تنويه بالوساطة الجزائرية في مسار المصالحة توجت جهود الوساطة الجزائرية الرامية لإعادة السلم والأمن في مالي، وتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتخاصمة بنتائج جد إيجابية، سواء على صعيد تنقية الأجواء واستعادة الثقة للذهاب نحو الحوار بين الحكومة المالية والحركات السياسية المسلحة الناشطة في الشمال، أو على مستوى حشد الدعم الإقليمي والدولي للجهود قصد التوصل إلى حل نهائي عبر مسلك التفاوض. لم تكن الأزمة المالية لتتدحرج نحو طريق الحل دون الدبلوماسية الجزائرية، التي عادت ومنذ شهر جانفي الماضي، تاريخ زيارة الرئيس المالي أبوبكر كيتا للجزائر، إلى لعب دورها الطبيعي في صناعة السلام والاستقرار بهذه الدولة والمنطقة. وجاءت القمة الثالثة لوزراء خارجية بلدان الساحل المنخرطة في مسار السلم بمالي، لتؤكد على أهمية الوساطة الجزائرية، إذ أكد وزير المصالحة الوطني المالي، زهابي ولد سيدي محمد، «أنه بعد اتفاق وغادوغو العام الماضي، كان لابد أن يسجل حضور الجزائر للدفع بالحوار نحو التجسيد». ورأى الممثل السامي للاتحاد الإفريقي والرئيس السابق للبورندي، بيار بويويا، أن «الدور الجزائري مثمر للغاية في صناعة السلم ومكافحة الإرهاب». هذه الانطباعات تعززت بالتوصيات الختامية للاجتماع، حين هنأ المشاركون الجزائروالماليين على التطورات المحققة في الأيام الأخيرة والتي أدت إلى خلق الظروف الملائمة لانطلاق الحوار المالي بشكل أولي وفقا للخطوط العريضة للمنهجية المعدة من قبل الجزائر. واعتبروا في ذات البيان النهائي، أن توقيع 6 حركات مسلحة وسياسية من إقليم الشمال على إعلان الجزائر والأرضية الأولية يومي 9 و14 جوان وما أفضى إليه الاجتماع الرابع للجنة الاستراتيجية الجزائرية - المالية لشمال مالي، المنعقد مطلع الأسبوع، أعطيا فرصة واعدة يجب أن تستغل سريعا لجمع الطرفين المعنيين على طاولة الحوار، وهو ما سيحدث مطلع جويلية المقبل. وعلى خلاف مساعي بعض الأطراف الدولية لحل الأزمة المالية بشكل منفرد والعمل على إقصاء طرف ودعوة آخر بناءً على حسابات ضيقة، ما جعل كل الوثائق الموقع عليها تتسم بالهشاشة، ركزت المنهجية الجزائرية الجديدة على إشراك جهات ومنظمات إفريقية كدول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والاتحاد الإفريقي ومنظمة الأممالمتحدة، ودعتها إلى اتخاذ موقع لدعم الحوار الذي سينطلق بعد أيام والعمل من أجل هدف توحيد الماليين على بناء دولتهم والعيش في كنف السلام الدائم. ستشكل دون شك مرافقة الاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة لما تقوم به الجزائر، دفعا قويا للمفاوضات والمصالحة الوطنية المالية وأي اتفاق نهائي سيتم التوصل إليه سيعمر طويلا بفضل الدعم الدولي، وتفرض مقتضيات حل الأزمة أن تنسق كل الجهود المبذولة من باقي الدول وتصب في مصلحة الشعب المالي. ولعل ما يجعل الجزائر المكان الأنسب لعقد جولة الحوار الأولية، ثقة كل الأطراف المالية في النوايا الجزائرية الحسنة التي لا تريد سوى رؤية البلد الجار ينعم بالاستقرار ويشكل حصنا منيعا في المنطقة ضد الإرهاب والجريمة المنظمة، ناهيك عن علاقاتها التاريخية بدول الجوار. ومما لا شك فيه، أن الحسابات المرتبطة بالمصالح الخاصة التي تبديها بعض الأطراف المشوشة، هي السبب الرئيسي والمباشر في دوام المعضلة، وبعد أن فهمت الأطراف المالية الأمر وتيقنت أنه لا غالب ولا مغلوب في التصادم بالأسلحة إلا دولتهم، لذلك فمقاربة الحل السياسي التفاوضي الأنجع والأفضل سبيلا.