أجمع المشاركون في أشغال اليوم الدراسي حول «من أجل إسماع صوت الديمقراطية» المنظم بمجلس الأمة تزامنا وإحياء اليوم العالمي للديمقراطية المصادف ل15 سبتمبر من كل سنة، على توفر الإرادة السياسية والشعبية لتحقيق الديموقراطية في البلاد، غير أن ذلك لم يمنعهم من الدعوة إلى تفتح البرلمان على المواطنين وممثلي المجتمع المدني، على اعتبار أن البرلمان يعد من أهم الآليات لتجسيد الديمقراطية، وإشراكهم في العمل البرلماني، من خلال الاستماع لانشغالاتهم واقتراحاتهم والتشريع على أساسها، مثلما هو معمول به في العديد من البرلمانات الدولية، لإعطاء المزيد من الشفافية والمصداقية للعمل البرلماني وبالتالي تكريس الديمقراطية التشاركية. اعتبر نائب رئيس مجلس الأمة سيدي عثمان لخضر، في كلمته الترحيبية التي ألقاها بالمناسبة، أن الديمقراطية هي قيم وممارسة ونهج النجاة لتسيير الأمم وتحقيق الأمن والسلم العالميين، مضيفا أن الجزائر تجاوبت مع المفاهيم العالمية للديمقراطية منذ 1989 حينما أدخلت تعديلات على الدستور جسدت فيها مبادئ الديمقراطية، وظهر ذلك جليا في الانتخابات التي أنتجت مؤسسات قوية منذ ذلك التاريخ إلى غاية اليوم، ناهيك عن الإصلاح السياسي المستمر الذي ظهر في كل مراحل النظام السياسي. وأكد عضو مجلس الأمة سابقا الأستاذ بوزيد لزهاري في مداخلة له بعنوان «البرلمان والديمقراطية دور المواطن»، أن الإرادة السياسية والشعبية موجودة لتحقيق الديمقراطية في البلاد فأول «صفة أعطيت للدولة الجزائرية هي الديمقراطية من قبل مؤسسيها». وأبرز المحاضر في مداخلته، أن الديمقراطية لا تنتمي إلى حضارة معينة لأنه «فيه أصوات تدعي أنها منتوج لمنطقة جغرافية محددة» فإذا كانت بمفهوم الحوار والتشاور لحل المشاكل فقد «ظهرت حتى في الجماعات التقليدية على مستوى القرى بالجزائر» لهذا انطلاقا من هذه الفكرة «لا يمكن لأي حضارة أن تدعي أنها ملكها بل هي منتوج داخلي للدول»، كما أن الديمقراطية «لا يمكن أن تفرض بالقوة بل يجب أن تحترم مبدأ السيادة والحرمة السيادية، وليس مصدرا للتدخلات وبيع أفكار معينة». ولأن البرلمان هو مفتاح الديمقراطية مثلما قال أكد الحقوقي وعضو مجلس الأمة سابقا ضرورة توفر فيه بعض المواصفات، كأن يكون تمثيليا أي يعكس بصدق التركيبة الاجتماعية والسياسية المتواجدة في المجتمع، وبأن يسمح بتواجد كل فئات المجتمع من بينها المرأة، كما يجب محاربة كل الأشكال التي تؤدي إلى دخول المال الفاسد والرشوة، وأن يكون شفافا من خلال تفتحه على المواطن وممثلي المجتمع المدني «وليس ناديا خاصا بفئة معينة» من خلال الاستماع لانشغالات واقتراحات المواطنين حول مختلف القرارات ومشاريع القوانين، لاسيما تلك المتعلقة بحقوق الإنسان، والميزانية والتشريع على أساسها وهذا لاستعادة ثقة المواطن في البرلمان، مقترحا وضع سجلات خاصة باقتراحات المواطنين، أو السماح للبعض بحضور اجتماعات اللجان المتخصصة. أما أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بجامعة وهران محمد أبو سلطان، فقال وهو يقيم الديمقراطية في الجزائر، إنه «على مستوى المعايير الدولية هي موجودة كون أن هناك انتخابات تجرى دوريا وهناك إجراءات تضمن الشفافية»، غير أنه أقر بوجود صعوبات تطبيقية في ممارسة الديمقراطية ويظهر ذلك بشكل ملحوظ على المستوى المحلي حيث تكون الإدارة المحلية والمنتخب في مواجهة المواطن. وسجل المحاضر، في مداخلة له بعنوان «المجالس المنتخبة المحلية والديقمراطية دور المواطن» وجود العديد من النصوص والمواد القانونية التي تؤكد على إشراك المواطن في التسيير المحلي ومنها المادتين 15 و16 من الدستور، حيث تنص الأولى على أن البلدية هي الجماعة القاعدية فيما تنص الثانية على أن المجالس المنتخبة تمثل مكانة مشاركة المواطنين وهما فكرتان لم يصبح امتدادهما واضحا إلا في السنوات الأخيرة خاصة في ظل الإصلاحات السياسية التي تعيشها الجزائر. أما قانون الولاية الجديد، فيركز في المواد 18، 26، 27 على الشفافية التي تعتبر من أهم عناصر الحكامة المحلية، في حين خصص قانون البلدية الجديد بابا كاملا للمشاركتية، ونص في المواد من 11 إلى 14 بشكل صريح على إشراك المواطن في تسيير شؤونه بالإضافة إلى الشفافية، وهذا تجسيدا للمادة 17 من الدستور.