يسأل علي عبد الرحمن: لماذا قال يوسف عليه السلام: {توفّني مسلماً وألحقني بالصالحين}، وقالت مريم عليها السلام: {يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسياً منسياً}، مع أنّه لا يجوز للإنسان أن يتمنّى الموت لضرّ نزل به؟ روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يتمنّين أحدكم الموت لضرّ نزل به، فإن كان لابد متمنياً فليقل: اللّهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفّني إذا كانت الوفاة خيراً لي». وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يتمنّين أحدكم الموت إمّا محسناً فلعلّه أن يزداد وإمّا مسيئاً فلعلّه أن يستعتب». وروى البزار عن جابر رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تمنّوا الموت فإنّ هول المطلع شديد وإن من السعادة أن يطول عمر العبد حتى يرزقه الله الإنابة». وعلى ذلك لا يجوز للإنسان أن يتمنى الموت لضرّ نزل به. وأما بالنسبة لقول يوسف عليه السلام: {أنت وليي في الدنيا والآخرة توفّني مسلماً وألحقني بالصالحين} (آية رقم 101 من سورة يوسف}، فإنه لم يتمن الموت لضر نزل به ولكنه تمنى الوفاة علي الإسلام. وهذا لا شيء فيه. وبالنسبة لقول مريم عليها السلام: {يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسياً منسياً} (آية رقم 23 من سورة مريم)، فإنّها خافت أن تفتتن في دينها وهي الصدِّيقة أو يفتتن بها قومها فتمنت الموت لذلك، وهذا لا شيء فيه أيضاً ولا يتعارض مع أن الإنسان المسلم لا يجوز له أن يتمنى الموت لضر نزل به. والله أعلم. الشيخ أحمد حماني رحمه الله