بقدر ما يتوفّر العالم العربي على طاقات للرفاهية والتنمية، بقدر ما لا تزال بعض بلدانه تعاني من اتساع ظاهرة الفقر. وبهدف الوقوف على هذه الوضعية غير السليمة بادرت كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير لجامعة الجزائر3 بالتعاون مع مخبر العولمة والسياسات الاقتصادية، بتنظيم الملتقى الدولي لتقييم سياسات الإقلال من الفقر في الدول العربية في ظل العولمة الذي تجري أشغاله اليوم بمقر كلية الإعلام بن عكنون. وتنطلق إشكالية الملتقى من تسجيل نسبة نمو عالمية ب3,3 بالمائة سنة 2013، وتدفق الاستثمار الأجنبي المباشر 1925 مليار دولار مع توقع ارتفاعه إلى 2110 مليار سنة 2014. وعرفت التجارة الخارجية نموا بمعدل سنوي بلغ 7 بالمائة. لكن بالمقابل لا يزال الاقتصاد العالمي يعرف حالة غير عادلة من تكافؤ الفرص داخل البلدان أو فيما بينها إلى درجة أن الحق في الحياة يختلف إذ يعاني 1,3 مليار نسمة من الفقر المدقع بينما حوالي 500 مليون نسمة محاصرون بسوء التغذية و940 مليون نسمة لا يحصلون على كمية الغذاء الكافي ونحو 2,1 مليار لا يحصلون على مياه صالحة للشرب. أما بالنسبة للبلدان العربية فإنها صورة مصغرة لهذا المشهد الكئيب حيث 54 مليون يعيشون تحت خط الفقر، وباعتماد معيار 3 دولار كمؤشر للفقر فإن عدد الفقراء في 12 دولة عربية يقدر بأكثر من 78 مليون فرد يمثلون 35 بالمائة من إجمالي عدد السكان في تلك الدول. وأكثر من النصف يقيمون في الأرياف في ظل فوارق اقتصادية واجتماعية واضحة لا تليق بالوطن العربي وشعوبه. وحدّد المنظمون جملة أهداف لهذا المؤتمر وهي: - تشخيص ظاهرة الفقر في البلدان العربية إثر الأزمة المالية العالمية – تحديد أهم التحديات التي تواجه الحكومات العربية في القضاء على الفقر- رصد تجارب وسياسات ناجعة للتقليص من مساحة الفقر قصد الاستفادة منها. وفي هذا الإطار تم تسطير 5 محاور يتم مناقشتها والتداول بشأنها وهي: 1- الفقر ومستوى التنمية في الوطن العربي، 2- المستجدات الاقتصادية العالمية وانعكاساتها على الظاهرة- 3- تجارب الدول والمنظمات الدولية بهذا الخصوص، 4- تعاطي الحكومات العربية مع آفة الفقر، 5- الفقر في الاقتصاد الجزائري في ظل المتغيرات العالمية، وحول هذا المحور ينتظر أن يتم تشخيص السياسات الاقتصادية التي انتهجتها الجزائر للتقليص من مستوى الفقر وتقييم أدائها والسعي لترتيب معطيات تساعد على بناء نموذج لمعالجة الفقر باعتباره ظاهرة تعيق النمو. وللإشارة تؤطر المؤتمر لجنة علمية تضم أبرز الأساتذة والباحثين من أغلب الجامعات الجزائرية ومن بلدان عربية يحرصون على التزام النقاش بالمنهج العلمي، من خلال برنامج نقاش طيلة يومين، تكون فيهما الفرصة للباحثين والمتخصصين في الشؤون الاقتصادية والمالية والتنمية البشرية لتقديم مؤشرات ومحاور جادة تساعد القرار السياسي في البلدان العربية على رسم مقاربة مندمجة تنير الاتجاه للحكومات في التصدي للفقر، من خلال توظيف عقلاني للموارد المادية المالية والبشرية عبر رسم وإطلاق مشاريع جريئة بقوة دفع اقتصادية ولكن بروح اجتماعية وإنسانية أيضا، بما يبعد أي صدمة محتملة لتداعيات الأزمة المالية العالمية وإفرازاتها المختلفة ومن بينها ضرب استقرار المجتمعات العربية والدفع بها إلى أتون صراعات تعود بشعوبها إلى الوراء، فتضيع الخيرات وتتبخر الأحلام كما هو الحال في عدد من البلدان العربية التي وقعت في مصيدة المتربصين بخيراتها ولقمة عيش شعوبها.