تخطّت البلاد منعرج الرئاسيات في ظل الهدوء وتشكّل قناعة التحول لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي تتعلّق بمستقبل الأمة. ومن الآن فصاعدا ينتظر أن تجتمع كافة الإرادات الوطنية المخلصة للعمل على قدم وساق من أجل إنجاز الأهداف الوطنية المسطّرة، والتي لا يمكن الاختلاف بشأنها أو تجاهل تأثيراتها في ظل نظام عالمي غير مستقرّ في مختلف جهات العالم، وتميّزه صراعات أقرب إلى حرب غير معلنة في سباق محموم للسّيطرة على الأسواق ومصادر الطاقة. ملفات كبرى وثقيلة، يجدها رئيس الجمهورية على مكتبه، تتطلّب تجنيد كل الطّاقات التي تتوفّر عليها البلاد من قدرات ومؤهّلات بشرية، وامكانيات مادية ومالية لتحويلها إلى وقود يعطي الطاقة اللازمة لانطلاقة جديدة وبوتيرة سريعة، لكن بعقلانية من شأنها أن تحقّق ما يتطلّع إليه الشّعب الجزائري وكافة الشركاء بما في ذلك الأخذ في الحسبان مصالح الأجيال. وأبرز هذه الملفات: ملف المديونية الخارجية التي تقلّصت إلى رقم ضئيل، بفضل تضحيات وصبر وحرص القيادة على تخليص البلاد من كابوس يؤرق الجميع، بعد أن جثمت على صدر الجزائر لسنوات ومن ثمّة العمل لمواصلة التحكم فيها، وإبعاد شبحها المفزع والمهدّد للأجيال. ملف الطّاقة في ضوء مؤشّرات محلية ودولية تمس مباشرة معادلة الطلب والإنتاج، الأمر الذي يفرض البحث عن بدائل للموارد التقليدية للحفاظ على الموارد التي تحتاج إليها التنمية، ومنها تنشيط مسار الطّاقات النّظيفة والمتجدّدة كالطاقة الشمسية مع امكانية التعاطي مع مشاريع دقيقة للطّاقة النووية بما يضمن الوقود للمنظومة الاقتصادية وبأسعار تنافسية، ويحصّن البلاد من أي لجوء للاستيراد. ملف الفلاحة بالمفهوم الصناعي من خلال إطلاق مشاريع كبرى في الهضاب والصحراء، بالشّراكة مع متعاملين وطنيين جادّين وشركاء من بلدان جادّة على أساس تقاسم الأعباء والمنافع، مع ضرورة تأطيرها بمعايير اقتصادية ترتكز على النّجاعة والمناجمنت الحديث، ولو باستقدام كفاءات إدارة وتسيير من بلدان حقّقت تفوقا في هذا المجال. ملف التبعية للمحروقات وحتمية التخلص أو التقليل من ، بصياغة ورقة طريق أكثر مبادرة وديناميكية لمسار التصدير خارج المحروقات، من خلال تنمية تنويع البدائل الاقتصادية ضمن مخطّط متكامل ومندمج تنسجم فيه كافة قطاعات النشاطات التي ترتكز عليها الخيارات الاقتصادية، مثل الصناعة، السياحة، الخدمات البنكية والتكنولوجية والفلاحة بكل جوانبها. ملف الفساد الذي يؤرق أكثر من جهة ويرتبط مباشرة بتسوية كل الملفات آنفة الذكر، بحيث ينتظر أن تؤسّس آليات ترافق مكافحة الفساد والوقاية منه من الأساس، في ظل عدم فعالية المنظومة الراهنة. ولعل لدى الخبراء في المجال ما يساعد على صياغة أدوات رقابة ذكية وذات فعالية، تمنع الجريمة الاقتصادية في مهدها، بإدخال ميكانيزمات توسّع من مجال الشفافية في إدارة المال العام، وتسيير الصفقات دون الحد من روح المبادرة الصادقة والاحترافية الملتزمة بالمصلحة الوطنية الكبرى، التي يسهر عليها المخلصون وغالبا بعيدا عن الأضواء.