سجلت مراكز ومعاهد التكوين المهني والتمهين خلال الأيام الأخيرة اقبالا كبيرا للشباب، ولعلّ ما لفت انتباهنا خلال الجولة الاستطلاعية التي قادت "الشعب" إليها، إقبال الجامعيين على تلقي تكوين يساعد على إدماجهم في عالم الشغل الذي يسجل طلبات تتعلق بالمهن والحرف أكثر منها تخصصات نظرية وإدارية، وتأتي هذه الحركية عشية انقضاء الآجال المحددة للتسجيلات التي تتزامن مع نهاية الأسبوع المقبل. وكانت الوجهة الى مركز التكوين المهني والتمهين عيسات إيدير بالحراش 3، للإطلاع على وتيرة التسجيلات وكيفية سيرورته، حيث أكد عبد الرحمان حمدي نائب تقني وبيداغوجي في حديث له مع "الشعب"، أن هناك حاجة كبيرة للتعريف أكثر بهذا المجال والاعلام والتحسيس والتوجه مباشرة نحو الشباب وإقناعهم بأهمية التكوين الذي يحمل آفاقا واعدة ومستقبلا زاهرا، خاصة وأنه يسمح بدراسة 422 تخصص، مشيرا الى أن الشهادة التي يمنحها تمكنهم من ولوج سوق الشغل بسهولة. وعن التخصصات التي يتيحها مركز التكوين عيسات إيدير، أوضح حمدي أنها كثيرة وتتمثل في الحلاقة، المحاسبة مستوى رابع، الاعلام الآلي، السكرتارية، الخياطة مستوى 2 و3، وذلك سواء عن طريق النمط الإقامي بالنسبة للبنات فقط أو عن طريق التمهين بالنسبة للجنسيين في التخصصات المهنية والحرفية، ويتم منح شهادة تقني في هذه التخصصات بعد مدة تكوين تتراوح من 12 إلى 24 شهرا. وبالإضافة الى ذلك، هناك تخصصات تأهيلية كالاعلام الآلي تفتح حسب الطلب وكذا امكانيات المركز، ولكن وجه الاختلاف يكمن في المدة حيث لا تتجاوز 6 أشهر، كاشفا عن فتح تخصصات عبر المعابر محاسبة 4، سكريتارية مكتبية ، خياطة سيدات، سكريتاريا، ألبسة جاهزة، ناهيك عن استقبال طلبة تقني سامي التابعين لمعهد التكوين والتمهين بصنوبر البحري. وجهتنا التالية كانت الى المعهد الوطني المتخصص في صيانة الإعلام الآلي والالكترونيك محمد الطيب بوسنة بالمحمدية "لافيجري"، الذي فتح أبوابه هذه السنة بتخصصاته التقنية التي استقطبت اهتمام الشباب كثيرا، حسب ما لاحظته "الشعب" بعين المكان، لاسيما الطلبة الجامعيين. وحسب نادية بودريش التي تعمل في استقبال الطلبة سجل المعهد اقبالا ملحوظا من الشباب المطرودين، وكذا من تلاميذ الأقسام النهائية المعاقبين بسنة حرمان نتيجة للغش، بالإضافة الى الجامعيين الذي لم يقتنعوا بالتعليم الجامعي وفضلوا التوجه للتكوين المهني، خاصة وأن المعهد يقدم تكوينا في مجال الإعلام الآلي ومختلف شعبه، حيث عرف تخصص إدارة وأمن الشبكات المعلوماتية، وفرع تثبيت الشبكات اقبالا متزايدا. ونفس الإقبال سجلته باقي المراكز على غرار مركز التكوين المهني والتمهين جاسم علي بباب الواد، حيث أكد الحارس أن هناك توافدا معتبرا من الشباب للظفر بفرصة تكوين في التخصصات المفتوحة المتمثلة في المحاسبة، الميكرو معلوماتية حلاقة السيدات، الخياطة، صناعة الحلويات والطرز هذا التوافد الكبير للشباب سجلناه من كلا الجنسين بغية الظفر بتكوين يضمن لهم منصب شغل دائم لدى المؤسسات الاقتصادية أو للقيام بمشاريع خاصة وفتح مؤسسات مصغرة ومتوسطة، بعد نيل الشهادة التي تمكنهم فيما بعد من التقرب من مختلف آليات التشغيل التي أوجدتها الدولة لمرافقة الشباب من الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب "لونساج"، الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر "لونجام"، الصندوق الوطني للتأمين عن البطالة "الكناك". هي شهادات شباب تحدثوا معنا وهم يغمرهم الأمل بمستقبل زاهر بعد أن فشلوا في نيل شهادة البكالوريا، أو لم تسعفهم الحياة لإكمال دراستهم، أو حفزتهم الرغبة في نيل شهادة أخرى تعينهم على الظفر بمنصب شغل بعد أن تنجح دراساتهم العليا الجامعية في تحقيق ذلك. يوسف بن عبد اللّه طالب جامعي بدالي ابراهيم، وكذا بمعهد المحمدية تخصص "قاعدة معطيات" انتقل إلى السداسي الثالث أكد في حديث لنا انه فضل التسجيل في مجال التكوين المهني لملء فراغه بدل تضييعه في أمور لا تنفع، وذلك عبر التسجيل للاستفادة من دروس مسائية، بالإضافة الى ان الشهادة