مصادقة ثلاثة أرباع أعضاء البرلمان تكفي لتمريره لا استفتاء شعبي على الدستور الجديد تشير العديد من المعطيات إلى أن الدستور القادم لن يعرض على استفتاء شعبي، وأولى هذه المعطيات هي تأكيد الوزير الأول خلال تنصيبه لجنة خبراء مكلفة بتعديل الدستور، أنه لم يتم وضع (أي حد مسبق) لمشروع التعديل الدستوري باستثناء الحدود المتعلقة بالثوابت الوطنية والقيم والمبادئ المؤسسة للمجتمع الجزائري، مبينا أن المشروع الجديد لن يمس الثوابت، علما أن الدستور الحالي لا يشترط الاستفتاء الشعبي لتعديل الدستور. وتظهر بعض المؤشرات أن الدستور الجديد لن يعرض على استفتاء شعبي، إذ أنه لن يمس الثوابت الوطنية، ناهيك عن الهامش الزمني الضيق ومعطيات أخرى، وبهذا يكون الدستور الثاني الذي يعدل بدون استفتاء في عهد الرئيس الحالي، بعد دستور 2008 حيث ستقوم لجنة الوزراء المكلفة بإعداد المشروع بتعديله، ثم طرحه على البرلمان بغرفتيه، وسيكفي عندها أن يصادق عليه ثلاثة أرباع أعضاء البرلمان ليصبح ساري المفعول. أما المعطى الثاني الذي يرجح الاكتفاء بتمرير الدستور الجديد على البرلمان دون استفتاء شعبي فهو ضيق الوقت، حيث لا ينتظر أن يكون النص القانوني الجديد جاهزا قبل نهاية السنة الجارية، ومعلوم أن الانتخابات الرئاسية القادمة من المفترض أن تجرى في أفريل من سنة 2014، علما أن الدستور الحالي يعطي الحق لرئيس الجمهورية في تعديله دون اللجوء إلى استفتاء شعبي، حيث تنص أحكام الدستور على الشروط المتعلقة بذلك في المادتين 174 و176، فالمادة 174 تنص على أنه (لرئيس الجمهورية حق المبادرة بالتعديل الدستوري)، وذلك بعد أن يصوت عليه المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة بنفس الصيغة حسب الشروط نفسها التي تطبق على نص تشريعي يعرض التعديل على استفتاء الشعب خلال الخمسين (50) يوما الموالية لإقراره، وفي هذا الإطار يصدر رئيس الجمهورية التعديل الدستوري الذي صادق عليه الشعب، أما المادة 176 فتنص على أنه (إذا إرتأى المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس البتة بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما ولا يمس بأي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية، وعلل رأيه أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي متى أحرز ثلاثة أرباع (3/4) أصوات أعضاء غرفتي البرلمان). أحزاب تطالب بإشراك الجزائريين في تعديل الدستور عبرت بعض الأحزاب السياسية على مشروعية الاستفتاء الشعبي، و وتباينت مواقفهم من تنصيب اللجنة المكلفة بإعداد مشروع تمهيدي للقانون المتضمن التعديل الدستوري بين مرحب بها لكونها ترجمة لاستكمال الإصلاحات السياسية وبين من يدعو إلى إشراك كافة شرائح المجتمع فيها، حيث قال عبد الرحمان بلعياط المكلف بتسيير شؤون حزب جبهة التحرير الوطني في تصريح صحفي عن ترحيب حزبه لتنصيب هذه اللجنة لكون التعديل الدستوري يندرج في محتوى الإصلاحات التي أمر بها رئيس الجمهورية، وذلك (إلى جانب إخضاع الحكومة إلى (رقابة جدية وملموسة) من قبل الهيئة التشريعية. من جهتها اعتبرت الأمانة الوطنية المكلفة بالاتصال للحركة الشعبية الجزائرية مراجعة الدستور بأنها مرحلة (جديدة) في مسار الإصلاحات التي دعا إليها الرئيس بوتفليقة في خطابه يوم 15 أفريل 2011، مؤكدة إلى تمسكها بما عبر عنه الأمين العام للحركة عمارة بن يونس كمرجعية فيما يخص تعديل الدستور والمتمثلة في الحفاظ على الطابع الجمهوري والديمقراطي للدولة وتفضيل نظام حكم شبه رئاسي مع الحفاظ على الغرفة السفلى (مجلس الأمة) إلى جانب تجسيد الحريات الفردية والجماعية. ومن جهة أخرى، قال تجمع أمل الجزائر (تاج) أن تنصيب اللجنة (خطوة في الطريق الصحيح وترجمة حقيقية لاستكمال مسار الإصلاحات السياسية) التي بادر بها رئيس الجمهورية لبناء دولة المؤسسات، فيما أكد تجمع أمل الجزائر في بيان له أن الالتزام الذي أبداه رئيس الجمهورية من خلال توجيه اللجنة للاستناد والأخذ باقتراحات وأفكار الطبقة السياسية والمجتمع المدني يبقى (الضامن الأساسي لتعميق معاني الديمقراطية التشاركية). ومن جهته دعا فاروق أبو سراج المكلف بالإعلام في حركة مجتمع السلم اللجنة المكلف بتعديل الدستور إلى (توسيع المشاورات) مع كل أطياف الطبقة السياسية وعلماء القانون والاجتماع (وفتح نقاش عميق) حول الدستور الجديد للجزائر عبر وسائل الإعلام لاسيما المرئي منها، مطالبا عدم المساس بالمادة 178 من الدستور الحالي التي تتحدث عن النظام (الجمهوري وثوابت الأمة والحريات والتعددية والديمقراطية وحقوق الإنسان). ومن جهتها، دعت لويزة حنون إلى (فتح نقاش وطني) حول تعديل الدستور وإشراك مختلف شرائح المجتمع فيه، مطالبة في هذا الشأن الحكومة ب(تقديم توضيحات أكثر حول مهمة هذه اللجنة)، واعتبر فاتح ربيعي الأمين العام لحركة النهضة اللجنة المشكلة لإعداد الدستور (لجنة تقنية لا تمثيل للأطراف السياسية فيها ولا تستجيب لمطلب الدستور التوافقي) محملا عواقب (تجاهل مقترحات الطبقة السياسية في الإصلاح الجذري والعميق)، مضيفا برأيه فإن (إصرار السلطة) على الانفراد بتعديل الدستور (مغامرة لإفراغه من محتواه)، مؤكدا استعداد حركته للنضال السلمي من أجل (إصلاحات عميقة تعني جميع الجزائريين وليست على مقاس سلطة أو أحزاب أو أشخاص).