلية مع تكنولوجيا اللمس متعددة تحجز بها أكثر من 1000 وثيقة بيانية وفيديو معظمهم حصرية وخاصة بالفريق تعكس أكبر اللحظات لذاكرة الريال باللغتين الإسبانية والإنجليزية. الزيارة لمتحف نادي القرن استوقفتنا في قاعة ''ألفريدو دي ستيفانو'' الخاصة بكل الكؤوس والألقاب التي حازها الأسطورة، والتي لم تعرض من قبل مرفوقة بأشرطة ثلاث أبعاد تعرض لأحسن اللقطات التي قام بها، بالإضافة إلى شهادات اللاعبين الذين عايشوا فترة صانع أمجاد الفريق الأبيض . زيارة الملعب العتيق الذي أصبح ينافس القصر الملكي في شهرته بعاصمة المتادور قادتنا إلى غرف تغيير الملابس لرفقاء ''سارجيو راموس''، والتي تعادل مساحتها 1080 متر مربع، منها 208 متر مربع خاصة بريال مدريد، ثم بعدها وإلى مقعد البدلاء أين تهافت الجميع على التقاط الصور في الكراسي المخصصة لأساطير الكروية التي مرت عبر المواسم الكروية . الزيارة إلى الملعب الأسطوري انتهت بترسيم العقد بين موبيليس و''ميديا برو'' القاضي بجلب فريق ريال مدريد إلى الجزائر نهاية شهر ماي 2014، لمواجهة فريق جزائري من اختيار الجمهور الجزائري عبر صبر آراء على صفحة الفايسبوك الخاصة بمتعامل الهاتف الوطني ''موبيليس''. ''موبيليس''... تسبق ''غاريت بيل'' للنادي الملكي مباشرة بعد نهاية مراسيم الحفل الرسمي بين ''موبيليس'' و''ميديا برو''، أعلن لنا ''ساعد دامة''، أن المفاجأة التي وعدنا بها في العاصمة والمتمثلة في مشاهدة ذهاب نهائي كأس السوبر الإسباني بين فريق أتليتيكو مدريد الإسباني وفريق برشلونة على أرضية ملعب ''فيسانتي كالديرون''، وهنا استوقفتنا التصرفات الحضارية التي بلغتها الشعوب الأوروبية في أكبر وأبرز المباريات بين قطبين في كرة القدم، حيث لاحظنا التنظيم العالي ليس لرجال الأمن، بل للجمهور المتنقل للملعب لمشاهدة المباراة، حيث لم نشاهد فيها مناصرا واحدا يمشي في الطريق والكل يحترم الإشارات الضوئية الثلاث من أجل العبور من رصيف إلى آخر، ورغم الحساسية الكبيرة بين الناديين المدريدي والكتلاني، إلا أن أنصار الفريقين أبانوا عن روح رياضية عالية. الدخول إلى الملعب كان دون مراقبة أو تفتيش، وعلى كل مناصر حمل تذكرة الدخول الرقمية، والبحث عن رقم المدرج والباب والمقعد المدونة على التذكرة للجلوس على مقعده. المباراة كانت رائعة، خاصة بعدما تمكن دافيد فيا اللاعب السابق لبرشلونة من فتح باب التسجيل أمام فريقه السابق لتلعب المباراة في أجواء حماسية رائعة أمتعت الوفد الجزائري، وفي شوط المباراة الثاني تجسدت سيطرة الفريق الكتالوني بتعديل النتيجة عن طريق الوافد الجديد البرازيلي ''نيمار'' الذي سمح لزملائه بلعب مباراة العودة على ملعب ''الكامب نيو'' بأكثر إرتياحية، وهي النتيجة التي إفترق عليها الفريقين. لكن نهاية اللقاء كانت مؤلمة لبعض أنصار برشلونة الحاضرين معنا بعدما خرج البرغوث الأرجنتيني ''ميسي'' مصابا، ورغم سوء التحكيم الذي ميز اللقاء وكان ضد أصحاب اللونين الأحمر والأبيض، إلا أن أنصار الأتليتيكو أكدوا لي بأن فريقهم لم يكن في المستوى بالنظر إلى بداية الموسم، وتمنوا الفوز لفريقهم في مباراة العودة. كرة القدم... صناعة غطت الأزمة الاقتصادية بعد وصولي إلى مدينة مدريد وتجولي بها، السؤال الأكثر إلحاحا الذي كان يعود في مرة إلى ذهني، أين تظهر آثار الأزمة الإقتصادية التي يتحدث عنها الجميع؟. فالزائر لمدينة مدريد، يرى حركة عادية للسكان القاطنين بها، يتسوقون في أكبر المحلات العالمية لأكبر العلامات، يأكلون في أكبر المطاعم، ويسهرون إلى ساعات متأخرة من الليل، وحتى الأفارقة واللاتنيين يعملون بشكل عادي، لا أثر للمتسولين والمغنين في محطات الميترو، إضافة إلى كل ذلك بعدما تيّقنا بأن سعر التذكرة الأقل تكلفة يعادل ال 70 يورو، دفعنا إلى التساؤل. ثلاثة أيام ورغم قصرها كانت كافية لمعايشة حدث هام في التاريخ الكروي للجزائر بترسيم مقابلة تجمعها بالنادي الملكي، وبولوج أكبر الملاعب الأوروبية التي تؤرخ بأحرف من ذهب لأساطير الكرة المستديرة، ومشاهدة عمالقة الكرة الأوروبية يصنعون الفرجة إلى حد النشوة على غرار نيمار وتشافي وإنييستا ودافيد فييا والبرغوث ميسي.