يترقّّب عمال عقود ما قبل الإدماج خلال الأيام القليلة القادمة إدماجهم في مناصب شغل قارة، حسب ما تم الإعلان عنه من طرف الوزارة الوصية، غير أنّ تحديد عدد العمال الذين سيستفيدون من عمليات الإدماج، مازال لم يتّضح بعد ومتوقّف على المناصب المتوفرة، علما أنّ عدد المنتسبين إلى جهاز الإدماج المهني حاليا، يناهز 800 ألف عامل من بينهم 300 ألف ينشطون في القطاع الاقتصادي و500 ألف في الادارة. ويعوّل كثيرا على القطاع الاقتصادي في امتصاص البطالة، وفي استيعاب أكثر عدد من الشباب الذي استفاد من عقود ما قبل الإدماج. مازالت نسبة البطالة وسط الشباب الجامعي مرتفعة رغم تراجعها بشكل محسوس خلال السنوات القليلة الفارطة،وتشير أرقام وزارة العمل أنّ نسبة البطالة وسط الجامعيين لا تقل عن مستوى 14.5 بالمائة رغم تسجيلها انخفاض قياسي خلال نهاية السنة الفارطة بنحو 7 بالمائة، ولعل النية القائمة لتفعيل عقود ما قبل الإدماج واستبدالها بصيغة جديدة للتوظيف أكثر نجاعة سيطلق عليها "عقد التشغيل الأولي للشباب" تكون "مؤقّتة" أو "انتقالية" ستحسّن وضعية المنتسبين وتحفظ حقوقهم في سوق العمل، في انتظار توفير عقد نهائي لطالب العمل في وقت لاحق على أن تقتصر هذه العقود على القطاع الاقتصادي، الذي ينتظر منه الكثير في المرحلة القادمة سواء كان خاصا أو عموميا، خاصة عقب التوقيع على العقد الوطني للنمو الاقتصادي والاجتماعي. دون شك فإنّ الوقت قد حان كي تستعيد المؤسسة الاقتصادية مكانتها وتلعب دورها في ترقية إنتاجيتها ورفع تنافسيتها، على الأقل لفرض نفسها في السوق الوطنية، وتغطية الحاجيات المحلية، عن طريق خلق الثروة وفتح مناصب الشغل الجديدة، وانتعاش سوق العمل بشكل أكبر في الوقت الراهن متوقف على تفعيل الاستثمارات، وتعزيز دور الصناعة الذي بإمكانه أن يغيّر من واقع سيطرة إيرادات النفط كمورد وحيد في تمويل الاقتصاد الوطني، وارتفاع فاتورة الاستيراد، ويؤمّن لمرحلة ما بعد البترول. وتتطلّع فئة الشباب إلى العقود الجديدة التي سيكشف عنها خلال السنة الجارية ويتعلق الأمر بعقود التشغيل الأولية للشباب" علما أنّها ستكون "مؤقتة" وربما انتقالية حيث مازال المرسوم الخاص بها لم يطرح بعد، لكن دون شك سيكون أحسن من عقود ما قبل الإدماج حيث سيحفظ من خلالها على حقوق المستفيدين منها، ويساوي فيها ما بين العامل الدائم في المؤسسة وأصحاب هذه العقود سواء في الحقوق والواجبات ويتعلق الأمر بالراتب والحماية الاجتماعية وما إلى غير ذلك، وينتظر أن تقدّم الدولة في إطار آلية التوظيف الجديدة مساهمة شهرية تقدر ب 15 ألف دينار للمستفيدين من الجامعيين، و10 آلاف دينار للتقنيين السامين، و8 آلاف دينار لخرّيجي معاهد التكوين المهني، ويتكفّل أرباب العمل وأصحاب المؤسسات بتقديم الفرق بين هذه المساهمة ومتوسط الأجر المدفوع في المؤسسة. إذا تحيين عقود ما قبل التشغيل واستبدالها بعقود جديدة يطلق عليها "عقد التوظيف الأول للشباب" ستوفّر امتيازات مغرية في الأجور والحماية الاجتماعية لهذه الفئة، وترفع الغبن عنهم لأنّ سنوات الخدمة لم تكن تحتسب لهم في سنوات التقاعد رغم أنّهم يقدمون نفس المجهود الذي يقدّمه العامل الدائم للمؤسسة أو الإدارة. وبالموازاة مع ذلك، من المقرر أن تستفيد المؤسسات التي تستوعب اليد العاملة والبطالين من خلال هذه الصيغة الجديدة من إعفاءات ضريبية، معتبرة حسب ما التزم به وزير العمل، وكل مؤسسة ستستفيد من امتيازات على ضوء ما تقدمه من رواتب، وحسب عدد العمال الذين ستشغلهم. وينبغي للدراسات أن تركّز وتأخذ بعين الاعتبار افتقار عدة قطاعات لليد العاملة على غرار قطاعي البناء والأشغال العمومية وكذا القطاع الفلاحي، ويجب تشجيع اليد العاملة البطّالة على وجه الخصوص للتوجه نحوها عن طريق تكوينها وإرساء امتيازات حتى تستقطب عدة مهن توصف بالشاقة العمالة. وتبقى الجهود قائمة عقب تقليص نسبة البطالة إلى أقل من 10 بالمائة حيث استقرت في حدود 9.8 بالمائة، وترتفع أكثر وسط الشباب والجامعيين رغم وجود آليات التشغيل، وتلك التي تسمح للشاب أو للفئات الأخرى باستحداث مؤسساتهم، لكن امتصاص البطالة لن يتمّ تحسّسه إلا بانتعاش الصناعة وعودة الإنتاج الوطني سواء كان فلاحيا أو صناعيا.