اعتمدت أغلب مصالح الحالة المدنية على مستوى بلديات سكيكدة على نظام الرقمنة، حيث انتهجت مؤخرا ذات المصالح إدخال السجلات القديمة للحالة المدنية على أجهزة الإعلام الآلي ورقمنتها بغرض عصرنة الإدارة، وتحديث مصلحة الحالة المدنية بغية تفادي الوقوع في الأخطاء في استخراج وثائق الحالة المدنية، غير أنّ الأخطاء ما تزال تتكرر بالرغم من اعتماد استحداث نظام الرقمنة، والتي من شأنها توفير خدمات جديدة في إصدار شهادات الميلاد بالشبابيك عن طريق الإعلام الآلي، غير أنه زاد من معاناة المواطن. فرغم نهاية عملية رقمنة سجلات الحالة المدنية بأغلب البلديات، هذه العملية التي جاءت لإنهاء معاناة المواطنين مع كابوس الأخطاء في مختلف الوثائق التي يتسبب فيها أعوان الحالة المدنية بجرة قلم، تجر الكثير منهم لأروقة المحاكم من أجل تصحيحها،إلا أن المتاعب نفسها إن لم تكن أكثر، الفرق فقط أنها كانت تتم بجرة قلم واليوم بالنقر. فالخطأ عندما يرد في كتابة الاسم أواللقب في شهادة ميلادها رقم 12، يتم تصحيحها بعد التأكد من أن الخطأ ليس واردا في السجلات لأنه في هذه الحالة سيتمّ توجيه المعني إلى المحكمة لتصحيحه، يبقى الأمر هينا لأنه لا يستلزم حكما قضائيا، وأن الخطأ وقع عند نقل الاسم من السجل إلى الكمبيوتر، فمنذ بدء استعمال الإعلام الآلي تضاعفت هذه الأخطاء على مستوى مدينة سكيكدة. فرقمنة وثائق الحالة المدنية لم تقض على الأخطاء، ولرصد هذه الظاهرة التقت جريدة «الشعب" بأحد المواطنين بمقر بلدية سكيكدة، حدّثنا متأسّفا: "ضيّعت يوما كاملا وسأضيّع آخرا ولا أعلم إن كان سيصحّح الخطأ"، حيث صرح أنّ والدته بعد 50 سنة من الزواج أصبحت غير متزوجة عندما استخرج شهادة الميلاد رقم 12 من أجل ملف، و«أنّ الوثيقة تحمل على الهامش عبارة لا شيء أي غير متزوجة. وعندما استفسرت قيل لي لتصحيح الخطأ يجب التوجه إلى البلدية التي تم بها عقد الزواج، حيث تم عقد القران لاستخراج إشعار ببيان الزواج من البلدية التي تم فيها عقد القران"، متسائلا "ألم يتم رقمنة السجلات؟ ألا توجد شبكة معلوماتية تربط بين البلديات؟ ". وأوضح موظفون بمصالح الحالة المدنية لبعض البلديات، بأنّ أغلب هذه الأخطاء ترجع لسوء الترجمة أثناء نقل المعلومات من السجلات الأصلية إلى أجهزة الإعلام الآلي، حيث كثيرا ما تنحصر الأخطاء المسجلة، مثلما أضافوا، في سوء كتابة الأسماء والألقاب وكذا تواريخ الميلاد ومكان الازدياد. فكتابة الاسم خطأ باللغة الفرنسية من بين أكثر الأخطاء الشائعة في بلديات ولاية سكيكدة، وعن طبيعة هذه الأخطاء وأسبابها، أشار مصدر من مصلحة الحالة المدنية ببلدية سكيكدة إلى الترجمة من الكتابة اللاتينية إلى العربية، التي أدت إلى وقوع الكثير من الأخطاء في أسماء عائلة واحدة أو عرش واحد، كما هو الحال بالنسبة لحرف "h "حيث يترجم أحيانا في بعض الأسماء بحرف "الهاء" وأحيانا أخرى بحرف "الحاء"، ومن هنا تبدأ المعاناة ورحلة البحث عن التصحيح، وإذا كانت الترجمة سببا مباشرا في وقوع الأخطاء. وقد تسبّبت ظاهرة الأخطاء الكثيرة التي باتت تسجل في هذه الوثائق التي يتم نسخها عن طريق أجهزة الإعلام الآلي، في مشاكل بالجملة لبعض ضحاياها وخاصة المقبلين على المسابقات الوظيفية ممّن وجدوا أنفسهم مضطرين لإلغاء مشاركتهم في هذه المسابقات، فقط لأن الفترة التي تستغرقها عملية تصحيح هذه الأخطاء طويلة ولا تكفي لتقديم الوثيقة المطلوبة في الملف داخل الآجال القانونية، وهذا دون الحديث عن التعطيلات الأخرى التي أرهقت أعصاب من يسعون إلى تجديد وثائقهم الإدارية بما فيها بطاقات الهوية وكذا رخص السياقة وحتى جوازات السفر، الذين أمضى بعضهم أسابيع طويلة من أجل استرجاع هوياتهم الحقيقية بعدما تاهوا بين مصالح الحالة المدنية وقاعات المحاكم التي تطلّبت حالات الكثير منهم اللجوء إليها من أجل تصحيح هذه الأخطاء.