يقول الأديب الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله تعالى: لقد قرأت سير آلاف العظماء من المسلمين وغير المسلمين، فوجدت فيهم من هو عظيم بفكره، ومن هو عظيم ببيانه، ومن هو عظيم بخلقه، ومن هو عظيم بآثاره، ووجدت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد جمع العظمة من أطرافها، فهو عظيم الفِكر، والأثر والخُلق والبيان. وأقول اليوم: إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان أعظم من عمر في كل شيء، حتى في القوة التي كانت شعار عمر، وكانت عنوان شخصيته، فإن أبابكر الصديق رضي الله عنه الضعيف الجسد، الرقيق العود، لما بارى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في القوة كان هو الأقوى. إن عمر عظيم عظيم، لكن لايعدل أبا بكر الصديق رضي الله عنه. إنّ أبا بكر رضي الله عنه هو أعظم العظماء بعد الأنبياء، لقد أقر عمر بذلك بلسانه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتاريخه كله إقرار بذلك، ولا يعرف الفضل إلا ذووه، رضي الله عنهم. وحسبكم أن أبا بكر كان أسبق الرجال إلى الإسلام، وأنه كان أحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما خبَّر بذلك صلى الله عليه وسلم. ولقد تواجه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، لا مواجهة المتباريين، فما كانا يختلفان ولا في المزاح، بل مواجهة المتنافسين على درجة الامتياز في السباق إلى رضا الله تعالى. تواجها يوم قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ويوم السقيفة، ويوم بعث جيش أسامة، ويوم الردة، وكلها نوازل نزلت بالمسلمين، وفي النوازل الثقال توزن أقدار الرجال، فكان أبوبكر رضي الله عنه وعن عمر، أثبت في الشدائد، وأشجع في اقتحام الأهوال، وأكثر علماً بالله تعالى، وكان هو الأرجح في الميزان.