الحديث عن مقومات الفلاحة والاستثمار في مجال الصناعات الغذائية، يجرنا إلى تناول قطاع الزيتون في منطقة سيق، باعتباره أحد المقومات الأساسية للإنتاج المحلي، المعروف والسمعة العالمية، التي تفتح أبوابا واسعة نحو الاستثمار المنتج، فزراعة الزيتون بمنطقة سيق، صنعة توارثتها الأجيال تضاف إليها مجهودات الدولة لتحفيز الإنتاج وتمكينه من الاحتفاظ بالريادة الوطنية في هذا المجال وحتى دوليا، من خلال ما يتم مع خبراء الاتحاد الأوروبي، لمنح الوسم على المنتوجات المحلية لزيتون المائدة «سيقواز»، بقصد تثمين منتوج المنطقة وتمييزه عن المنتوجات المماثلة في الأسوق الخارجية. وعن أفاق انتاج الزيتون بمنطقة سيق على وجه الخصوص وبولاية معسكر عامة، أشار الأمين العام للغرفة الفلاحية السيد بوعلام دنة، إلى وجود 2000 منتج زيتون بولاية معسكر، يمارسون النشاط على مساحة 15 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية المترامية الأطراف منها أكثر من 6 ألاف هكتار بمحيط سيق المسقي، وترافق الإنتاج بالمنطقة 400 مؤسسة لتحويل الزيتون، واستنادا إلى الارتباط الوثيق بين الإنتاج وما يجب توفيره من مؤسسات مختصة في الصناعات التحويلية، فإن المحادثات التي انطلقت هذه الأيام بين خبراء الاتحاد الأروبي ومنتجي الزيتون بمنطقة سيق في إطار اتفاقية تعاون لتبادرل الخبرات وتأطير المنتجين، فإن منح منتوج «سيقواز» العلامة التجارية المسجلة، من شأنه تشجيع وتثمين إنتاج الزيتون محليا، وقد أوضح بوعلام دنة أن الهدف الأسمى من عملية التوأمة التي انطلقت في السنة الماضية بين خبراء الاتحاد الأروبي ومنتجي الزيتون بمنطقة سيق، تحت إشراف الوزارة الوصية، يصب في إطار تأهيل المنتوج المحلي والحفاظ على صنف ال»السيقواز» كتراث فلاحي خاص بالمنطقة ومنحه القيمة التي يستحقها في السوق المحلية والعالمية، وأكد المسؤول بالغرفة الفلاحية لولاية معسكر، أن توسيع مساحة الأراضي الفلاحية المسقية بعد استقبال مشروع محيط سهل غريس وسهل كشوط المسقيين، من شأنه أيضا أن يفتح أفاقا واسعا في مجال زراعة و إنتاج الزيتون بولاية معسكر، مما يمكن على حد قوله المؤسسات التحويلية المتموقعة في سيق من الاكتفاء وبلوغ المستوى المطلوب من حيث إنتاج زيتون المائدة ذي الجودة العالية، موضحا ان ولاية معسكر تنتج سنويا ما قدره 500 ألف قنطار من الزيتون، توجه نسبة كبيرة منه للتصبير. وعلى العموم تؤكد الأرقام المستقاة من مختلف مصالح القطاع الفلاحي، أن زراعة الزيتون قد عرفت خلال العقدين الماضيين تطورا ملحوظا تجاوز نسبة 100٪، حيث ارتفعت المساحة الإجمالية المغروسة بأشجار الزيتون من 7 ألاف هكتار عام 1999 إلى 15 ألف هكتار حاليا، منها 12 ألف هكتار دخلت مرحلة الإنتاج، بحيث أن التطور المسجل في هذه الزراعة سمح لولاية معسكر من احتلال الريادة في مجال إنتاج زيتون المائدة والمرتبة الثانية من حيث إنتاج زيت الزيتون، وحسب المصالح الفلاحية بمعسكر، فإن المنطقة عرفت للسنة الخامسة على التوالي نموا ملحوظا في شعبة الزيتون بفضل سياسة الدعم المنتهجة من طرف الدولة لصالح منتجي الزيتون على أكثر من صعيد كدعم شراء الأسمدة بنسبة 20٪، ودعم اقتناء الشتلات ودعم السقي بالتقطير للغرس الجديد، ودعم منشآت تصبير الزيتون وعصره وغير ذلك من أشكال المساعدات المباشرة وغير المباشرة لهذه الشعبة الفلاحية، وتشير المعطيات المتوفرة حول الدعم المالي المخصص لشعبة زراعة الزيتون بولاية معسكر خلال المخطط الخماسي الأول إلى استثمارات يزيد مبلغها عن44,1 مليار سنتيم منها ما 28,2 مليار تمثل مبلغ دعم الدولة، وقد سمحت هذه المساعدات بغرس 2800 هكتار من أشجار الزيتون وتجهيز 1200هكتار أخرى بشبكات للسقي بالتقطير وإنجاز 26 وحدة لتصبير الزيتون ومعصرتان لإنتاج زيت الزيتون. أما المخطط الخماسي الثاني فرصد هو الآخر أكثر من 31 مليون دج لدعم حوالي 200 فلاح من منتجي الزيتون وتمّ تخصيص ربع هذا المبلغ لغرس حقول الزيتون الجديدة، إضافة إلى تخصيص مساحة 30 ألف هكتار كحصة ولاية معسكر التي تمخض عنها برنامج الدولة في غرس مليون شجرة عبر الوطن وقد قدرت المصالح الفلاحية بمعسكر أن مساحة 311 هكتار فقط تمّ غرسها بالتنسيق مع محافظة الغابات وكذا مبادرات الفلاحين، بالرغم من التحفيزات المقدمة للفلاحين الذين يبقى عزوف القلة منهم يقتصر على محدودية حصص السقي الفلاحي خارج محيط سيق الذي حظي بعملية تهيئة، وكذا نقص اليد العاملة في مجال التلقيم، حيث جاء في شأن ذلك عدة دورات تكوينية بإشراف الغرفة الفلاحية لتأطير وتكوين أبناء الفلاحين تقنيات تلقيم أشجار الزيتون من طرف الفلاحين المختصين وذوي الخبرة الطويلة في المجال، فضلا عن ما أتاحته مشاريع الدولة لتأهيل المحيطات المسقية، على غرار محيط سيق ومحيط غريس وكشوط، الأمر الذي سيساهم في تحفيز الفلاحين على غرس الجيوب الشاغرة في مناطق البنيان و غريس و وادي التاغية التي تتوفر حاليا على 2000 هكتار من حقول الزيتون.