رغم مرور حوالي 03 سنوات من الإعلان عن مشروع إنجاز مسرح جهوي يليق بمقام ولاية بومرداس، التي تفتقد لمثل هذا الصرح الثقافي الهام وهذا في إطار المخطط الخماسي 2010 2014، إلاّ أنّ المشروع لا يزال عبارة عن مجسّم على الورق ينتظر التجسيد في الميدان، لأسباب عديدة حصرتها مصادر مطلعة من مديرية الثقافة بمشكل الأرضية، في حين تبقى سمة التشتت وغياب قاعات العروض المهيأة هي القاسم المشترك والأبرز لواقع المسرح المحلي. وأضاف ذات المصدر أنّ الأرضية الأولى التي تمّ اختيارها سابقا لإنجاز المشروع بالساحة المجاورة لمقر مديرية التنظيم والشؤون العامة السابق تبين في الأخير حسب الدراسة التقنية أنها غير صالحة لإنجاز المشروع ولا تتناسب مع طبيعة ونشاط المؤسسة، ليتم تحويله إلى مدخل الولاية من الناحية الغربية في اتجاه بلدية قورصو في انتظار انطلاق الأشغال وتسليم المشروع الذي لا يكون أبدا قبل نهاية سنة 2014 كما سطّر له، وبالتالي تبقى أسرة المسرح ببومرداس تعاني من غياب الفضاءات ونقص قاعات العروض التي لا تخرج عن نطاق عدد من المراكز الثقافية ودور الثقافة بالبلديات، لكن أغلبها غير مهيّأة ولا تصلح لممارسة النشاط المسرحي واستقبال الفرق المسرحية، وحتى تنظيم مهرجانات وطنية وولائية على غرار باقي ولايات الوطن. هذه الوضعية الصعبة التي تعاني منها الفرق المسرحية وهواة الفن الرابع من مخرجين وممثلين على الركح على مستوى ولاية بومرداس، لم تمر هكذا دون ردود فعل للتعبير في كل مناسبة عن حجم الانشغالات المنددة بهذه الوضعية، وهي تقريبا من الدوافع التي قادتنا في هذا الموضوع لاستطلاع آراء أهل المهنة، الذين تحدّثوا ل "الشعب" بصراحة عن واقعهم وكيف ينظرون لمشروع مسرح جهوي يبقى عبارة عن حلم بإمكانه أن يدخل الولاية في قائمة الولايات التي تملك تقاليد طويلة في مجال النشاط المسرحي.
رئيس جمعية المسرح البودواوي «مسرح في كل بلدية طموحنا"
قال رئيس جمعية المسرح البودواوي رضوان زوغاري في تعليقه على الموضوع، أنّ انشغالات أهل المسرح ببومرداس لا تتوقف عند إنشاء مسرح جهوي بعاصمة الولاية كمعلم ثقافي يميزها.."إنّ حلمنا لا يتوقّف عند هذا المشروع الذي يعتبر هاما بالنسبة لنا، بل إنّنا نطمح لتجسيد مشاريع مماثلة في كافة بلديات الولاية التي تفتقد لهذه الهياكل التي ينتظرها الشباب ومحبي فن المسرح، كفضاءات كفيلة بتأطير وهيكلة الفرق المسرحية المحلية المحرومة من قاعات مهيأة لتقديم مختلف العروض المسرحية"، كما أعطى مثالا بالواقع المزري للمركز الثقافي ببودواو الذي تحول حسب رضوان زوغاري بمثابة مقر وملجأ لكل الفعاليات المحلية من جمعيات ثقافية، رياضية، جمعيات الأحياء وغيرها من الأنشطة الأخرى التي يستحيل معها في ظل هذه الظروف ممارسة النشاط المسرحي في قاعة متعددة الخدمات وليست موضوعة تحت التصرف.
عضو جمعية نوميديا «كفانا معاناة" من جهته، اعتبر عبد القادر زواوي عضو جمعية نوميديا للمسرح التابعة لبلدية برج منايل في ردّه على سؤال "الشعب"، أنّ مشروع إنجاز مسرح جهوي بولاية بومرداس عرف تأخرا كبيرا، وهو حلم انتظره كثيرا هواة المسرح بالولاية المشتتين بين عدة مناطق، كما وصف الوضعية الحالية للمسرحيين المحليين بالكارثية، مركّزا أكثر على واقع النشاط المسرحي ببرج منايل، حيث تقتصر العروض على قاعة دار الشباب في ظل توقف قاعة المجمع الثقافي عن النشاط لأسباب قيل أنها مرتبطة بالأشغال، وعلّق بالقول: "لا نزال لحد اليوم نقوم بإعداد العروض المسرحية على أرضية القاعة في غياب خشبة مهيأة ووسائل العمل المطلوبة، وهي ظروف غير محفّزة تماما على إنجاز مشاريع مسرحية والمنافسة مع بقية الفرق الأخرى، كما أنّنا غير قادرين في ظل هذه الظروف على استقبال فرق مسرحية أو تنظيم أيام ومهرجانات وطنية وولائية نتيجة قلة الإمكانيات بما فيها قاعة للعروض".
المخرج المسرحي عبد الرزاق قوادري «نأمل الإسراع في تجسيد المشروع"
تساءل المخرج المسرحي عبد الرزاق قوادري صاحب جائزة علي معاشي لسنة 2012، عن أسباب تأخر إنجاز المسرح الجهوي لبومرداس الذي تم الإعلان عنه منذ مدة، وهو الإعلان الذي ارتاحت له أسرة المسرح بالولاية من أجل لمّ الشمل وتمكين جميع الفرق المحلية الهاوية من ممارسة مختلف الأنشطة المسرحية ودخول عالم الاحترافية من الباب الواسع. وقال في هذا الخصوص: "سمعنا الكثير من الكلام عن مشروع لإنجاز مسرح جهوي ببومرداس في إطار المخطط الخماسي 2010-2014 ، وحتى أننا رأينا المجسم، لكننا ولحد اليوم لا نعرف مصيره إن كان سيتحقق أم لا؟ رغم ذلك فإنّنا نناشد وزارة الثقافة ومديرية الثقافة للولاية بضرورة الإسراع في إخراج المشروع إلى أرض الواقع، وتمكين المسرحيين من فضاء ثقافي يجمع شملهم ويحفزهم على المزيد من الإبداع الفني، وإعطاء دفع قوي لمسيرة المسرح ببومرداس، التي شهدت حركية كبيرة في السنوات الأخيرة بفضل عدد من الفرق المحلية التي تنشط بالبلديات، على الرغم من الظروف الصعبة التي تم الحديث عنها.. هي إذن عيّنة لمجموعة من الوجوه والفرق المسرحية ببومرداس التي أبت الاستسلام لظروف العمل الحالية، فعلى الرغم من قلة الإمكانيات ونقص فضاءات العروض إلاّ أنّها استطاعت أن تصنع اسما لها في عالم المسرح وتحصد العديد من الجوائز الوطنية والعربية، على غرار جمعية المسرح البودواوي، جمعية المسرح الجديد ليسر، وجمعية آفاق لبلدية سي مصطفى وغيرها من الفرق الأخرى التي تنشط في الظل.