قال الله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الأمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِي...} (سورة التين). لقد أقسم الله تعالى بشجرة التين وشجرة الزيتون، وبجبل الطور في سيناء وبمكة المكرمة، ليؤكد على قضية هامة جداً وهي أنه سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن خلقه (كما ذكر مجاهد) وفي أحسن صورة (كما ذكر قتادة والكلبي). فلا يمكن أن يكون في خلق الله نقص ولا زيادة ولا عبث، فكل شيء عنده بقدر يقول الله تعالى: {إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} «القمر: 49» لقد كتبنا هذه المقدمة تمهيداً لعرض اكتشاف مذهل تسابقت وسائل الإعلام على نشره في صفحاتها الرئيسية، وهو أن الزائدة الدودية التي كان يظن الناس خطأً منذ عقود أنها عضو زائد في جسم الإنسان لا فائدة لها ظهر للعلماء أن لها منافع هائلة. فقد قال فريق طبي أمريكي قبل أيام، أنه اكتشف الدور الحقيقي للزائدة الدودية التي تحيّر العلماء، وأنّها مسؤولة عن إنتاج وحفظ مجموعة متنوعة من البكتيريا والجراثيم التي تلعب دوراً مفيداً للمعدة. ولفت الفريق التابع لجامعة ديوك الأمريكية «Duke university»، إلى أنّ هذا الاكتشاف قد يحسم الجدل حيال الدور المفترض للزائدة الدودية، بعد أن اعتبرت مدارس الطب الرسمية لعقود طويلة أنها عضو فقد دوره مع تطور الإنسان، وبات من الممكن إزالته دون ارتدادات سلبية، فقد كانت الزائدة دليلاً من الأدلة المزعومة لنظرية التطور الهالكة، فانقلب السحر على الساحر وأصبحت دليلاً على وجود التقدير في الخلق، وأصبحت من الأدلة الهامة التي تدحض نظرية التطور والصدفة في الخلق. ووفقاً للدارسة التي أجراها الفريق ونشرها في مجلة الطب النظري، فإن عدد الجراثيم والبكتيريا التي يحويها جسم الإنسان تفوق عدد خلاياه، لكن السواد الأعظم من هذه الكائنات الدقيقة يمارس دوراً إيجابياً داخل الجسم، ويساعد على هضم الأطعمة. وتشير الدراسة إلى أن أمراضاً معينة، مثل الكوليرا أو الإسهال الشديد، قد تؤدي إلى إفراغ الأمعاء من هذه البكتيريا والجراثيم المفيدة، وهنا يبدأ دور الزائدة التي يتوجب عليها في هذه الحالة العمل على إعادة إنتاج وحفظ تلك الجراثيم. وللتأكيد من صحة ما ذهبت إليه، اعتبرت الدراسة أن موقع الزائدة الدودية في الطرف الأسفل من الأمعاء الغليظة، التي تعتبر ممراً أحاديا الاتجاه للطعام، تشكّل دليلاً على ذلك..نريد أن نسأل من الذي ألهم الخلايا أن تقوم بتخزين الجراثيم المفيدة في عضو صغير كمستودع، وعند حدوث نقص في عدد الجراثيم المفيدة يتم تعوض النقص مباشرة. هل يمكن أن يحدث هذا بالصّدفة؟ هل كانت الخلايا تعرف مسبقاًً أهمية الجراثيم المفيدة، فقامت بتخزينها لحين الحاجة إليها؟ أصلاً الإنسان مع كل التجهيزات والعلوم التي يمتلكها لم يكن يعرف ما فائدة هذا العضو (الزائدة الدودية) ولا الجراثيم المفيدة إلا مؤخراً. أم هناك قدرة عليا (قدرة الله) تقدر وتبرمج هذه الخلايا لتقوم بهذه المهمة؟ إنّه الله سبحانه وتعالى الذي يستحق منا التفكر والحمد والخشوع والسجود إجلالا لفضله علينا، بأن وهبنا جسداً في أحسن تقوم لا يمكن لأحد أن يصنع خلقاً مشابهاً لخلقه لا صورة ولا معنى. يقول الله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار} «آل عمران: 191». المصدر: موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة