عرفت غالبية بلديات المدية خلال سنوات العشرية السوداء اعتداءً صارخا على أوجه معالم العمران بهذه الولاية الوسطى، بسبب هجرة الموطنين من القرى النائية والأرياف والمداشر المعزولة إلى عواصم كبريات الدوائر والضواحي القريبة منها، مشكلين بذلك أنسجة عمرانية مشوهة للمحيط من خلال اكتساح للأوعية العقارية الفارغة والهياكل والمدارس والأرصفة، والمشاركة بلا وعي في عملية ترييف المدينة دون وجه حق، كون أن السلطات المحلية كان دورها وقتها يقتصر اجباريا في السهر على توفير الأمن والطمأنينة والسكينة، مما جعل السكنات القصديرية والأكواخ "الطوبية" والمحلات الفوضوية تنتشر بشكل كبير ما تزال آثاره إلى يومنا هذا رغم الجهود المبذولة في الميدان لقلع دابر الأفعال المجرمة، فضلا عن تأثر التنمية المحلية بهذا الواقع جراء صعوبة انجاز هياكل عمومية استدعى في الكثير من الأحوال نقلها من منطقة لأخرى. وباشرت سلطات هذه الولاية بعد استتباب الأمن واطلاق برامج الدعم الخماسية، عمليات القضاء على السكنات الهشة والأسواق الفوضوية بالتنسيق مع المصالح الأمنية، غير أن "السياسة" التي انتهجها بعض رؤساء البلديات، حالت دون بلوغ الهدف المنشود بدليل فشل اقتلاع بعض الأنسجة العمراينة المشوهة للمحيط، كما هو الحال بالنسبة لحيي السطارة وقساسة بعاصمة التيتري بالمدية وحاليا أسفل عمارات حي قطيطن، بحيث ما يزال مواطنوها في حدود مئات الأسر مشردة تطالب من هذه السلطات بتوفير سكنات لائقة حتى يتمكن المسؤولون المحليون من اخلاء هذه الجيوب العقارية المتنازع عليها، والتي باتت تشكل خطرا على الساكنة العمومية نتيجة انجراف التربة. ويتعمّد بعض المواطنين في ظل هذه المعطيات السلبية على عدم احترام الأنسجة العمرانية من خلال انجاز أسوار وشرفات بقصد توسعة الشقق، ورمي الأتربة والردوم والزيوت، والتعدي على الطرقات العمومية والممرات بعرض السلع والمواد دون مراعاة الجانب الجمالي للأزقة والشوارع، واستغلال بعض القطع الأرضية لبناء مرائب دون رخص بناء قانونية، متسببين في ارتكاب مخالفات على حساب المحيط والبيئة، علاوة على ذلك تقوم بعض العائلات بوضع الهوائيات المقعرة على أسطح العمارات دون اللجوء إلى الأطر الجمالية، فيما تتهاون بعضها في نشر غسيل الملابس على الشرفات دون احترام الذوق العام للمدينة ورمي الأوساخ من أعلى النوافذ، من منطلق التحجج بضيق الشقق بالعمارات والأجزاء المشتركة. ويرى عبد الكريم بوخالفة، نائب رئيس بلدية المدية مكلف بالعمران، أن هناك الكثير من المواطنين من يتعمد القفز على القانون والإجراءات المعمول بها من خلال رفضهم احترام محتوى مخططات البناء المصادق عليها أو الإتصال بالمهندس المختص في مجال التوسعة أو التعديل، حيث يجر نفسه إلى الفوضى، وبعد قيام المصالح التقنية المكلفة بتقصي مخالفات العمران، يجد هذا المواطن نفسه في قفص الإتهام في عملية بحث غير مجدية للحلول بفضل التدخلات، مما يورط الإدارة ويجعلها بين حتمية إغماض العين بتوجيه له اعذار أو تطبيق القانون بهدم البناية بدون رخصة أو التوسعة المعاينة، علما أن غالبية المواطنين المعتدين على العمران، ولما تتخذ ضدهم اجراءات عقابية تجدهم يبررون أنفسهم بجهلهم للقانون، في حين يكون هذا الإعتداء ضرب للإجراءات على حساب المرفق العام أو المواطنين في حد ذاتهم. على صعيد آخر، وحسب حصيلة النشاطات لمختلف القطاعات المعروضة في شهر جوان 2014، قامت مديرية التعمير والبناء بهذه الولاية خلال عام 2014 بالتحسين الحضري لنحو 25 موقعا عبر الولاية بقصد الرقي بمعيشة المواطنين، إلى جانب التهيئة الحضرية ل 20 موقعا، والتحسين الحضري لقرابة 05 مواقع بكل من بلديات وامري، جواب، تجزئة ثلاث دوائر، بوشراحيل، البرواقية، فضلا عن التهيئة الحضرية ل 05 مواقع بكل من بلديات الميهوب مركز، حناشة، بني سليمان، والبرواقية، إلا أن هذا المجهود لم يأتي بالثمار المرجوة بسبب تأخر بعض المشاريع من جهة، وسوء عملية الإنجاز من جهة أخرى، بدليل ما أفرزته عملية التساقط الكبيرة للأمطار خلال هذا الفصل الشتوي، على اعتبار أن بعض السكان وجراء رميهم العشوائي للأتربة أثّر كثيرا في عملية الانجراف في ظل محدودية التشجير. هذا وكشف مؤخرا قائد المجموعة الولائية للدرك الوطني بهذه الولاية نهاية جانفي 2015، قيام أفراده بمعاينة 36 قضية تتعلق بشرطة العمران خصت البناء بدون رخصة، وتم على إثرها توقيف 36 شخصا قدّموا أمام الجهات القضائية لأجل المتابعة.