بادر أمس مجلس الدولة إلى تنظيم ملتقى دوليا لمناقشة مستجدات أحكام قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد تدعيما لسلسلة الملتقيات والأيام الدراسية التي سبق لوزارة العدل تنظيمها للتعريف بهذا القانون الجديد، و ذلك تحضيرا لدخول هذا الأخير حيز النفاذ ابتداء من 23 افريل المقبل، حسبما كشفته رئيسة مجلس الدولة في كلمتها الافتتاحية لأشغال الملتقى الذي حظره 250 مشاركا من قضاة المحكمة العليا ومجلس الدولة، ورؤساء الغرف الإدارية بالمجالس القضائية، و إطارات من وزارة العدل، و ممثلين عن الجماعات المحلية و كذا قانونيين، بالإضافة إلى قضاة من بعض الدول كمصر و تركيا وفرنسا وبلجيكا وتونس والمغرب والبرتغال واسبانيا و بوركينافاسو. وأكد المتحدثون في ذات السياق أن القانون الجديد يدخل ضمن جملة الإصلاحات التي تشهدها المنظومة القضائية والتي ترمي إلى استعادة ثقة المواطن بالدولة والإدارة و وسلطاته، باعتباره جاء ليلغي ويعوض أحكام قانون سنة 1966 الذي اظهر قصورا عند تطبيقه رغم التعديلات العديدة التي تم إدراجها عليه، كما يهدف من ناحية أخرى إلى مسايرة التطورات على المستوى الدولي من خلال عصرنة وتحديث النصوص القانونية مع التغيرات الحاصلة على الصعيدين الوطني والدولي وسد ثغرات قانون .1966 وستشرع وزارة العدل في العمل بأحكام قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد بعد أكثر من سنة ونصف السنة من صدور القانون في الجريدة الرسمية وهي المدة التي قضاها المحامون وقضاة الحكم والنيابة وكل المشتغلين في قطاع العدالة في بحث واستيعاب نصوص هذا القانون الذي يعتبر الأضخم من نوعه في تاريخ الجزائر المستقلة . ويعتبر قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه مطلع 2008م ، بمثابة ثورة في المنظومة القانونية الجزائرية بالنظر إلى عدد المواد التي يتوفر عليها هذا القانون والتي تقدر 1063 مادة مقارنة بالقانون المعدل الذي لم تكن مواده تتجاوز 500 مادة فقط، بالإضافة إلى الجوانب الجديدة التي عالجها والتي روعيت فيها التطورات التي عاشتها البلاد، بحيث أن هذا الأخير يتضمن كل المبادئ الأساسية التي تقوم عليها المحاكمة العادلة تجسيدا لأحكام الدستور في مجال حمايته لحقوق الأشخاص أمام القضاء، كما تبرز أهميته في ضبط الشروط الشكلية و الموضوعية لقبول الدعوى ومنح القاضي دورا إيجابيا في إدارتها مع التزامه بمبدأ الحياد عند الفصل في النزاع. من جهة أخرى، فان القانون الجديد يكرس مبدأ الصلح و الوساطة في جميع المواد كبديلين للدعوى القضائية في حل النزاعات ما من شأنه أن يقلل من عمليات اللجوء إلى التقاضي، ومن ثم تخفيف العبء على مؤسسات العدالة من محاكم ومجالس وكذا المحكمة العليا، وذلك من خلال تكليف وسيط حيادي معروف باتزان سلوكه وأخلاقه، بالقيام بوساطة تحت إشراف قاض وهي العملية التي تسهل الوصول إلى حل قريب بين الطرفين المتخاصمين مع المحافظة على علاقاتهما، فضلا عن تكريس الأقطاب المتخصصة و المختصة بالنظر في بعض المنازعات ذات الطبيعة الخاصة خاصة مع التوجه الاقتصادي الجديد مثل منازعات الإفلاس والتسوية القضائية و التجارة الدولية و الملكية الفكرية و البنوك و المنازعات البحرية. وما تجدر إليه الإشارة أن القانون الجديد قد نص على استحداث منصب قاض متخصص في شؤون الأسرة ضمانا للتكفل بكل المسائل الأسرية والذي منحت له صلاحيات واسعة في اتخاذ الإجراءات التحفظية و الوقائية أثناء سير الدعوى، بالإضافة إلى استحداث قواعد إجرائية تنظم إجراءات الطلاق وإجراءات الولاية على النفس و المال وإجراءات التحقيق الاجتماعي و النفسي و العقلي عن والدي القاصر أو من له الولاية عليه لمعرفة الظروف الاجتماعية التي تحيط بحياة القاصر. و في نفس السياق فان القانون الجديد يضمن تطبيق المبادئ التي تتضمنها المعاهدات و الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر فيما يخص الإجراءات المدنية و الإدارية، على غرار حق اللجوء إلى القضاء و المساواة بين الخصوم أمامه في المراكز القانونية بحيث سيتم تركيز النقاش في أشغال الملتقى على بعض الأحكام الجديدة التي جاء بها قانون الإجراءات المدنية والإدارية كالطرق البديلة لحل النزاعات، و الغرامة التهديدية و الأوامر في مواجهة الإدارة.