التي سيتخرج بها ستضاف في مساره المهني. من جهة أخرى، التقينا بالأب الأستاذ المتقاعد زاوي سليمان الذي جاء ليستفسر عن التخصصات التي فتحها المعهد بغية تسجيل ابنته ذات المستوى أولى ثانوي، حيث حظيت هذه المؤسسة بثقته بعد أن سبق لابنة أخرى درست فيها وفي تخصص الشبكات المعلوماتية، معتبرا أن التكوين المهني فرصة ثمينة جدا للشباب وعليهم أن يغتنموها لأنها تضمن آفاقا هامة في عالم الشغل. وفي المقابل أثارت الشابة وسيلة الطالبة الجامعية تخصص انجليزية انتباهنا كونها جاءت تسأل عن تخصص نكاد نجزم بأنه حكر على الرجال فقط وهو "النجارة"، وذلك اقتداء بمهنة والدها التي أعجبت بها وعشقتها حتى النخاع، حتى أننا لمسنا لديها إرادة كبيرة في فتح ورشة خاصة، بها وكيف أنها تطمح في الاستفادة من المساعدة والمرافقة التي تقدمها الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب "لونساج" لتحقيق حلمها، مثنية علينا تشجيعنا لها قائلة: "أنا سعيدة جدا لأنكم لم تنظروا الى حلمي كما تعودت من ذوي الذهنيات القديمة المتخلفة التي لا ترى المرأة إلا في البيت أو في تخصص التعليم والطب بل على العكس شجعتموني". هي أحلام شباب متفائل نقلناها من مراكز مختلفة للتكوين المهني والتمهين، فضلوا عدم الاستسلام لشبح البطالة الذي يتربص بهم في فترة يفترض أن يكونوا فيها مبدعين ومنتجين والتوجه بكل الثقة للبحث عن سبيل آخر لتجسيد مستقبل حقيقي بعيدا عن المناصب المالية الخدماتية التي يفتحها الوظيف العمومي، وذلك عن طريق خلق مؤسسات منتجة تسجل مساهمتها في عجلة الاقتصاد الوطني. التحسيس والتوعية لاستقطاب شباب أكبر التسجيلات بمراكز التكوين والتعليم المهنيين على مستوى الجزائر العاصمة، والتي انطلقت منذ ال 7 جويلية المنقضي مستمرة إلى غاية 12 سبتمبر، في حين ستكون أيام الانتقاء والتوجيه أيام 16 17 18 من الشهر الجاري، على أن يكون الدخول المهني الرسمي يوم 22 من نفس الشهر. عملت الوزارة الوصية على إطلاق حملة تحسيسية خاصة بالدخول المهني تحت شعار "مهنة في اليد ضمان للغد"، لضمان استقطاب وإعلام الشباب الراغب في الحصول على تكوين مهني يضمن لهم الاندماج في عالم الشغل وتعميم الفائدة بالتوجه نحو المهن الأكثر طلبا في سوق العمل خاصة تلك المطلوبة في بعض القطاعات الهامة كالبناء والتعمير والأشغال العمومية. كما خصصت ذات الهيئة المسؤولة في موقعها الالكتروني مساحة كبيرة للدخول المهني، من خلال نشر مختلف المعلومات المتعلقة بهذا الحدث الهام المتزامن مع الدخول الاجتماعي، من مدونة الشعب والتخصصات، والتفاصيل المتعلقة بكل تخصص ومختلف الامتيازات الممنوحة في مجالات التكوين، بالإضافة الى صفحة خاصة بالتعليم المهني الأكاديمي والتأهيلي، حيث يتلقى فيه الطالب التعليم التكنولوجي والعلمي، بالإضافة الى فرص التدريب والتربص المتاحة لدى مختلف المؤسسات الاقتصادية. وفي هذا الاطار عمدت الوزارة الى التعريف بالتعليم المهني في موقعها وبرنامج وتشكيلة معاهد هذا النوع من التعليم والتي تعنى في مجملها ب 5 مهن من نفس العائلة كالصناعية والفلاحية والفندقية والمطاعم السياحية، البناء والتعمير والأشغال العمومية، السكريتارية والمحاسبة والبيع، ولقد تمّ تجريب 6 شعب صناعية والمتمثلة في صيانة التجهيزات الصناعية، والسيارات والأنظمة المعلوماتية، والانتاج الميكانيكي والتبريد. من جهتها قامت مختلف مراكز التكوين والتمهين بتعليق ملصقات وإعلانات تحسيسية وتوزيع مطويات ودعائم إشهارية موجهة لمختلف الشباب المهتم بالتكوين المهني، تتضمن مختلف الاختصاصات المقترحة، بالإضافة الى الملف الإداري وطرق الانتقاء وآجال التسجيل ونوعية التكوين بين النمط الإقامي والتمهين. كما تعمل مصالح التوجيه المهني بمختلف مراكز التكوين على شرح أي لبس للشباب المتوافد عليها عبر تبادل أطراف الحديث للإطلاع على ميولاتهم وتطلعاتهم ومستواهم التعليمي، بالإضافة إلى الإجابة على كل التفسيرات المطروحة من قبلهم، بغية توجيههم للتخصص المناسب ولضمان مرافقة أحسن واندماج أكبر مع التكوين.