استقرار المنظومة التربوية الهدف الأسمى وقعت، أمس، النقابات الوطنية الثمانية مع وزارة التربية الوطنية، ميثاق أخلاقيات القطاع، بعد مشاورات وحوارات موسعة قامت بها الوزارة على مدار عامين، وذلك لإقناعها بضرورة التوقيع على الميثاق الذي يفتح صفحة جديدة في تاريخ المدرسة الجزائرية باعتباره الأول من نوعه في تاريخ الجزائر المستقلة وهو ما اعتبرته بن غبريت والنقابات الموقعة عهدا جديدا يهدف لاستقرار التلميذ والمنظومة التربوية ككل. في كلمتها أكدت نورية بن غبريت خلال مراسم التوقيع التي جرت بدائرتها الوزارية، أن الحدث لم يكن يرى النور دون التزام الحكومة وقناعة رئيس الجمهورية، مضيفة أنه لم يكن من السهل إقناع النقابات بالتوقيع على الميثاق بعد 17 شهرا من النقاش والحوار. وأكدت بن غبريت، استعداد وزارتها الكامل للإصغاء لانشغالات النقابات والتزامها بمعالجة الصعوبات التي تواجه العمال، مشيرة إلى حرص السلطات العليا للدولة على الذهاب نحو بناء مدرسة نوعية ومنصفة، قوية في جزائريتها وشاملة للجميع ضمانا لاستقرار التلميذ الذي يمثل العنصر الأول بها. وتم التوقيع على ميثاق أخلاقيات المهنة من طرف ثماني نقابات من أصل تسعة، بحسب ما أكدته وزيرة التربية الوطنية قائلة، إن التوقيع تم تطبيقا لما جاء في بيان 19 أكتوبر وهو يؤكد أنه من الممكن الدفاع على حقوق الموظفين كنقابة ولكن في نفس الوقت تلبية نداء الواجب. وأوضحت بن غبريت، أن الهدف الأساسي من هذا الميثاق الأخلاقي التربوي، هو أنه “يساعد جميع الأطراف من نقابات وأولياء التلاميذ في توفير المناخ الملائم لسير المؤسسة التربوية والذهاب نحو بناء مدرسة نوعية، منصفة وقوية”، مؤكدة أن المقاربة التوافقية في غايات ووسائل ميثاق الأخلاقيات التي بادرت به وزارة التربية الوطنية، تبعا لتوصية الندوة الوطنية حول تقييم تنفيذ إصلاح المدرسة في جويلية 2014 والتي تم التأكيد عليها في جويلية 2015، تتوخى كهدف الانخراط الحر والواعي وبكل عقلانية لكل المتدخلين في المدرسة الجزائرية لإخراج قطاع التربية الوطنية من وضعية اللاإستقرار المزمن التي ميزته في السنوات الأخيرة والوصول إلى توافقات ديناميكية تسمح ببروز عائلة تربوية واعية بالرهانات الاجتماعية الحالية من جهة، وكذا الطموح في تطوير مدرسة ذات نوعية وحتى ريادية كطموح شرعي لمجتمعنا. وأشارت بن غبريت، إلى أن “إرادة تجسيدها يبقى عملا محسوسا”. وأفادت أن تبنّي مبادئ الأخلاقيات لا يأخذ كل قيمته إلا إذا أوحت لمختلف مستويات المنظومة التربوية بسلوكات الأعوان والفاعلين المتدخلين من مدرسين وتلاميذ وإداريين ونقابات وأولياء تلاميذ وجمعيات، مضيفة أن أحد أهداف هذا الميثاق هو المساهمة ضمن المجموعة التربوية في جمع ظروف وتنشيط تجسيد المبادئ التي صيغت في النصوص الأساسية المتعلقة بالتربية وذلك بتحديد طبيعة القواعد الأخلاقية التي يجب أن تحكم نشاط أعضاء الجماعة التربوية. وصرحت بن غبريت قائلة: “إن الميثاق يساعد على إرساء مناخ ملائم للسير الحسن للمؤسسة التعليمية وعلى تنظيم الجماعة التربوية”، مؤكدة أن أعضاء الجماعة التربوية، من وزارة ونقابات، يثمنون الأحكام الاجتماعية والمهنية التي قدمتها الوصاية. وكذا مناخ العمل والاستقرار الذي نجم عن التدابير الجديدة المتعلقة بالترقية في الرتبة، النظام التعويضي، التكوين والتسوية والتكفل الاجتماعي المتعلق بطب العمل، الخدمات الاجتماعية والرقمنة وهيئة التفتيش. كما قالت بن غبريت، إن العائلة التربوية مطالبة بهذه المناسبة بتثمين وتدعيم هذا الاستثمار الوطني لصالح مستخدمي المنظومة التربوية بتبني ميثاق أخلاقيات المهنة في المنظومة التربوية الجزائرية كإشارة لها دلالة اجتماعية ذات قيمة لا تحتاج إلى تعليل في السياق الاقتصادي والجيوسياسي الحالي لبلدنا، مؤكدة على أحقية ميثاق أخلاقيات المهنة وأهمية محتواه لضمان استقرار المدرسة الجزائرية. من جهتهم ممثلو النقابات الموقعة وجمعيات أولياء التلاميذ، أشادوا بالحدث التاريخي الذي يضاف إلى إرادة وزيرة القطاع الصادقة في حل مشاكل العمال، معتبرين ذلك سابقة في تاريخ الجزائر، بما يخدم مصلحة المدرسة الجزائرية وفي مقدمتها التلميذ، مؤكدين القطيعة مع عهد الإضرابات الذي لم يجن منه القطاع سوى تأخر المدرسة عن الركب. ويمثل التوقيع على ميثاق أخلاقيات المهنة، خطوة جديدة في تاريخ قطاع التعليم ببلادنا، لاسيما وأنه يجسد مبدأ الحوار والتشاور في طرح الانشغالات ورفع المطالب. وفي هذا، نفى ممثلو النقابات أن التوقيع لا يعني رفع المطالب، بحسب ما تروج له بعض النقابات، في إشارة منهم إلى نقابتي “الكلا” والكنابست” اللتين لم توقعا على الميثاق. ونوّه ممثلو النقابات الموقعة على ميثاق أخلاقيات قطاع التربية الوطنية، بمجهودات بن غبريت في دعم استقرار المدرسة الجزائرية من خلال حلحلة الأوضاع مع الشركاء الاجتماعيين. وفي هذا الصدد، قال فرحات شابخ، رئيس النقابة الوطنية لعمال التربية، إن عملا جبارا قامت به الوزيرة في تاريخ الوزارة.