يحيي الاتحاد العام للعمال الجزائريين اليوم العالمي للشغل هذه السنة من ولاية الوادي، حيث يسجّل وقفة للتّقييم، مثلما أكّده لخضر بدر الدين مستشار الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالمركزية النقابية. ويجري بالموازاة مع ذلك إعداد ميزانية عائلية رغم الاعتراف بصعوبة تحديدها في ظل تقلبات الأسعار وعدم استقرار الأسواق، إلى جانب التحضير لفتح السوق السنوي التضامني في شهر رمضان الفضيل، وتحدث عن التحديات الاقتصادية للمؤسسة الإنتاجية وكذا الاجتماعية للجبهة الاجتماعية. قال لخضر بدر الدين مستشار الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالمركزية النقابية، أنّ الاتحاد العام للعمال الجزائريين منظمة نقابية نشأت خلال ثورة التحرير المجيدة بهدف مشاركة العمال في تحرير الجزائر. وعقب الاستقلال، انخرط هذا التّنظيم النّقابي العتيد في معركة البناء والتّشييد، ورافق جميع المشاريع التنموية والاقتصادية التي جسّدتها الجزائر، ولديه مواقف مشرّفة عندما ساند في البداية تأميم المناجم عام 1966، وتأميم البنوك والتأمينات في نفس السنة، وكذا في تأميم شركات توزيع المواد البترولية والكيماوية في الفترة الممتدة ما بين 1967 و1968، وكان حاضرا بقوة في تأميم المحروقات. واستمر فوق ذلك في الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للعمال، والتي لا تتعارض مع المصالح الوطنية. وبخصوص موقع المركزية النقابية في المشهد الاقتصادي في ظل التعددية النقابية، وحقيقة وزن الاتحاد العام للعمال الجزائري من خلال تغلغله في القاعدة العمالية، أوضح إطار اتحاد العمال لخضر بدر الدين أنه عقب انتهاج الجزائر لاقتصاد السوق، كان صوت المركزية النقابية يجهر عاليا بضرورة انتهاج اقتصاد سوق ذا طابع اجتماعي، ولم يخف أنّه في ظل بروز نقابات مهنية، بقي الاتحاد العام للعمال الجزائريين متواجدا في أغلب القطاعات ويسيطر على القطاع الاقتصادي، في حين النقابات المهنية تتواجد فقط في قطاعات الوظيف العمومي الذي تكرّس فيه المطالب من خلال القانون. وهذه النقابات مجال افتكاكها للمكاسب محدود بما أنّه تضمّنها القانون الأساسي بكل قطاع تابع للوظيف العمومي. وبلغة الأرقام، لم يقدّم بدر الدين حجم المنخرطين في أكبر نقابة جزائرية من حيث التمثيل العمالي والتأسيس، واكتفى بالقول بأنّ عددهم بالملايين، وكل ما هو اقتصادي يتواجد فيه الاتحاد العام للعمال الجزائريين، كاشفا فيما يتعلق بالتعددية النقابية وغياب التمثيل النقابي في القطاع الخاص، وعقب إبرام اتفاقية مع منظمات أرباب العمل، يجري الحوار حاليا مع منتدى رؤساء المؤسسات من أجل إبرام اتفاقية أخرى مع القطاع الذي ينتمي إليه المنتدى، ورغم أنّ الدستور يمنح حق الممارسة النقابية، لكن ذلك التنظيم النقابي يقرّره العمال ويتوقّف على إرادتهم. وحسب تقدير مستشار الاتحاد العام للعمال الجزائريين، مازال العديد من أرباب العمل لم يكرّسوا ثقافة التنظيم النقابي، علما أنّ الرّقابة على هذه المسألة من صلاحيات مفتشيات العمل. ولاشك فإنّه في ظل ارتفاع فاتورة الاستيراد وإغراق السوق الوطنية بمنتجات مختلفة حتى تلك التي لا تطابق المعايير ومنها المنتجة محليا، فإنّ المؤسسة الإنتاجية في مواجهة منافسة شرسة، وتحتاج إلى تدابير استعجالية لإنقاذها. واعترف بدر الدين أنّ الآلة الإنتاجية الوطنية تواجه منافسة غير شرعية تجعلها في وضع غير مريح، في ظل وجود من يستورد منتجات بعيدة عن أي مواصفات الجودة ويطرحها في الأسواق بأسعار منخفضة، ولا يقدرون مخاطرها على المؤسسة الجزائرية. ودافع إطار المركزية النقابية باستماتة عن المؤسسة والإنتاج الوطني، داعيا إلى اغتنام الفرصة الحالية التي سجّل فيها تراجع أسعار النفط لبناء اقتصاد وطني قوي، ومنح الفرصة لانطلاقة حقيقية للآلة الإنتاجية، لأنّه يرى أنّ عدد المؤسسات التي تعاني قليل جدا. وبخصوص الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، يعتقد أنّ الاقتصاد الجزائري والمؤسسة على وجه الخصوص مازالت غير مهيّأة، لمواكبة المنافسة الشّرسة في الأسواق الدولية. ويبقى عدم التصريح بالعمال هاجسا يتوقف على مدى التغلب، والحد من السوق الموازية التي تستوعب عددا معتبرا من العمال، كما أوضح بخضر بدر الدين. وما تجدر إليه الإشارة، فإنّ المركزية النقابية التي تحضر لفتح سوق التضامن خلال شهر رمضان، من خلال تزويد المستهلك مباشرة من طرف المنتج، تقود هذه الأيام بالتنسيق مع وزارة التجارة مبادرة تشجيع اقتناء المنتوج الوطني، وتحدّث بدر الدين عن المبادرة حيث اعتبر أنّ أي استقرار اجتماعي، لا يتكرّس من دون تنمية اقتصادية، والتنمية المنشودة لا تتحقق بدون إنتاج واستهلاك، ويساهم ذلك في كبح الاستيراد. وحمّل بدر الدين المضاربة المسؤولية في ارتفاع الأسعار والتهاب الأسواق كون تسقيف الأسعار متناقض مع اقتصاد السوق، لكن لم يتحكم في الأسواق بعد، مقترحا العودة إلى فتح أسواق شبيهة ما كان يعرف بأسواق الفلاح وأروقة الجزائر، خاصة أنّ محلاتها تعاني من الإهمال ومنها ما آل إلى وجهة أخرى، لأن هذا يمنح للدولة آليات لفرض صرامة الرقابة. ولم يخف المستشار في الاتحاد العام للعمال الجزائريين صعوبة وضع ميزانية عائلية في ظل تقلبات الأسعار وعدم استقرار الأسعار، لكن رغم ذلك فالشّريك الاجتماعي يعكف على إعدادها.