أجمع، مختصون في علم الاجتماع والنفس وممثلون عن الأمن الوطني، على الارتفاع الكبير للجريمة خلال السنوات الأخيرة بالرغم من الإجراءات الوقائية والردعية لمصالح الأمن الو طني، لعدة أسباب لاسيما آثار العشرية السوداء، داعين إلى ضرورة تكاتف الجهود لمحاربة الجريمة من منبعها، عن طريق التربية السليمة والتوعية الدينية وكذا تحسين المحيط الاجتماعي للمواطن. سلطت، أمس، حصة "في الصميم" التي يبثها الفضاء الإذاعي للأمن الوطني، عبر أمواج الإذاعة الأولى، أمس، الضوء على موضوع "العنف في الوسط الحضري"، حيث استعرض محافظ الشرطة يحي جيلالي حصيلة نشاطات الشرطة الأسبوع المنصرم، ممثلة في تسجيل 150 قضية قتل، العام الماضي وتتصدر ولايات الشرق المرتبة الأولى ب 54 قضية، يليها الغرب ب40 قضية ثم الوسط فالجنوب. وأبرز محافظ الشرطة، الإجراءات التي اتخذتها المديرية العامة للأمن الوطني للتقليل من الجريمة عبر تدعيم وتعزيز الفرق القضائية، وتوزيعها العقلاني، وتسخير الدوريات والرقم الأخضر، والبرامج الوقائية طيلة السنة لمكافحة مختلف الآفات الاجتماعية والسلامة المرورية من خلال خلايا الإصغاء. من جهتها، أوضحت الأخصائية الاجتماعية زهرة فاسي، أن العنف له عدة وجوه وأسباب، كما أن له أنواع وهي العنف الظاهر المتمثل في العنف اللفظي، المعنوي والجسدي، والعنف الكامن الذي يشتمل العنف النفسي، مشيرة إلى أن العنف اللفظي يتسبب في العنف البدني، وأن هذا الأخير يؤدي إلى الجريمة. وفي هذا الشأن، أرجعت فاسي تفشي العنف في المجتمع الجزائري إلى مخلفات العشرية السوداء مثمنة في معرض تدخلها دور مصالح الأمن في الحفاظ على أمن المواطن والاستقرار، وحسبها أنه يجب محاربة الجريمة من منبعها وهي الأسرة ثم شبكات ترويج المخدرات، مضيفة أن ما ينقصنا هو خطاب ديني سليم وقيم إنسانية للتقليل من الجريمة، داعية لتضافر جهود الجميع. ويرى بوعلام كشاشة مختص في علم النفس، ضرورة تحسين السلطات العمومية الإطار الاجتماعي للمواطن وإعادة إلزام المدرسة بدورها الرئيسي في التربية، ومشاركة كل أطياف المجتمع، مبرزا أهمية المتابعة النفسانية للتقليل من العنف، كما اقترح وضع حلول مدروسة مبنية على أفكار علمية مع توفير المراكز المتخصصة في الدعم النفسي والمعالجة من الإدمان على المخدرات، ووضع سياسة للصحة النفسية في الجزائر، مشيرا إلى غياب دور المجتمع المدني في الميدان.