اقتحام الحرفي العصرنة والتكنولوجيات الحديثة ضرورة حتمية جمعية أصالة للفنون والصناعات التقليدية بتلمسان، جمعية تحاول مند عشريتين المحافظة على ثرات منطقة الزيانيين من لباس تقليدي، وحرف يدوية متوارثة أبا عن جد، وطبخ وصناعة الحلي والمجوهرات والسروج، وكذا حياكة المنسوج والحايك التلمساني الشهير المعروف ب "المرمة". أكد نهاري نايت سماعين، حرفي ونائب رئيس جمعية أصالة للفنون والصناعات التقليدية بتلمسان، في حديث "للشعب"على ضرورة إشراك الحرفي الجزائري في اتخاذ القرارات الخاصة بقطاع المهن، كونه المعني الأول بالأمر والملم بكل صغيرة وكبيرة بمهنته، مشيدا في ذات السياق بكل المجهودات التي تتخذّها الحكومة من أجل ترقية وتطوير وتسويق المنتوج الجزائري التقليدي. وكشف نهاري نايت في حديث ل«الشعب"، الجهود التي تقوم بها الجمعية من اجل حمل صوت حرفيي وحرفيات تلمسان إلى كل الجزائريين وحتى بالخارج، وتسليط الضوء من خلال المشاركة في التظاهرات على ما تزخر به المنطقة من فنون وإبداعات وحرف تضرب جذورها في الماضي العريق. "نعرض كل ما له علاقة بالتراث من لباس، حلي، تحف للتزيين، الطبخ التقليدي ومن أهدافها تقديم الدعم المعنوي للحرفي ومرافقته وتشجيعه للترويج وتسويق منتوجه"، كما نقول له، يضيف نهاري نايت، أن "الصناعة التقليدية هي ثروة ومصدر عيش واقتصاد وليس مجرد حرف لإنتاج مواد للزينة والديكور". وبحكم أن أكثر من 30 بالمائة من سكان تلمسان حرفيين، بل كل امرأة من نساء تلمسان تمتهن حرفة ما، خاصة في مجال النسيج واللباس التقليدي والطبخ. وتساعد الجمعية بالتفاوض على أسعار مشاركة الحرفيين مع منظمي في المعارض والصالونات، حتى تتسنى لهم تقديم فنهم وإبداعاتهم. اللباس التلمساني تراث عالمي مند 2012 وقد ساهمت الجمعية في تصنيف اللباس التلمساني كتراث عالمي من قبل منظمة اليونيسكو، حيث أوضح نائب الرئيس في هذا الشأن، قائلا: "إن اللباس المصنف يجمع بين مواهب 14 حرفيا مختلفا، وهو الأمر الذي أدى بالجنة المكونة من 50 اختصاصي لاختياره في ديسمبر 2012 كتراث للإنسانية، وقد قدم اقتراح المشروع من قبل وزارة الثقافة، خلال فعاليات تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية". وفي سياق حديثه، عرّج نهاري نايت، على "تنوع الحرف التي تزخر بها ولاية تلمسان والتي تبناها سكان منطقة الغرب الجزائري، مثل صناعة السروج، والحايك، والحلي التقليدية، والمنسوج، مشيرا إلى أهمية المبادرة التي اتخذتها وزارة السياحة والصناعة التقليدية بمنع استيراد كل ما هو منتج بالجزائر، والتي ساعدت على تحفيز الحرفيين وتمسكهم بمهنهم". وبخصوص التكوين وتلقين خصوصيات المهن للحفاظ عليها وتوارثها بين الأجيال، أكد نائب رئيس جمعية أصالة، أن "هاته الأخيرة تسعى جاهدة لتوعية وتحسيس الشباب على التعلم والحفاظ على مهنة الأجداد، كونها تراث وتقليد وهوية، كما أنها مصدر عيش يمكّنهم من خلاله بناء مستقبلهم بكل اطمئنان". وتشجع الجمعية أيضا، يقول ممثلها، "الحرفيين خاصة الشباب منهم على الخروج من ورشاتهم للمشاركة في المعارض وعلى التكوين المتواصل والانفتاح على التكنولوجيات الحديثة من اجل تحسين النوعية والعصرنة ومواجهة المنافسة وكذا تلبية أذواق الزبائن". وفي ذات السياق، تساهم الجمعية في عملية توعية وتحسيس الحرفيين وإرشادهم للاستفادة من كل الميكانيزمات التي وضعتها الحكومة الجزائرية من اجل تشجيع وترقية الصناعة التقليدية، ككيفية إنشاء المؤسسات الصغيرة والتسهيلات التي يتلقاها الحرفي، مشيرا، أن الشباب الجزائري اليوم مثقف ومتعلم ومتفتح على التكنولوجيات الحديثة، وهي كلها مؤشرات تساعده في شقّ طريقه في مجال الحرف والمهن بكل سهولة. أصالة في سطور أنشئت الجمعية في شهر ماي 1995، وهي تحتفل هذه السنة بشمعتها العشرين. من أهداف الجمعية المحافظة على التراث وإبراز وتشجيع السياحة والصناعة التقليدية لولاية تلمسان. شاركت الجمعية مند نشأتها في الكثير من النشاطات والتظاهرات الثقافية، كما قامت بالعديد من الجوالات قادتها إلى كل الولايات الجزائرية، ولم توقف نشاطها حتى خلال العشرية السوداء هذا إلى جانب مشاركتها في العديد من المحافل الدولية. وقد كللت كل هذه المجهودات بالعديد من الجوائز والتكريمات والشهادات الشرفية، حيت لاقت الجمعية تجاوبا كبيرا مع الجمهور من هواة الأصالة وعراقة التقاليد الجزائرية .